هرمون الكورتيزول يؤدي إلى اختلاطات قلبية وهضمية واكتئاب

TT

يعاني أكثر من نصف سكان المجتمعات الغربية من نوع من انواع الازمات النفسية. وعلى الرغم من تصنيف هذا المرض تحت زمرة الامراض النفسية الا ان هناك اسبابا عضوية كثيرة يمكن ان تؤدي الى هذا المرض. ويعتقد العلماء انهم استطاعوا عزل نوع خاص من البروتينات التي لها دور في حلقة افراز هورمونات الازمات النفسية، حيث تنتقل الى الدماغ على شكل اشارات خاصة لكي يقوم بدوره بتثبيط بعض غدد الجسم. وهذا البروتين يمكن ان يؤدي الى انتاج طريقة لتحريض الجسم على مقاومة التأثيرات الفيزيائية السلبية التي يمكن ان تنتج عن الازمات النفسية والسيطرة عليها قبل ان تصبح مؤذية للجسم والاعضاء الحياتية الاساسية مثل القلب. ومن المعروف ان هورمون الكورتيزول تزداد نسبته عندما يتعرض الانسان لضغوط وانفعالات نفسية شديدة، حيث يقوم هذا الهورمون بتحريض الجسم على استخدام طاقته المخزونة لافراغ شحنة دفاعية كبيرة، إذ يحمي الجسم نفسه من الاخطار المحيطة على جميع انواعها وذلك بالقتل الدفاعي او الهرب او التبدلات الفيزيولوجية.. الخ.هذه الآلية قد تحمي حياة الانسان اذا كان معرضا لموقف يهدد وجوده، لكن اذا دام الانفعال النفسي فترة طويلة من الزمن واستمر هورمون الكورتيزول في الارتفاع، فهذا يقود الى اضطرابات فيزيولوجية مهمة قد تؤدي الى امراض قلبية، وقرحات هضمية، واكتئاب، وقلق والموت بسبب السكتات القلبية او السكتات الدماغية، لهذه الاسباب فإن العلماء يحاولون ايجاد وسيلة لإبلاغ الدماغ بأن نسبة الكورتيزول عالية جدا، ويجب ايقاف انتاج هذا الهورمون. وقد استطاع الباحثون في جامعة «نورث ويست» بولاية الينوي الاميركية والاطباء في سان دييغو في الولايات المتحدة اكتشاف بروتين يدعى TRH78 - 199. ويعتقد العلماء ان هذا البروتين مسؤول عن ايصال الاشارات الدماغية الى الغدة الكظرية الموجودة فوق الكلية، لايقاف افراز هورمون يدعى Acth الذي بدوره يسيطر على انتاج هورمون الكورتيزول في الجسم. وهذا الاكتشاف ادى الى ايجاد نظرية مفادها انه اذا تمت السيطرة على الاشارات الدماغية يمكن عندها خفض نسبة المركب acth وبالتالي خفض كمية الكورتيزول المطروحة في الدم. ولتجربة هذه النظرية قام العلماء بدراسة مجموعة من حيوانات التجارب، حيث عرضت الى اجواء انفعالية تقود الى اضطرابات نفسية، وقد قيست كمية الكورتيزول في اجسامها. بعدها تم حقن المركب TRH78 - 199، فلوحظ انخفاض نسبة هورمون الكورتيزول الى النصف تقريبا، وهذا يؤكد وجود علاقة بين المركب البروتيني المكتشف والهورمون المسؤول عن الشدة النفسية.وتعتقد ايفا ايدي التي تحمل رتبة استاذة مساعدة في الطب النفسي والسلوك الانساني في جامعة «نورث ويست»، أن هذا الاكتشاف سيقود الى انتاج عقاقير دوائية لمعالجة الناس المعرضين لأزمات نفسية لفترة طويلة من الزمن، لكن هذا النوع من الادوية لن يكون متوفرا الا بعد سنوات متعددة من الآن. ويجب تحديد الفروق الموجودة بين ببتيدات (البروتينات) والحيوانات وببتيدات الانسان. الأزمات النفسية لا احد يدري كيف يمكن ان يتصرف الانسان اثناء الانفعال النفسي والشدات التوترية. فقد يفرغ الانسان شحنته السلبية في تعطيل حركة السير او مضايقة السائقين، حيث يؤدي ذلك الى حوادث مؤلمة. وقد يؤدي الانفعال الى ضرب شخص مقرب واحداث عطب دائم في اعضائه او حواسه او يمكن ان يقودنا الانفعال اللامنطقي الى القتل من دون سبب جوهري... الخ. الاحصاءات الاميركية والبريطانية الحديثة اشارت الى ازدياد التأثيرات السلبية الناتجة عن الانفعالات النفسية بشكل كبير جدا، وما الامراض القلبية (السكتة) والامراض الدماغية، والمناعية التي نشهدها في المجتمع الحديث الا صورة واضحة عما يمكن للأزمات النفسية ان تخلفه. إن تعرض الانسان الى موقف متأزم في البيئة المحيطة به يؤدي الى تحريض الغدة تحت المهاد التي تعتبر المركز الاساسي للسيطرة الدماغية، وهذه الغدة تحرض بدورها بطريقة غير مباشرة الغدة الكظرية الموجودة فوق الكلية لتقوم بإطلاق هورمونات الأزمات النفسية مثل الادرينالين (نفرين) والنورادرينالين (إيبي نفرين) والكورتيزول. وتنطلق هذه الهورمونات في المجرى الدموي لتؤثر في جميع اعضاء الجسم وتؤدي الى تبدلات فيزيولوجية كبيرة تواكب الجسم للتأقلم. وتؤدي التبدلات الهورمونية السابقة الى توسع الاوعية الدموية في بعض مناطق الجسم، خاصة العضلات، كما يقود ارتفاع الكورتيزول الى تبدلات مهمة في كيمياوية المواد الاساسية في الجسم حيث يزيد من تفكك البروتينات والشحوم لتأمين الحاجة الضرورية في الجلوكوز لانتاج الطاقة المطلوبة. وبعد زوال العوامل المحرضة يعود الجسم الى طبيعته العادية.