الأطباء الأوروبيون يحذرون من انتشار مرض الحب المعدي (السفلس) من جديد

ازدياد عدد مثلي الجنس سبب مهم في انتشار السفلس * فتيات أوروبا الشرقية أخطر ناقلات للمرض

TT

كان القيصر الألماني مكسميليان الاول هو أول من حذر في الرايخستاغ عام 1495، من ظهور مرض «الحب المعدي» الذي يحمل اسم «السفلس» اليوم. ومنذ ذلك الحين والى ان ظهر البنسلين قبل حوالي 60 سنة تحول السفلس الى مرض قاتل يصيب الجلد والعظام والجهاز العصبي. وأودى السفلس ـ كما يقال ـ بحياة الكثير من العظماء من امثال الموسيقي فرانز شوبيرت والشاعر هاينريش هاينة والفيلسوف فريديريش نيتشه. ولم تجد البشرية سلامتها من هذا المرض العضال الا بظهور البنسلين الذي حوله الى مرض عادي يمكن لكل طبيب شفاء مرضاه منه.

وقد انخفض عدد الاصابات بالسفلس مع تطور الادوية والوعي الجنسي عند الناس. ولكن يبدو ان خطر السفلس الذي طواه التاريخ صار يتجاوز صفحات التاريخ مجددا، ليؤرق بال الحياة الجنسية للانسان. لأن الاطباء الاوروبيين شخصوا 30000 اصابة جديدة في النصف الاول من عام 2003 فقط. وتم استعراض هذه النتائج في المؤتمر العام لاطباء الامراض الجنسية الذي عقد أخيرا. وحذر رئيس النقابة البروفيسور غيرد غروس، اختصاصي الامراض الجلدية والزهرية في جامعة روستوك الالمانية من انتشار هذا المرض من جديد.

وتحدث البروفيسور غروس امام المؤتمرين عن سببين اساسيين لعودة السفلس الى الاضواء وهما:

أولا: الرجال المثليون، لأن الملاحظ هو انهم يشكلون حوالي 66% من الاصابات الجديدة. وتتراوح اعمار الرجال المصابين بين 30 و39 سنة، لا يخافون كثيرا من مرض الايدز، ويبدون حذرا اقل من غيرهم في الممارسة الجنسية، ولا يراعون تعليمات الوقاية من الامراض الزهرية.

ثانيا: هجرة النساء الشابات من دول المنظومة الاشتراكية السابقة الى اوروبا الغربية. والمعلوم ان التسعينات شهدت انتشارا ملحوظا لمرض السفلس في بلدان اوروبا الشرقية وأدت هجرة النساء المكثفة، واغلبها طلبا للرزق في مجالات الجنس والدعارة، وتضم نساء من اعمار 19 الى 30 سنة، الى نقل المرض الى اوروبا وغيرها، والملحوظ ايضا ان هذه الفئة من النساء، اي الشابات، هي اخطر ناقلات المرض في روسيا حاليا.

وطبيعي لا يمكن استثناء دور السياحة الى اوروبا الشرقية وبلدان آسيا وافريقيا المبتلية بالسفلس عن اسباب انتشار المرض، وينطبق هذا خصوصا على الباحثين عن «السياحة الجنسية» في الدول الأخرى مثل تايلاند والفلبين والبرازيل وغيرها.

والمهم في عالم الطب اليوم هو ان السفلس ما عاد قادرا على الحاق الضرر بالانسان ما لم يتأخر المصاب في تشخيصه وعلاجه. وهذا ما يحدث نادرا هذه الايام بفعل سير المرض. الذي تسببه بكتيريا اللولبية الشاحبة «تريبونيما باليدوم»، بشكل صامت ودون الاعراض الواضحة له. وتظهر اول علامات المرض عادة بعد ثلاثة اسابيع من الممارسة الجنسية مع المصاب بشكل قرحة لا تجلب النظر بحجم قطعة نقدية متوسطة في منطقة العانة التي تضم الاعضاء الجنسية. ثم تنتقل البكتيريا في مرحلة اخرى الى الدم ويمكن ان تصيب اي جزء او عضو من اعضاء الجسم. فتنتفخ خلال اسابيع الغدد الليمفاوية وتتصلب لكنها لا تسبب الألم.

وتكمن خطورة الموقف ايضا في حالة الاشتباه في الحالة على انها حساسة للانسان. فهذا يؤدي الى تأخر التشخيص والبدء بالعلاج حسب تقدير البروفيسور غروس. ومن لا يسعفه الحظ بظهور اعراض واضحة يتحول المرض لديه بعد عدة سنوات الى مرض عصبي يصيب الخلايا العصبية ونخاع العظام ويؤدي الى الاضرار بمادة الدماغ السنجابية. ويمكن وقف تقدم المرض في هذه المرحلة باستخدام البنسلين الا ان الجسم لم يفلح في تجاوز الاضرار التي لحقت بالجهاز العصبي.

والمشكلة الاساسية هو ان التقليل من شأن السفلس في العقود الاخيرة ابعد الباحثين عن محاولات ابتكار لقاح ضد المرض.