أول أوكسيد الكربون لتقليل مخاطر الالتهابات أثناء عمليات القلب الجراحية

TT

يعتبر غاز أول أوكسيد الكربون من الغازات السامة للإنسان والحيوان بسبب تأثيره المباشر على عملية نقل الأوكسجين من قبل كريات الدم الحمراء. وهو من الغازات التي تنتج عن عمليات الاحتراق المنقوصة، لذا ينصح دائما بالاحتراس اثناء ادخال مواقد الفحم الى الغرف المغلقة قبل اكتمال عملية احتراقه.

وتشير التجارب الحديثة التي اجريت حديثاً الى امكانية استخدام غاز أول أكسيد الكربون مع الاوكسجين اثناء عمليات جراحة القلب وعمليات توسيع الشرايين بهدف تقليل احتمالات الالتهابات وتحسين قدرات القلب على الالتئام ايضاً وتقليل امكانية رفض جسم الانسان الأجزاء المزروعة.

والمعروف انه تجري معالجة تضيق الشرايين بفعل التصلب والتكلس من خلال المسبار المزود بالبالون الصغير. وهو مسبار دقيق يرسل الى القلب مع مجرى الدم عبر احد شرايين الجسم. وتجري هذه العمليات منذ فترة بشكل ناجح، الا ان نسبة ترتفع الى ثلث هذه العمليات تترافق ببعض المضاعفات غير المستحسنة. وأهم هذه المضاعفات التهاب بطانة الاوعية الدموية بفعل ضرر يصيبها جراء حركة المسبار. ويؤدي الالتهاب عادة الى تجمع كريات الدم البيضاء من نوع «الماكروفيج» عند منطقة الالتهاب وبالتالي تراكمها بشكل يفاقم عملية تضيق الشريان من جديد.

هذا، وتوصل الجراح والباحث النمساوي فريتز باخ، العامل في معهد طب جامعة هارفارد في بوسطن بالولايات المتحدة، الى انه من الممكن استخدام غاز أول أوكسيد الكربون السام بكميات مدروسة لتقليل احتمالات الالتهاب في القلب وبطانات الأوعية الدموية. وتشير التجارب الأولية التي اجراها باخ في الفترة الاخيرة على الفئران المختبرية الى نجاح باهر لاستخدام هذا الغاز في الجراحة.

كما سبقت الإشارة، ينتج غاز أول أوكسيد الكربون عن عمليات الاحتراق، إلا أن الطب يعرف ايضاً منذ الستينات أن العمليات الحيوية داخل جسم الإنسان تؤدي بدورها إلى طرح هذا الغاز بالجسم بكميات ضئيلة. ويتكون هذا الغاز بالضبط حينما يعمل انزيم (خميرة) معين على تجريد كريات الدم من صبغتها الحمراء. ويبدو أن هذا الغاز ليس ناتجاً عرضياً لا قيمة له في الجسم كما كان يفترض، بدليل ثبت ايضاً أن أول اوكسيد الكربون يدخل كمادة بنائية في تكوين النظام المناعي في جسم الانسان.

من ناحية ثانية تبين ان وضع قلوب الفئران تحت تأثير أول أوكسيد الكربون لفترة ساعة تسبق عمليات توسيع الشرايين وبتركيز 250 جزيء/مليون جزء يمكن ان يخفض الالتهابات الناجمة عن المسبار في الشرايين بنسبة 74%. كما ثبت من خلال الفحوص ان اشباع اجواء الفئران بغاز أول أوكسيد الكربون طوال 56 يوماً تسبق العمليات يقلل تجمع كريات الدم البيضاء (الماكروفيج) بشكل ظاهر عند المناطق الالتهابية في جدران الأوعية الدموية. ويبدو هنا ان عدد كريات الدم البيضاء المتجمعة يقل حسب نسبة تركيز أول أوكسيد الكربون المستخدمة في العمليات.

ولقد كتب باخ في مجلة «نيتشر ميديسن» أن أفضل النتائج التي حققها كانت بفضل استخدام غاز أول أوكسيد الكربون بتركيز يتراوح بين 700 ـ 1000 جزيئة/مليون جزء. وهذا قضية ستثير جدلا كبيرا بين الاطباء لأن تعرض الانسان الى نسبة 1000 جزيئة/مليون طوال نصف ساعة يؤدي حسب التقارير الطبية الى الموت، وهذا يعني ان على الجراحين التنبه تماما الى هذه النقطة قبل الانتقال الى التطبيق المباشر للتجارب على الإنسان.