استخدام سموم بعض أنواع الجراثيم من أجل تحريك الأيدي المشلولة بعد السكتات الدماغية

62 في المائة من المرضى الذين خضعوا للسموم استعادوا الحركة * غرام واحد من السموم يكفي لقتل مليون شخص

TT

اصبحت السكتات الدماغية من اهم العوامل المسببة للموت لدى كبار السن، خصوصا في اوروبا والبلدان الصناعية عموما. الادهى من ذلك هي حالات الشلل النصفي التي تصيب الناجين من السكتات الدماغية وتنغص حياتهم وحياة اهاليهم طوال الفترة التي يبقون فيها على قيد الحياة.

ويبدو ان الامل في اعادة تحريك اليد المشلولة بتأثير السكتة الدماغية ينبع من سم البوتيولينوم Botulinum Toxin، احد اكثر السموم فتكا في العالم، حسب دراسة اميركية جديدة نشرت في العدد الاخير من مجلة «نيو انجلاند».

اجريت الدراسة على 126 مريضا من ضحايا السكتات الدماغية وممن يعانون من شلل عضلات ومفاصل اليد، وتم تقسيمهم الى مجموعتين تم زرق ايدي افراد المجموعة الاولى بسم البوتيولينوم، وتم زرق ايدي المجموعة الثانية بدواء وهمي «بلاسيبو». وتم قياس مدى فاعلية العلاج من خلال اختبار قدرات المرضى على تحريك الايدي، ووضعها في المكان الصحيح، وغسلها واستخدامها في ارتداء الملابس.

اظهر %62 من افراد المجموعة الاولى (مجموعة البوتيولينوم) تحسنا ملموسا بعد ستة اسابيع من العلاج بحقن السم المخفف، في حين لم تزد هذه النسبة عند مجموعة البلاسيبو عن %27، وكانت مفاجأة استفادة المجموعة الثانية من البلاسيبو لا تقل عن مفاجأة نجاح العلاج في المجموعة الاولى.

ويقول الباحث لويس ب. رولاند الذي شارك في هذه الدراسة، ان العلماء واثقون من فاعلية السم الشهير ضد شلل اليد الناجم عن السكتة الدماغية ويبقى ان يتأكدوا «في اي نوع من الشلل يمكن استخدامه على افضل وجه». ويبقى ايضا، حسب تعليق رولاند من نيويورك، ان يجري التأكد ايضا من اسباب نجاح العلاج الكاذب عند المجموعة الثانية.

وطبيعي، كما هو الحال، في انماط العلاج الاخرى بسم البوتيولينوم، تحذير الاطباء من الاستخدام العشوائي للسم دون اشراف المختصين بالنظر للسمية العالية لمادة بوتيولينوم. فالعلاج يجب ان يجري باستخدام السم بشكل مخفف تماما وبأيدي اطباء متخصصين لأن اي خطأ في الجرعة قد يؤدي الى الموت.

ويستخلص سم البوتيولينوم من بكتيريا كلوستيريديوم بوتيولينوم العنقودية، وهي بكتيريا تتكاثر بسرعة في الاغذية المحفوظة وقادرة على انتاج السم بكميات قاتلة. ولأن هذه البكتيريا اللاهوائية كانت تصيب «الجذور العصبية»، فقد تم اشتقاق اسمها من الاسم اللاتيني بوتيولينوم الذي يعني «سم الجذور».

وشاع منذ فترة استخدام سم البوتيولينوم في علاج تجعدات الوجه والصداع النصفي، ولكن بحذر شديد ووفق شروط معينة لأن اي زيادة في الجرعة ستؤدي الى شلل العضلات والموت. ويعمل السم بشكل مباشر على الخلايا العصبية الحركية التي تنسق العلاقة بين العضلات والاعصاب.

وربما ان افضل ما يساعد على توسع استخدام سم بوتيولينوم في الطب هو توصل العلماء الاميركيين قبل اشهر الى ترياق ناجع ورخيص ضده. اذ نجح العلماء الاميركان في تطوير خليط من الاجسام المضادة قادر على تثبيط سم البوتيولينوم الذي يعتبر اخطر اسلحة العالم البيولوجية ويكفي الغرام الواحد منه لقتل مليون انسان.

وجاء في العدد الالكتروني من مجلة «ناشونال أكديمي» الاميركية المختصة ان فريق العمل الذي قادته اغنيس نوفاكوفسكي من جامعة كاليفورنيا، توصل بمعونة علماء البنتاغون الى تطوير ترياق يتفوق على كافة السموم الاخرى المضادة للبوتيولينوم من ناحية الفعالية. وحققت التجارب المختبرية التي اجريت على الفئران نجاحا كبيرا، حيث استطاع الترياق وقف تأثير البوتيولينوم بالكامل. وربما ان اهم مزايا الترياق الجديد، حسب تقرير المجلة، هو رخص ثمنه وامكانية انتاجه بكميات تجارية.