خوف الأطفال من الظلام قد يشير إلى وجود مشكلة في البصر

TT

يشكو ذوو بعض الاطفال من مظاهر خوف غير مبررة يبديها الطفل من الظلمة مما يضطرهم لإضاءة مصباح صغير في غرفته طرداً لهذا الخوف المجهول. وتتعدى الحالة عادة عند بعض الأطفال لتشمل مظاهر الخشية من مغادرة السرير في المساء والاحجام عن دخول الغرف المظلمة، والاصرار بالتالي على النوم في غرفة نوم الوالدين.

حول هذا الموضوع ذكرت الطبيبة روث هاملتون، من معهد امراض العيون في غلاسغو باسكوتلندا، ان خشية الاطفال من الظلام امر طبيعي الا ان الخوف المفرط يستدعي فحص نظر الطفل. اذ تثبت الفحوص التي اجريت حتى الآن في المعهد ان العشى الليلي (العمى المسائي) قد يكون هو سبب الحالة المسماة بـ «فوبيا الظلام».

في حالة طفلة اسمها ديبورا، احتار اطباء المعهد في تفسير سبب خوف الطفلة الشديد من الظلام، ومالوا الى مختلف النظريات النفسية، الى ان دفعتهم حالة اخرى للشك بأن النظر هو مصدر الحالة. فقد كانت ديبورا تتصرف بشكل طبيعي في النهار وتبدأ مظاهر الخوف لديها بعد حلول الظلام. وتوصل العلماء الى كشف مسؤولية العشى الليلي عن الحالة عندما ولدت لديبورا اخت صغيرة اخرى تعاني من خلل ولادي في البصر. وبالتالي فحص الاطباء ديبورا واكتشفوا انها تعاني من العشى الليلي.

ويبدو ان اضطراب وظائف المخاريط (اي الخلايا المخروطية الشكل) في الشبكية هو السبب بالذات وهذه حالة نادرة نسبياً حسب تقدير الأطباء. ولا توجد نسب معينة عن مدى انتشار العشى الليلي بين الاطفال وكل ما يعرفه الطب عن الحالة هو انها تنتشر بين الصبيان ثلاثة اضعاف انتشارها بين البنات. وتدعو المعلومة الاخيرة، حسب رأي العلماء، للشك بأن للقضية علاقة بالكروموسوم «اكس» طالما انها تنتشر اكثر بين الذكور.

وتعتقد هاملتون ان سبب العرض ربما يكون «رد فعل تناقضي» لفتحة الحدقة حين تتعرض لأشعة الضوء. اذ تتوسع الحدقة بفعل الضوء القوي عكس التقلص المتوقع منها ويؤدي هذا بالنتيجة الى تشوش الرؤية. وتكون المشكلة عويصة بالنسبة للوالدين حينما يصاب الطفل بالحالة في فترة تسبق تعلمه للكلام، اذ يعجز الطفل عن التعبير ويلجأ، كما هي الحال دائماً، الى البكاء للتعبير عن عجزه عن الرؤية ليلاً.

هذا وكتبت الطبيبة والباحثة هاملتون في «المجلة الطبية البريطانية» عن حالة اخرى واجهتها وتشير الى نفس الاسباب. وتتعلق الحالة بطفلة اخرى تستيقظ مساء مذعورة وتبقى اسيرة سريرها رغم ان الاطفال الآخرين يسرعون في هذه الحالة الى اسرة ذويهم طرداً للخوف، وكشفت الفحوص الطبية على الطفلة مجدداً معاناة هذه الطفلة من العشى الليلي. تقول هاملتون انه لا يوجد حتى الآن علاج شاف لهذا النوع من العشى الليلي، وبالتالي التخلص من هذا النوع من الخوف. اذ يبدو ان معظم هذه الحالات تتعلق بخلل ولادي ينمو مع الطفل وهي حالات تعجز جراحة العيون عن اصلاحها. ونصحت الطبيبة اهالي هؤلاء الاطفال بالاحتفاظ بنور بسيط في غرفة الطفل يبدد مخاوفه في المساء، والاحتفاظ بنور صغير آخر في ممر غرف النوم كي يضمن وصول الطفل الى سرير الوالدين. ولا بأس من تزويد الطفل بمصباح يدوي يعمل بالبطارية كي يستخدمه في الوصول الى غرفة ذويه عند الحاجة. والمهم هو ان يحرص الوالدان على مرافقة اطفالهم، الذين يبدون مظاهر الخوف من الظلام، الى طبيب العيون للتأكد من سبب هذا الخوف.