اكتشاف جين يسبب أخطر أشكال التخلف العقلي

TT

نجح العلماء الالمان من معهد الوراثة البشرية في هايدليبرغ في التعرف على جين معين يسبب التخلف العقلي عند الانسان في حالة تعرضه للتشوه.

وجاء في التقرير الذي نشره فريق العمل لجامعة هايدليبرغ الطبية في مجلة «بروسيدينغ»، ان العلماء استطاعوا تصنيف جين يمكن ان يؤدي اضطرابه الى اصابة الانسان بأخطر انواع التخلف العقلي.

وافاد فريق العمل بقيادة البروفسورة غودرون رابولد في التقرير ان الجين المذكور يوجد في الكروموسوم رقم 3 وانه يتعلق بعمل الدماغ مباشرة. ان الجين الذي حمل اسم MEGAP، (البروتين المتعلق بالاضطراب العقلي المرتبط ببروتين GAP) ينشط اساسا في انسجة الدماغ وينظم عادة عملية الاتصال بين خلايا الدماغ. ويؤدي تشوه هذا الجين، كما هو الحال عند المرضى عقليا، الى نشوء تراكيب اتصالات دماغية خاطئة تقلل نسبة الذكاء وتتسبب بالتالي باصابة الانسان بتخلف عقلي شديد.

وحسب التقرير الذي نشرته المجلة العلمية المختصة، فإن مناطق الدماغ المتأثرة بتشوه هذا الجين هي بالضبط المناطق الخاصة بالذاكرة والقابلة على التعلم، اي مناطق تنمية الذكاء.

ومعروف ان الابحاث العلمية في السنوات الاخيرة حققت الكثير على صعيد سبر غوار الاسباب الجينية للتخلف العقلي، وخصوصا بسبب الاضطرابات الجينية التي تتركز في الكروموسوم إكس (X)، وعيب هذه الابحاث انها تتركز على تفحص حالات التخلف العقلي عند الذكور بالنظر لتعلقها بالكروموسوم إكس. وهذا ينطبق على مرضى المنغولية الذي يتعلق بكروموسوم إكس ويصيب نحو %0.1 من حديثي الولادة. ولهذا يقول الباحث فولكر اندريس، من فريق العمل، ان البحث نجح في كشف اسباب هذا النوع من التخلف العقلي عند الاناث ايضا بالنظر الى جين MEGAP لا يتعلق بكروموسوم إكس.

ومن الممكن تصنيف التخلف العقلي الناجم عن تشوه بروتين GAP ضمن الامراض الناجمة عن اضطراب نوع معين من عمليات الاستقلاب تسمى SLIT-ROBO التي تتحكم بالانتقال الصحيح لخلايا المنشأ العصبية واتصالاتها ببقية الخلايا. فتشوه الجين يتسبب باضطراب عمل الخلايا المنظمة للذاكرة والخاصة بخزن المعلومات كما يتسبب بتخريب الاتصالات بين هذه الخلايا مع خلايا الدماغ الاخرى ويؤدي بالتالي الى ارباك عمليات استعادة المعلومات والاستفادة منها.

وحسب رأي البروفسورة غودرن رابولد، فإن هذا الاكتشاف سيفتح ابواب المستقبل ليس امام علاج هذا النوع الثقيل من التخلف العقلي وانما امام معالجة الاضرار المحيطة بالنسيج الدماغي. فالتعرف على MEGAP سيفتح طريق البحث امام معالجة الخلايا المتضررة بسبب الجلطات الدماغية وبقية امراض تحلل الخلايا والانسجة الدماغية.

وذكرت رابولد ان فريق العمل، بعد ان توصل الى اكتشاف هذا الجين، سيركز ابحاثه في المستقبل على كشف طريقة عمل ووظيفة هذا الجين في الفئران المختبرية. وسيعمل الباحثون خصوصا على الاجابة على السؤال المهم التالي: ماذا سيحدث بالضبط في الدماغ اذا ما جرى تغيير هذا الجين عمدا؟