واحد من كل 7 أورام سرطانية تسببه الفيروسات الشائعة

TT

يحتل سرطان عنق الرحم المرتبة الثانية في قائمة أكثر الأمراض السرطانية شيوعا بين النساء. ويأمل الأطباء في تقليص عدد إصابات سرطان عنق الرحم بشكل جيد خلال السنوات المقبلة طالما انه من الممكن تلقيح النساء ضد هذا الورم على غرار التلقيح ضد الحصبة والجدري وغيرهما. والتلقيح ممكن هنا لأن الفيروسات هي أحد أهم مسببات سرطان عنق الرحم حيث اثبتت ذلك العديد من الدراسات الحديثة.بل أن الأبحاث الجديدة تعمل على مزاوجة التلقيح الوقائي بلقاح آخر يعين على الشفاء من الإصابة أيضا.

وتدور هذه الأبحاث حول لقاح ضد أحد أهم الفيروسات المسببة للسرطان وهو فيروس البابلوما البشري HPV . وذكر البروفيسور غونتر باستيرت رئيس جمعية السرطان الالمانية: «نعرف أكثر من 120 نوعا من الفيروسات التي تنتمي إلى هذه العائلة. وأضاف باستيرت، أن معظم هذه الفيروسات تسبب الأورام والدمامل السليمة على الجلد والتي تختفي بعد فترة وجيزة. إلا أن بعض أنواعه الأخرى وخصوصا الفيروسHPV 16 يسبب الإصابات السرطانية». ومعروف أن الفيروسات المسببة للأمراض السرطانية تتغلغل إلى داخل خلايا الجسم و تضع آليات الوظائف الخلوية في خدمة تكاثرها ونموها. ويتمكن بعضها من بناء نفسه بشكل دائم داخل الخريطة الجينية للإنسان ويسبب اختلال عملية الاستقلاب داخل الخلايا. وتؤدي هذه العملية إلى تنشيط جينات معينة كانت خاملة وبشكل يؤدي إلى نشوء الورم السرطاني.

وقال باستيرت أن عدد الفيروسات المشبوهة بتسبيبها للسرطان في إزدياد. وأن اشهر هذه الفيروسات هو فيروس «ايبشتاين ـ بار» الذي يعتقد أنه يسبب سرطان هودجكن اللمفاوي، وفيروس «الهيربس ـ 8» الذي يعتقد انه يسبب الساركوما وسرطان الكبد. واستشهد باستيرت بنتائج دراسات حديثة تقول أن الفيروسات مسؤولة عن نشوء 15% من الأورام السرطانية التي تصيب البشر.

وتكشف نتائج حملة أجريت في تايلاند إمكانية خفض نسبة الإصابات السرطانية عن طريق التلقيح ضد الفيروسات. إذا انخفضت نسبة سرطان الكبد بالتدريج هناك بعد أن نجح الأطباء في تلقيح الناس ضد فيروس التهاب الكبد الوبائي B طوال السنين العشرين الماضية. ويتوقع باستيرت أن تؤدي حملة مماثلة ضد فيروسHPV إلى تقليل الإصابات بسرطان عنق الرحم بين نساء أوروبا بشكل جيد. ويقترح الباحث الألماني هنا أن يتم تلقيح النساء الشابات ضد هذا الفيروس في سن مبكرة وقبل أن يكون لهن أي احتكاك بالفيروس. ويفترض أن يتحول هذا التلقيح في السنوات المقبلة إلى لقاح شبه الزامي كما في التلقيح ضد الحصبة والجدري والسعال الديكي وغيرها. وكشفت دراسة بين 2000 امرأة أن التلقيح يحمي فعليا النساء ضد الإصابة بفيروسHPV كما يسهم في معالجة الحالات السرطانية نفسها. ويقول العلماءأنهم يقتربون كثيرا من تحقيق هذا الهدف. ويجرون بالتعاون مع شركة "ميديجين" أول التجارب السريرية على البشر. وتشير هذه المرحلة من الأبحاث الى أن اللقاح الذي طوره الباحث لوتز غيسمان لا يحفز تكوين الأجسام المضادة للفيروسات فحسب، وإنما يعزز وجود خلايا-تي المناعية. وتنهض هذه الخلايا بمهمة إطلاق إنذار مقاتلة الفيروسات كما تعمل على قتلها وهي داخل الخلايا. ونجح غيسمان وزملاؤه في تطوير جسيمات بروتينية مكورة شبيهة بتركيبة الفيروسات، ثم ربطوها بمواد أخر تشجع نمو الخلايا المناعية-تي. وعمل هذا المزيج على تحويل اللقاح إلى مادة لمقاتلة الخلايا السرطانية إلى جانب الوقاية من الفيروسات.