الجذام : معركة لم تحسم ضد مرض موروث من عصور غابرة

TT

باريس ـ أ.ف.ب: لا يزال الجذام، المرض الموروث من عصور غابرة، منتشرا في العالم بالرغم من التقدم المحرز الذي اتاح خلال السنوات الخمس عشرة الماضية شفاء حوالي 11 مليون مريض، والحد بشكل كبير من انتشار هذا المرض المعروف ايضا تحت اسم البرص.

فقد تمكن المرض الذي نظم اليوم العالمي لمكافحته امس من اجتياز عتبة القرن الحادي والعشرين رغم ان العلماء كانوا يعولون على استئصاله بنهاية عام الفين.

وتؤكد منظمة الصحة العالمية انه تم احصاء حوالي 740 الف حالة جديدة في .1999 ومنذ بداية عام الفين سجلت 750 الف حالة قيد العلاج.

وتقدر منظمة الصحة العالمية بحوالي 2.5 مليون عدد الحالات الجديدة المتوقعة بين اعوام 2000 و.2005 ويعاني ما بين مليون ومليوني شخص في العالم من عاهات خطيرة ناجمة عن هذا المرض المزمن الذي ينتقل بالعدوى ويخلف تشوهات، اذ ان الجذام يصيب الجلد والاعصاب (الرجلين واليدين والساقين) وكذلك العينين.

غير ان الابحاث حققت العام الماضي خطوة حاسمة مع فك رموز الارث الجيني لعصية الجذام بفضل تعاون فرنسي بريطاني تمثل بفريقي الاستاذين ستيوارت كول من معهد باستور الباريسي وبارت باريل من مركز سانغر في بريطانيا.

وقد انعش هذا الاكتشاف الامال لانه وفر اسسا جديدة تساعد على وضع تقنيات تشخيص لكشف الجذام الذي يمكن معالجته بشكل افضل في حال كشفه في وقت مبكر بحسب العلماء. كما ان هذا الاكتشاف يمكن ان يساعد في الابحاث المتعلقة بلقاحات محتملة وفي ايجاد طرق علاجية جديدة.

يبقى ان الوضع في الهند يثير قلقا كبيرا اذ احصي فيها 73% من عدد الحالات المسجلة على المستوى العالمي مطلع عام الفين. ويصيب المرض خصوصا خمس ولايات هندية هي البنغال الغربي وبيهار ومادهيا برادش واوريسا واوتار برادش، حيث سجل فيها اكثر من نصف (51%) من الاصابات الجديدة لدى منظمة الصحة العالمية.

وتشدد منظمة الصحة العالمية على ضرورة بذل جهود خاصة للقضاء على مرض الجذام في عشرة بلدان: البرازيل وغينيا والهند واندونيسيا ومدغشقر وموزمبيق وميانمار والنيبال وجمهورية الكونغو الديمقراطية وتنزانيا. لكن حتى في الهند يميل هذا المرض الى التراجع اذ ان عدد الحالات انخفض من 38.6 لكل 10 الاف شخص في العام الى 5 لكل 10 الاف في .1999 ويسمح العلاج الكيميائي المتعدد بشفاء البرص في غضون ستة او اثني عشر شهرا تبعا للحالات بدون انتكاس عمليا.

لكن تطبيق هذا العلاج الثلاثي لمكافحة الجذام الذي يحتوي على مضادات حيوية مثل الـ«دابسون» والـ«ريفامبيسين» و«كلوفازيمين»، يتميز غالبا بصعوبة التطبيق في البلدان التي لا تملك وسائل نقل كافية او مراكز للعناية الطبية. وتجرى حاليا دراسة علاج مبسط تطبيقه اسهل في معهد الدراسات التطبيقية للجذام في دكار. وقد تم وصف هذا العلاج في بعض انواع الجذام وان كانت الدراسة متواصلة حتى عام 2002 وهو يقضي باعطاء جرعة واحدة شهريا من الدواء المركب.

وتجدر الاشارة الى ان عدم مراعاة شروط النظافة الصحية يشجع على نقل هذا المرض القليل العدوى اصلا والذي ينتقل في معظم الحالات عبر الجهاز التنفسي. اما فترة حضانة المرض الذي ما يزال يسمى بمرض «هانسن» فهي خمس سنوات تقريبا، لكن اعراضه مثل ظهور بقع فاتحة اللون وغير حساسة على الجلد يمكن الا تبرز الا بعد 20 سنة.