كشف أمراض الجنين داخل الرحم من خلال فحص دم الأم

التجارب السريرية في هونغ كونغ أشارت إلى إمكانية اعتماد التحاليل الجديدة

TT

* طريقة سحب السائل الأمينوسي يمكن أن تؤدي إلى الإسقاط * يمكن تحري المركبات الوراثية الجنينية في دم الأم * الحمل بعد عمر الـ35 يزيد من خطورة حدوث التشوهات الجنينية كمبريدج: الدكتور اسماعيل الخطيب ismail @ heart - transplant.org تحمل الاختبارات العادية التي تجري للأجنة داخل الرحم لكشف الأمراض الوراثية خطورة عالية على الجنين وأحياناً على الأم.

فحتى الآن يتم تحري المركب الوراثي للخلايا الجنينية عن طريق أخذ عينة من السائل الأمينوسي الذي يحيط بالجنين داخل الرحم، وذلك يتطلب ادخال إبرة خاصة توجه الى المكان المطلوب عن طريق الأمواج فوق الصوتية. لكن من أهم اختلاطات هذه الطريقة هو الاسقاط المبكر للجنين، إذ يحدث هذا الاختلاط بمعدل 2 في المائة من الحالات.

وقد وجد الباحثون الألمان طريقة جديدة لتحري الأمراض الوراثية والتشوهات الجنينية داخل الرحم دون اخضاع الطفل والأم لخطر الاستقصاءات التقليدية، وجربت هذه الطريقة على بعض الأمهات في هونغ كونغ حيث أشارت الدراسات السريرية الى امكانية اعتمادها على تحري المواد الوراثية الجنينية الموجودة في دم الأم. إذ من المعروف ان بعض الخلايا الجنينية، وغالباً ما تكون نادرة، بامكانها اختراق المشيمة الوالدية وتعبر الحاجز الدموي الموجود بين دم الجنين ودم الأم. ومن خلال عزل تلك الخلايا يمكن اجراء التحاليل الوراثية لها ورسم مخططها الوراثي بالفصل الكهربائي والنوعي للبروتينات المركبة للحمض النووي المنقص الأوكسجين اي مركب «DNA» الوراثي الموجود في نواة الخلية الذي يحمل جميع الصفات الوراثية المميزة للانسان.

اختبار خلايا الجنين من خلال أخذ عينات من دم الأم ليس بالجديد على الساحة الطبية، لكن الجديد هو الطريقة التي اتبعها الألمان من اجل عزل الخلايا الجنينية النادرة في دم الأم. فنسبة وجودها عبارة عن واحد في المليون، أي بين كل مليون خلية في دم الأم توجد فيها خلية جنينية واحدة. وهذا يجعل امر كشفها وعزلها امراً في غاية الصعوبة.

لكن من اجل تحديد تلك الخلايا استخدم الباحث فيرديناند فون وزملاؤه في جامعة يينا الألمانية اضداداً مناعية ترتبط على سطح الخلايا الدموية الفتية فقط أي الجديدة.

بعد تحديد الخلايا التي ارتبطت على سطحها الأضداد المناعية، تُخضع هذه الخلايا لاختبار يدعى تفاعل سلسلة البوليمراز. وهذا الاختبار عبارة عن تحريض المادة الوراثية الموجودة في الخلايا للتكاثر بكميات كبيرة، وبذلك يمكن الحصول على مواد وراثية مطابقة للموجودة في الخلايا وبكميات كافية لاجراء الاختبارات الوراثية المطلوبة.

وقد اعترض طريق هذا الاختبار بعض العقبات التكنيكية، منها أن الخلايا الفتية ليس مصدرها الجنين فحسب وانما تنتجها الأم لتعويض الخلايا الدموية التي فقدتها. ووجد الباحثون اختفاء هذه المشكلة اذا كان الجنين ذكراً، لأنه يمكن تمييز خلايا الجنين عن خلايا الأم من خلال الكروموزوم (قطعة وراثية) الجنسي (Y) الذي يميز الذكر عن الأنثى. أما اذا كان الجنين أنثى فهناك مشكلة في عزل خلايا الجنين عن الأم.

وهذه المشكلة غير موجودة اذا كانت خلايا الأم سليمة وراثياً وخلايا الجنين مصابة، حيث يمكن اجراء مقارنة بين المخطط الوراثي للخلايا المأخوذة من دم الأم والخلايا الجسدية الأخرى.

ومن العقبات التي يمكن ان تعترض هذه الطريقة في كشف الأمراض الوراثية للجنين قلة كمية المواد الوراثية التي يمكن الحصول عليها لاجراء جميع الاختبارات الوراثية للجنين، وغالباً يمكن سد حاجة 70 في المائة من الاختيارات المطلوبة. لكن يرى الباحثون انه يمكن تجاوز هذه العقبة باجراء اختبار تفاعل سلسلة البوليمراز الذي يحرض الخلايا الجنينية على التكاثر واعطاء مادة وراثية كافية لاجراء جميع الاختبارات المطلوبة.

والجدير بالذكر ان هناك أساليب حالية لفحص بعض التشوهات الجنينية المعروفة مثل «المنغولية» وذلك من خلال اجراء تصوير بالمرنان المغناطيسي وقياس كثافة النسج الجلدية، وتحري البنية التشريحية للأعضاء الرئيسية من دون تعريض الأم لأساليب جارحة، أي أساليب تستدعي ادخال أدوات جراحية الى الجسم وشق الجلد... الخ.

وتحري التشوهات الوراثية مهم جداً للنساء الحوامل خاصة لدى النساء اللواتي تزوجن في سن متأخرة وحملن الطفل الأول وعمرهن تجاوز الـ35 سنة وما فوق.

وقد شجع الأطباء على الانجاب في سن مبكرة لأن الحمل في سن متأخرة يزيد من نسبة تشوهات الجنين بمعدل خمسة أضعاف النسبة العادية التي تتراوح بين واحد في الـ400 الى واحد في الـ2000 في بعض المجتمعات.