سم البوتيولينوم في معالجة سلس البول العصبي

TT

تمكن العلم الحديث من تحويل واحد من اخطر الاسلحة الفتاكة بالبشر، وهو سم البوتيولينوم، الى عقار لمعالجة مختلف الحالات المستعصية. بين هذه الحالات معالجة الآلام القديمة ومختلف حالات التشنج العضلي ناهيك من استخدامه حتى الآن في الطب التجميلي لشد تجعدات الوجه.

ويبدو ان الاطباء الالمان نجحوا في الاستفادة من قدرات البوتيولينوم على ارخاء العضلات في معالجة حالات سلس البول العصبي بنجاح ودشنوا بهذا، في المانيا على الاقل، استخدام هذا السم في طب المسالك البولية.

ويتعرض العديد من الناس الى هذا النوع من سلس البول نتيجة اصابة النخاع الشوكي باضرار كما هو الحال اثناء التعرض للحوادث المختلفة.

وتوصل الطبيب يواخيم غروسه من مستشفى الحوادث في مدينة مورناو الالمانية الى معالجة العديد من المرضى بواسطة البوتيولينوم المخفف، ويبدو انه تأكد من ان النتائج المتحققة في مورناو لم تكن ايجابية فحسب، وانما ذات فائدة بعيدة المدى من ناحية مساعدة المرضى على التخلص من سلس البول.

يصاب البعض احيانا بحوادث تؤدي الى الاضرار بالعمود الفقري وبالتالي بالنخاع الشوكي. وتقضي الحالة الى اصابة عضلات معينة من مثانة الانسان بحالة من التوتر فتفقد المثانة قدرتها على الاحتفاظ بالبول لفترة طويلة. ويعمل الاطباء في هذه الحالة على معالجة سلسل البول عند المريض بواسطة العقاقير التي ترخي عضلات المثانة لفترة وتسمح للمثانة بتجميع البول دون ان يتسرب لساعات. وتعين الطريقة المريض نفسه لاحقا على افراغ مثانته بواسطة القسطرة.

والمشكلة هي ان العقاقير المستخدمة في ارخاء المثانة، ومعظمها من نوع الانتيكولينيرجيك، لا تمتلك مفعولا طويلا وقد تفشل في منع تسرب البول بعد فترة، كما ان استخدامها بجرعات كبيرة لا يخلو من متاعب مثل جفاف الفم والامساك واضطراب البصر. ولا يبقى امام الجراحين عادة بعد فشل هذه الطرق العلاجية غير اللجوء الى التدخل الجراحي لتوسيع المثانة.

ونجح غروسه بزرق مادة البوتيولينوم المخففة من داخل جوف المثانة مباشرة في العضلات المشدودة التي تعتبر مسؤولة عن اخلاء المثانة من محتوياتها. ويؤدي السم المخفف الى ارتخاء هذه العضلات بشكل شبه دائم، عن طريق شل الاعصاب المسؤولة عن تقلصها لفترة تمتد لعدة أشهر، وبشكل لا يجعل المريض بحاجة الى حقنة اخرى من البوتيولينوم الا بعد سنة.

وهذا ليس كل شيء لأن التجارب التي اجريت باشراف غروسة في العديد من المستشفيات الالمانية المختلفة تثبت ان تلقي المريض لعدة حقن من البوتيولينوم على مدى عدة سنوات يؤدي الى نتائج دائمة ويعين المثانة مدى الحياة على تحمل البول وافراغه في الوقت المناسب.

ويقول يواخيم غروسه ان بعض المرضى الذين تلقوا العلاج صاروا بحاجة الى عقاقير الانتيكولينيرجيك اقل من غيرهم في سبيل التخلص من سلس البول العصبي. كما تخلى بعض المرضى عن هذه العقاقير بالمرة واستطاع البوتيولينوم ان يعوض عنها بالكامل.

ويبدو ان تأثير البوتيولينوم على سلسل البول العصبي عند الاطفال لم يكن فعالا كما هو عند البالغين لأن علاج الحالة لديهم يتطلب الاعتماد من جديد على الانتيكولينيرجيك. ويحدث سلس البول العصبي عند الاطفال عادة نتيجة التهاب السحايا او بسبب السنسنة المشقوقة Spina bifida. مع ذلك يعتقد غروسة ان الطب كسب كثيرا في هذه الحالة لأنه نجح من خلال البوتيولينوم في تجنيب الطفل مخاطر العمليات الجراحية، او في تأخير هذه العمليات الى ان يبلغ الطفل سنا مناسبة لاجرائها.