استخدام خلايا القزحية لإصلاح بقعة الشبكية والحماية من العمى

نمو الأوعية الدموية الدقيقة في شبكية العين من التشوهات الوظيفية التي تؤدي إلى العمى مع مرور الوقت * خلايا الشبكية أكثر الخلايا حساسية للضوء

TT

يعتبر تنكس بقعة الشبكية المرتبط بتقدم عمر الانسان من اشهر أسباب فقدان البصر في الشيخوخة، ولا تتوفر حتى الآن سوى إمكانيات متواضعة أمام الطب وأطباء العيون لوقف تقدم هذه الحالة وإنقاذ نور العين.

ويبدو ان أول طريقة علاجية مبتكرة وعلمية لتنكس الشبكية ستنطلق من مدينة كولونيا الالمانية الى مختلف بقاع العالم. إذ عمل المهندسون الوراثيون وجراحو العيون في جامعة كولونيا الطبية ـ قسم العيون على تحوير خلايا القزحية بشكل يجعلها قادرة على فرز مواد لا تفرزها عادة الا شبكية العين وطبقة الخلايا الظهارية الصباغية pigment Epithelium التي تقع تحتها.

ونشر الباحثون تقريرهم في مجلةProceedings of the American Academy of Sciences المختصة وذكروا فيه ان مثل هذا الاكتشاف قد يفتح الطريق أمام إنقاذ عيون ملايين البشر الذين يصابون سنويا بالعمى نتيجة تنكس بقعة الشبكية. ويكون العلماء الالمان قد نجحوا قبل غيرهم في محاولة استبدال خلايا بقعة الشبكية، وهي أكثر مناطق الشبكية حساسية للضوء، بخلايا اخرى تؤدي نفس العمل تقريبا، وهي محاولات يدأب عليها العلماء من مختلف بلدان العالم منذ عقدين او اكثر وتتركز حول إيجاد طبقة جديدة من أجزاء العين الاخرى لتحل محل بقعة الشبكية المتنكسة.

ان تنكس وتعب الخلايا الظهارية اللونية لا يعني سوى تنكس وبالتالي تأثر المستقبلات العصبية الحساسة للضوء في شبكية العين. وتضطلع طبقة الخلايا الظهارية اللونية عادة بمهمة لوجستية هامة لعمل الشبكية لأنها تقوم بمهمة تغذية خلايا الشبكية وتصريف الفضلات منها. ويضعف نظر الانسان الى حد كبير حينما تتنكس المستقبلات العصبية في بقعة الشبكية بفعل انخفاض حساسيتها للضوء.

وكتب الباحثون في المجلة ان خلايا القزحية الظهرية اللونية، التي تقع خلف حدقة العين، اكثر ملائمة من غيرها للحلول محل خلايا البقعة الشبكية لانها في الأخير قد نشأت من نفس النسيج الجنيني التي نشأت منها خلايا الشبكية الحساسة للضوء.

ويعود سبب فشل العلماء حتى الآن في استبدال خلايا بقعة الشبكية بخلايا القزحية الى حقيقة مفادها انهم عجزوا عن جعل خلايا القزحية تفرز المواد التي تفرزها الخلايا الحساسة للضوء، وهو في نهاية المطاف ما أفلح علماء كولونيا فيه. ويكمن سر نجاح الأخيرين في انهم تمكنوا من تحوير خلايا القزحية وراثيا بحيث انهم جعلوها قادرة على فرز عامل النمو العصبي المسمى PEDF. ويتولى عامل النمو العصبي كما هو معروف مهمة كبح نمو وتوسع الأوعية الدموية الدقيقة في شبكية العين وهو أحد العوامل الحاسمة في إضعاف النظر وتنكس بقعة الشبكية. ويعتبر نمو الأوعية الدموية الدقيقة في شبكية العين من «التشوهات» الوظيفية التي تؤدي مع مرور الوقت الى العمى.

وثبت من خلال التجارب المختبرية على الفئران ان زرع خلايا القزحية المحورة في شبكيات عيون الحيوانات نجح في وقف نمو الأوعية الدموية الدقيقة في بقعة الشبكية. ويقول الباحثون ان طريقة خلايا القزحية المحورة عمل ايضا على تجنب تدهور المستقبلات العصبية الحساسة للضوء في الشبكية.

وعلى اية حال فأن التجارب الالمانية في كولونيا لم تتعد التجارب على الفئران وسيكون الباحثون بحاجة الى مزيد من الوقت لتجربة الطريقة على متطوعين من البشر.