الكحول والتدخين ولو بكميات قليلة يؤثران في عمل الدماغ

TT

يبدأ عمل الدماغ بالاضطراب وارتكاب الأخطاء والتباطؤ في اكتشاف الأخطاء وتصحيحها حال ان يصل الكحول في الدم إلى 0.4 بروميل (جزء من ألف). ويقول الباحثون الهولنديون من جامعتي امستردام ولايدن، إن هذه الكمية الضئيلة من الكحول قادرة على بعث الاضطراب في آلية عمل الدماغ الطبيعية الخاصة باكتشاف الأغلاط وتصحيحها.

وأجرى العلماء الهولنديون دراستهم، التي نشرت في الصفحة الإلكترونية من مجلة ساينس العلمية، على عدد من المتطوعين وراقبوا خلالها، بواسطة الأجهزة، عمل منطقة التلفيف التقني Gyrus Cinguili، في أدمغتهم بعد إعطاء شيء من الكحول لهم. ومعروف ان هذه المنطقة تنشط وتتدخل عادة في الحالات التي تتطلب الكثير من النباهة والتركيز كما هو الحال في الانتباه الى حركة السير والمرور أثناء قيادة السيارة. وتعمل منطقة التلفيف التقني بمثابة جهاز رقابة في دماغ الإنسان يرصد الأخطاء والهفوات التي ترتكب في الحياة اليومية ويستدعي عملية تصحيحها.

وعمل فريق العمل بقيادة ريتشارد ريدرنكهوف على اختبار مدى نباهة وتركيز المتطوعين بعد ان وضعوهم تحت تأثير الكحول، وكان الاختبار بسيطا جدا ويتطلب من الشخص متابعة حركة سهم معين على شاشة الكومبيوتر والنقر على زر معين في لوحة الأزرار عند متابعة اتجاه السهم. ولاحظ العلماء بدءا من تركيز كحول ضئيل لا يتعدى 0.4 بروميل، ان الإشارات الكهربائية التي تطلقها منطقة التلفيف التقني قد بدأت بالتراجع، الأمر الذي يكشف هبوط نشاطها. ولاحظ الباحثون ايضا ان هبوط إشارات التلفيف التقني صار يتفاقم مع ارتفاع نسبة الكحول في الدم وادى بالتالي، في حالة السُّكر، إلى فقدان المتطوعين للكثير من قدرتهم على التركيز وتصحيح الأخطاء. ويرى ريدرنكهوف وزملاؤه، ان هذه التجربة البسيطة كشفت في الأقل عن كيفية عمل الكحول على الدماغ عموما وعلى إحدى مناطقه المهمة المسماة بالتلفيف التقني.

وفي الحديث عن مضار العادات المرافقة للكحول مثل السيجارة، ذكر باحثون ألمان من مركز الابحاث الصحية والبيئية، ان ضرر السجائر الخفيفة لا يقل عن ضرر السجائر الثقيلة على صحة الإنسان. وافاد فريدريش فيبل من المركز، حسب آخر الدراسات، ان تبغ السجائر الخفيفة يحتوي على كمية النيكوتين نفسها التي يحتويها تبغ السيجارة الثقيلة.

واكد فيبل ان الشعور بخفة السيجارة مرده ان مرشحها (الفلتر) يحتوي ثقوبا أكثر تم عملها بواسطة أشعة ليزر!، وهذا يعني ان عملية سحب الانفاس من خلال هذا الفلتر تسمح بمرور الكثير من الهواء والأوكسجين الى رئة الشخص المدخن. ووصف الباحث عمل الفلتر كونه مثل المكنسة الكهربائية، اذا كان انبوب المكنسة مثقبا فهذا يعني ان الجهاز سيسحب غبارا وأوساخا أقل.

واتهم فيبل شركات صناعة الدخان بأنها تعرف بهذه الحقيقة، وان السيجارة الخفيفة لا تقل ثقلا عن السيجارة الاعتيادية. وقال الباحث ان ما يسجل من نسب المواد الضارة على علبة السيجار قد تم قياسه آليا وبواسطة مجسات توضع عند طرف السيجارة الخالي من الفلتر وهي أرقام لا تعكس حقيقة الوضع. عدا عن ذلك فإن الشعور الكاذب بخفة السيجارة يدفع معظم المدخنين إلى تدخين عدد أكبر من السجائر ويدعوهم إلى سحب أنفاس أكبر وأعمق بهدف الحصول على جرعة النيكوتين نفسها التي تطالب بها أجسامهم المدمنة.

وحسب معطيات فيبل، فإن العديد من الدراسات التي اجريت تثبت اصابة المدخنين بأورام سرطانية في عمق النسيج الرئوي، وخصوصا بين مدخني السجائر الخفيفة. وتكشف هذه الحقيقة علاقة الأورام السرطانية بعمق الأنفاس التي يسحبها مدخن السيجارة الخفيفة.