الضجيج المسائي يضعف مناعة الأطفال وقابليتهم على التعلم

TT

قدرت وزارة البيئة الالمانية عام 2000 ان الضجيج الصادر عن السيارات والطائرات والحركة والمصانع وغيرها يودي بحياة 2000 انسان سنويا وإصابة مئات الآلاف بثقل السمع وضعف التركيز واضطراب النوم وغيرها.

وتشير دراسة حديثة نشرت اخيرا في برلين وأجريت على الأطفال ان الضجيج يضعف مناعة الأطفال، ويعزز مخاطر إصابتهم بأمراض بالحساسيات ويضعف قدراتهم على التعلم. وشملت الدراسة حوالي 400 طفل تتراوح أعمارهم بين 5 و11 سنة يعيشون في منطقة اوستيرودة الالمانية وخضعوا لإشراف الأطباء المختصين طوال شهر في إحدى المصحات.

وقدر الأطباء في نهاية الدراسة ان 17% من هؤلاء الأطفال يعانون من «ضغط كبير» سببه ضجيج الشوارع في مناطقهم السكنية التي تعتبر من المناطق الهادئة مقارنة بالمدن الكبيرة. هذا إضافة الى نسبة 29% يعانون من «ضغط متوسط» سببه الضجيج ونسبة 54% تعاني من «ضغط قليل».

وثبت من خلال الفحص الطبي وجود علاقة أكيدة بين الأمراض التي يعاني منها الأطفال وبين الضجيج والمواد الضارة الصادرين عن حركة النقل. واتضح ان الصبيان والبنات الذين صنفوا ضمن المعرضين لضغط عال او متوسط معرضون 5 مرات أكثر من غيرهم للإصابة بالتهابات القصبات الهوائية وثلاث مرات أكثر للجلاد العصبي في الجلد. وحينما قارن الأطباء النتائج بين التلاميذ الذين يعيشون قرب الشوارع العامة والتلاميذ الذين يعيشون في القرى تبين ان الأوائل اكثر عرضة ثلاث مرات من الآخيرين لاختلال الشخصية والسلوك.

ويتسبب الضجيج عادة بإصابة الانسان بالتوتر، وهي حالة تتبدى بوضوح بين الأطفال حسب تقدير رئيس فريق العمل الدكتور هارتموت ايزينغ المختص بأمراض الضجيج. الا ان تأثير الضجيج على الأطفال يزداد مساء وخصوصا لدى الأطفال الذين يرتفع مستوى الضجيج الذي يتسلل الى غرفهم الى 55 ديسبل. ويصبح هؤلاء الأطفال مع مرور الوقت أكثر عرضة من غيرهم للإصابة بالصداع النصفي (الشقيقة) وارتفاع نسبة الكوليسترول في الدم، بل وحتى الإصابة بالأمراض السرطانية.

ويرتفع خطر ضغط الدم العالي عند هؤلاء الأطفال مرتين عنه عند الأطفال الاعتياديين. كما يعاني الأطفال المعرضون لضجيج المساء، وخصوصا قرب المطارات، من مشاكل بدنية سببها كثرة إفراز هرمونات التوتر مثل الادرينالين والنورادرينالين والكورتيزول. وبالنظر الى ان نظام مناعة الانسان يتعلق الى حد كبير بالنوم المريح وقلة التوتر وانخفاض الكورتيزول في الدم فقد تبين ان الضجيج المسائي اضر كثيرا بمناعة الأطفال الذين يعيشون قرب مصادر الضجيج المسائي. ويقول الدكتور ايزينغ ان آلية عمل الضجيج السلبية على نظام المناعة غير معروف حتى الآن الا ان دور الضجيج لا يمكن إغفاله في القضية.

وأعادت الدراسة العديد من حالات الربو والحساسية والتهاب القصبات بين الأطفال الى ضرر ذرات السخام والمواد الضارة الاخرى التي تلوث الجو. ويقدر الخبراء ان ذرات السخام والمواد الكيماوية المتطايرة من عوادم السيارات مسؤولة عن تلوث الجو بنسبة 42%. وكان الضجيج عاملا مساعدا فاقم هذه الإصابات بين الأطفال بفعل تأثيره على التوتر واضطراب النوم ونظام المناعة.

وكانت دراسة حول الضجيج من بافاريا قد أثبتت بشكل لا يقبل الشك علاقة الضجيج المسائي بأمراض الأطفال. أجريت الدراسة فحوصات سريرية على الأطفال المقيمين في المناطق المحيطة بمطار ميونخ ـ ريم أثناء عمل المطار وبعد سنتين من نقله من مكانه. وأتضح من الدراسة ان الكثير من أمراض الأطفال مثل الربو وضعف التركيز وقلة المناعة قد اختفت او قلت كثيرا لدى الأطفال بعد نقل المطار.