فحص الثدي الذاتي ينقذ المرأة من مخاطر السرطان

يحتاج الورم إلى التضاعف 30 مرة لكي يصل قطره إلى سنتيمتر واحد و45 مرة لكي يصبح حجمه قاتلا

TT

تنشأ جميع السرطانات من خلية واحدة تقريبا، بعدما يطرأ عليها تحول خبيث لتشكل بعدها سلسلة انقسامات شاذة، وتتكاثر الخلايا الخبيثة بشكل اسرع من الخلايا الطبيعية، ويقدر ان الورم ينمو الى ثلثي حجمه، قبل ان يتم كشفه من الناحية التشخيصية العادية. فاذا كان الورم يحتاج الى التضاعف بمقدار ثلاثين مرة ليصل من خلية الى بليون خلية اي بقطر سنتيمتر واحد، فإنه يحتاج الى التضاعف بمقدار 45 ضعفا ليصل الى الحجم القاتل. واستنادا الى ديناميكية الاورام هذه، فإن معظم اورام الانسان تكون موجودة على الاقل لمدة 10 الى 15 سنة قبل اكتشافها.

لذلك هناك فترة زمنية طويلة منذ بدء الورم حتى بدء ظهور اعراضه الضاغطة، او المؤثرة على الجسم التي يمكن كشفها، وندعو هذا التحول بالحد الفاصل، او المرحلة الفاصلة.

فاذا اكتشف الورم خلال تلك المرحلة فإن المعالجة الدوائية والجراحية تعطي نتائج ايجابية وتزيد من نسبة الحياة المتوقعة. وهناك كثير من المؤشرات البيولوجية التي اذا ما استخدمت تساعد على كشف الاورام في المراحل الاولى من بدء المرض.

بريطانيا: نسبة عالية يعتبر سرطان الثدي القاتل الاول للنساء اللواتي تتراوح اعمارهن بين 40 و50 سنة. ولقد سجلت في بريطانيا أعلى نسبة حدوث لسرطان الثدي في العالم الغربي مقارنة مع فرنسا والمانيا والولايات المتحدة، حيث تصاب 22 ألف امرأة بالسرطان سنويا. ويبلغ عدد الوفيات السنوية حوالي 16 ألف وفاة، اما عدد الاصابات الاجمالي فقد يفوق 200 ألف اصابة مسجلة في مختلف المراكز البريطانية.

وهناك دراسات موسعة لمحاولة معرفة هذا التباين بين بريطانيا والدول الاوروبية. ويقول جون سميث الباحث في مركز السرطان في لندن، انه لا توجد اسباب واضحة حتى الآن تشير الى سبب ارتفاع عدد الاصابات. وقال ان هناك مجموعة من الفرضيات التي تقترح ذلك منها العامل الجغرافي الذي يبدو جليا في خروقات حدوث السرطان من منطقة الى اخرى، ففي اليابان على سبيل المثال، هناك اقل معدلات الاصابة بالسرطان، لكن اليابانيين المهاجرين الى اميركا لديهم نسبة حدوث اعلى تبعا للبىئة التي يعيشون فيها. واكد سميث على اهمية العامل الوراثي في الاصابة، فهناك 20 بالمائة من سرطانات الثدي سببها وراثي، وتم عزل مورثتين هما BRCA1 , BRCA2 المتموضعتين على الصبغي الوراثي رقم 17.

ويعتقد العلماء ان هذه المورثات لها علاقة بسرطان المبيض والسرطانات التابعة للاعضاء التناسلية ايضا. ويقلل بعض العلماء من اهمية ارتباط المعالجات الهورمونية مع سرطان الثدي، حيث يجب اجراء دراسات اكبر في هذا الموضوع. ويؤكد البعض الآخر على اهمية تلوث البيئة وتأثيرها على السرطانات بشكل عام، كما يمكن ان يكون للعوامل النفسية دور في اضطراب فيزيولوجيا الجسم ونشوء السرطان. وحاليا هناك دراسات تبحث في ذلك. كما يعطي الاطباء اهمية كبيرة لتأثير طبيعة الحياة والنمط الغذائي على الانسان، مثل التدخين وتناول المواد الدسمة والكحول وزيادة الوزن. ويتفق الجميع على ان الاشعاعات مصدر خطورة لحدوث السرطان.

الولايات المتحدة تسجل الولايات المتحدة 18 ألف اصابة بالسرطان سنويا، واكدت وزارة الصحة الاميركية على اهمية اجراء التصوير الماموجرافي للنساء اللواتي تتراوح اعمارهن بين 40 و50 سنة، لأنه وسيلة تشخيصية جيدة لكشف السرطان في مراحله البدائية بنسبة عالية. وبينت الدراسات ان نسبة الوفيات انخفضت بعد ان اعلنت الدولة برنامجها المكثف للكشف عن السرطان المبكر بهذه الطريقة، وصرفت الدولة ملايين الدولارات لتطوير هذا البرنامج. واعتبر الجهاز الجديد «جهاز الانذار المبكر الصدري» من الوسائل التشخيصية المبكرة او المحذرة وربطت بعض الابحاث بين المعالجات الهورمونية وسرطانات الثدي عند النساء اللاتي تتراوح اعمارهن بين 60 و69 سنة.

وأتى في بعض الدراسات ان عوامل الخطورة تزداد اذا كانت تستخدم امرأة المعالجات الهورمونية بسن مبكرة قبل سن العشرين.

ويقول ماك ميرفن رئيس مركز مكافحة الامراض السرطانية في نيويورك ان نقص عدد الوفيات يعود الى الاساليب العلاجية الحديثة والمطبقة بشكل مبكر. واشار الى ان هناك عدة خيارات لمعالجة سرطان الثدي، منها الجراحية والكيميائية والهورمونية والشعاعية. وبينت التجارب ان طريقة الجراحة لا تلعب دورا كبيرا في زيادة نسبة الحياة، لذلك يحاول الجراحون حاليا التخلي عن طريقة استئصال الثدي التي وصفها بعض الاطباء الاميركيون بأنها قمة الوحشية.

وظهرت حاليا طرق لاستئصال قسم من الثدي فقط مع المحافظة على العضلات الصدرية، والبعض يفضل استئصال الكتلة وما حولها فقط.

أما المعالجة الشعاعية فهي بديلة عن الجراحة وكثير من النساء يفضلنها على الجراحة وقد ظهرت طرق علاجية شعاعية جديدة، وذلك بتعرض المرضى الى برنامج شعاعي مكثف لمدة عشرة ايام، وسجلت نتائج جيدة.

روسيا بدأت اصابات سرطان الثدي بالازدياد في الاعوام الاخيرة، وذكر في المؤتمر الرابع للسرطان في روسيا ان شخصا واحدا يصاب بأحد اشكال السرطان في كل دقيقة. ويقول نيقولا ترابيرنيكوف مدير مركز الابحاث السرطانية في موسكو، ان ثلث عدد سكان روسيا سيصابون بنوع من السرطان اثناء مسيرة حياتهم في مطلع القرن المقبل. ويقول الدكتور فيكتور ليتياجين ان نسبة حدوث السرطان تبلغ 4 بالمائة من عدد السكان.

ومما يساعد على ازدياد السرطان هو عدم وجود برنامج حكومي للكشف المبكر، وتأخر تقديم العلاج والمساعدة، وسوء الحالة الاقتصادية، ورغم تلك الظروف، هناك محاولات جادة لتقديم المعالجة، وثمة امل كبير في مكافحة هذه الظاهرة.

فرنسا تبلغ نسبة حدوث السرطان في فرنسا 2 بالألف تقريبا وهي ضمن الحدود العالمية الطبيعية، ونظمت فرنسا برنامجا حكوميا للكشف عن السرطان المبكر لدى النساء اللواتي تتجاوز اعمارهن الخمسين عاما.

كما اجريت مجموعة من برنامج التأهيل النفسي والاجتماعي للنساء المصابات اللواتي خضعن للمعالجة الجراحية.

ومما لا يدعو الى الشك ان جراحة التجميل المتطورة في فرنسا ابدعت في العمليات الجراحية لاعادة ترميم واصلاح بقايا اثداء النساء اللواتي استؤصلت اثداؤهن بسبب السرطان.

ويقول البروفيسور جون كاربانتييه ان وعي المرأة واتباعها لعمليات الفحص الذاتي للثديين بشكل مستمر يلعب دورا مهما في الكشف عن السرطان المبكر. وبذلك تعطي المرأة نفسها فرصة اكبر للشفاء.

واخيرا يجب على كل امرأة تعاني من تبدل في موضع حلمة الثدي او عدم تناظر في الثديين او ظهور تشوهات جلدية خارجية مثل الاحمرار او الانكماش او تبدل اللون، مراجعة الطبيب فورا.

=