ثلثا ضحايا العنف لديهم ميول انتحارية خاصة النساء اللواتي تعرضن لاعتداءات جنسية

TT

يمكن للرعاية النفسية السريعة والعلاج النفسي المباشر ان ينقذ أرواح الكثيرين من ضحايا العنف حسب تقدير البروفسور غوتفريد فيشر رئيس عيادة الأمراض النفسية في جامعة مدينة كولونيا الالمانية. وبنى فيشر استنتاجه هذا على أساس دراسة جديدة اعترف فيها أن ثلثي ضحايا العنف توجد لديهم ميول انتحارية.

الاسوأ من ذلك هو إن 13% من ضحايا العنف الذين شملهم الاستفتاء اعترفوا أيضا بأنهم حاولوا الانتحار فعلا. وكالمعتاد تفوقت النساء على الرجال في موضوعة الانتحار، وكشفت الدراسة إن ضحايا العنف من الرجال يفكرون بالانتحار اكثر من النساء إلا إن ضحايا العنف من النساء يتفوقن على الرجال من ناحية القدرة على تنفيذ الأفكار الانتحارية.

وتكشف الدراسة من ناحية أخرى إن ضحايا العنف من النساء هن في الغالب ضحايا الاعتداءات الجنسية المختلفة التي يمارسها ضدهن أناس من حلقة المعارف. وذكرت نسبة 75% من النساء إنهن كن ضحية العنف الجنسي الذي مورس بحقهن من قبل أفراد ينتمون إلى حلقة المعارف. أما ضحايا عنف «الأصدقاء» بين الرجال فلا يشكلون سوى نسبة 29%.

ونتيجة لهذه المعايشة القاسية تفقد النساء من ضحايا العنف الثقة بالعائلة والأقارب والأصدقاء، كما تضعف لديهن القدرة على التفريق بين «الصديق» و«العدو» مستقبلا. وترتفع ميول الانتحار بين هذه المجموعة من النساء بسبب الشعور بسقوط هذا العالم وبسبب الصدمة الاجتماعية القاسية التي تعرضن لها. وتتأكد هذه الميول من خلال معاناة الكثير من الضحايا من مشاعر الخوف وعدم الاستقرار والتوتر النفسي والشعور بالذنب.

ويبدو إن مضاعفات العنف على الضحايا تتعدى الحالة الطبية الجسدية والنفسية لتشمل الحالة الاجتماعية وظروف العمل. إذ أقر أكثر من نصف الذين شملهم الاستفتاء بأنهم فقدوا مواقع عملهم بعد فترة من تعرضهم للاعتداء. ويتفوق هنا الرجال، على غير عادتهم، على النساء لأن نسبة الذين فقدوا وظائفهم في أعقاب العنف ترتفع بينهم إلى 62%. والمهم أيضا أن فقدان العمل عند ضحايا العنف كان أساسا بسبب الصعوبة التي يواجهونها في العودة إلى العمل وبالتركيز السابق.

وذكرت نسبة 82% من ضحايا العنف انهم يجدون العودة إلى العمل اليومي «صعبا»، هذا مع وجود نسبة ترتفع إلى 33% قالوا إن العودة إلى العمل «بالغ الصعوبة» بالنسبة لهم. وأحصت الدراسة احتمالات العجز عن العمل عند ضحايا العنف بنسبة 100% عند الرجال وبنسبة 77% بين النساء.

واتهم البروفيسور فيشر الأطباء بالتأخر في رعاية ومعالجة ضحايا العنف وأكد إن الرعاية السريعة يمكن أن تنقذ العديد من الأرواح. واتضح من الدراسة كمثل أن الرعاية والعلاج النفسي السريعين أسهما في خفض نسبة الميول الانتحارية بنسبة 20%. كما نجحت الرعاية السريعة في تقليص عدد زيارات الضحايا للأطباء والمستشفيات بنسبة 60%. وانخفض في ذات الوقت، إثر العلاج النفسي السريع، استخدام الأدوية من قبل ضحايا العنف بنسبة 47.6%. علاوة على ذلك استطاع العلاج السريع أن يقلل أيضا فقدان مواقع العمل بين الضحايا وبنسبة النصف تقريبا.

إن مصاعب ضحايا العنف تزداد حينما يتأخر العلاج النفسي ويترافق ذلك مع ضعف الإرشادات الاجتماعية التي يتلقاها المصاب. وعبر نصف المعانين من صدمة ما بعد العنف من عدم ارتياحهم لما يتلقونه من نصائح وإرشادات، وترتفع النسبة أكثر بين ضحايا أعمال العنف الجرمية الكبيرة. وظهر من الدراسة أن 17% من الضحايا فقط تلقوا الإرشادات من قبل أطباء متخصصين وعيادات متخصصة، في حين تلقت النسبة الأكبر منهم هذه النصائح من أطباء وعيادات غير مختصة. وإذ ذكرت نسبة 10% من الضحايا انهم تلقوا نصيحة من الشرطة بزيارة المواقع المتخصصة برعاية ضحايا العنف، ذكرت نسبة 25% انهم استمدوا النصائح من الوسائط الإعلامية.