بفعل روائح معينة تنطلق من دمائهن .. الحوامل أكثر عرضة من غيرهن للإصابة بالملاريا

TT

يقال لمن يعاني كثيرا من لسعات البعوض والحشرات الاخرى ان «دمك حلو» يجتذب هذه الحشرات. ويبدو ان هذه المقولة ليست بعيدة تماما عن الحقيقة، وخصوصا عند الحوامل، لأن بعض التغيرات الهرمونية والدموية تجتذب بعوض الانوفليس نحو دماء هذه النساء.

ويقول الدكتور ستيفن دبليو. ليندسي من مركز أبحاث فاجارا في غامبيا ان خطر الملاريا على الحوامل لا يتأتى من الانخفاض المعروف في مناعة المرأة الجسدية أثناء فترة الحمل فقط وانما من خلال مواد معينة تتكون في دماء المرأة وتعمل بمثابة «فنار» يهدي البعوض الى جلد المرأة.

ومعروف ان الملاريا التي تنتشر كثيرا في مناطق العالم الاستوائية، وخصوصا في افريقيا، تنتشر بين النساء الحوامل اكثر من غيرهن. ويشير مركز أبحاث فاجارا الى عثور خبرائه على طفيليات الملاريا بلازموديوم، فالسيباروم في دماء معظم الحوامل في افريقيا. ولا تكتفي الطفيليات بالدوران في الدم وانما تتسلل الى المشيمة وتتمركز هناك باعثة الاضطراب في تغذية الجنين من رحم أمه. وهذا يفسر سبب ارتفاع معدل الولادات المبكرة وولادة الأجنة القليلة الوزن في افريقيا الاستوائية.

وطبيعي فان التأخر او التماهل في تشخيص الملاريا ومعالجتها يعرض حياة الأم والجنين لخطر الموت. وتموت آلاف النساء الحوامل سنويا في جنوب الصحراء الافريقية بسبب الإصابة بطفيليات الملاريا الاستوائية. وإذ يعرف الأطباء هذه الحقائق الا انهم بقوا عاجزين عن حل لغز العلاقة بين الحمل والملاريا الى ان نشر البريطاني ستيفن دبيلو. ليندسي تقريره حول الحالة. وكان المعتقد ان انخفاض مناعة المرأة الحامل يسمح للبلازموديوم بالتكاثر بشكل انفجاري داخل دماء المرأة. الا ان ليندسي وفريق عمله يقولون ان هناك مواد معينة تطلق روائح من دماء الحامل وتجتذب الانوفيليس من على مسافة 10 الى 20 مترا. وتعتبر المواد الهيدروجينة المتكربنة في عرق المرأة الحامل والبكتيريا الجلدية من أهم العوامل التي تسهم في إطلاق هذه الروائح الى خارج الجسم.

كما يلعب ثاني أوكسيد الكربون دورا هاما في اجتذاب البعوض الى دماء المرأة الحامل. وتثبت التجارب ان الانوفيليس قادرة على تمييز تغيير نسبة ثاني أكسيد الكربون في الجو وان بنسبة صغيرة. كما يدير البعوض دفة لسعاته باتجاه دماء الانسان حال اكتشافه ارتفاع نسبة ثاني أوكسيد الكربون فيها. ولما كانت عملية الاستقلاب تجري أسرع عند النساء الحوامل فان درجة حرارة أجسادهن تكون عادة أعلى قليلا من المعدل كما انهن يتنفسن أسرع ويطلقن الكثير من غاز ثاني أوكسيد. ويؤدي استخدام الناموسية، وهي العادة المتبعة في افريقيا، الى زيادة ارتفاع الحرارة ونسبة ثاني أوكسيد الكربون داخلها. وهذا يجعل الناموسية أكثر جاذبية للبعوض، حسب تقدير ليندسي.

أجرى ليندسي وزملاؤه فحوصاتهم على نساء حوامل في العديد من القرى الافريقية. اذ تبيت النسوة في المساء تحت الناموسية برفقة بقية أطفالهن وأطفال العائلة الآخرين والأخوات الصغيرات. وجمع الباحثون في الصباح بدقة كل بعوض الأنوفيليس الذي تسلل بهذه الطريقة او الاخرى الى داخل الناموسية. واستخرج الباحثون من معدات البعوضات عينات من دماء الإنسان وفحصوا نوع الحامض النووي DNA فيها ثم قارنوها مع بقية DNA الخاصة بكل فرد نام تحت نفس الناموسية.

وأتضح من خلال المقارنة ان الحوامل لم يتعرضن الى لسعات أنوفيليس اكثر من غيرهن، ممن ناموا تحت نفس الناموسية فحسب، وانما اجتذبن الأنفويليس أكثر مما اجتذبن أنواع البعوض الأخرى.