تقنية تبريد الدماغ في تخفيف حدة إلحاق الأذى بالخلايا العصبية وموتها

TT

فائدة خفض حرارة الجسم في تخفيف الاستقلاب الخلوي، أي التمثيل الغذائي للخلايا، وبالتالي بقائها حية مدة أطول على قيد الحياة ليست جديدة العهد. وقد استخدم الأطباء هذه الصفة في حماية الخلايا من الأذى والموت في حال انقطاع التروية الدموية لمنطقة ما من الجسم بشكل مؤقت. وأبرز استخدامات تقنية حفظ الحرارة هي تبريد الجسم لأقل من 30 درجة مئوية لدى اجراء عمليات جراحة القلب المفتوح.

وحديثا بدأت تطبيقات التبريد على الدماغ لحفظه لأطول مدة زمنية ممكنة بعد الرضوض لكي يتسنى للأطباء تخفيف شدة الأذى والموت الدماغي الذي تنتج عنه غيبوبة وسبات. كما بينت الدراسات ان هذه التقنية تسرع الشفاء من الغيبوبة بشكل ملحوظ.

دراسات في دراسة سابقة نشرت في مجلة «نيو انجلند» قام الأطباء الأميركيون في مركز كباتسبرغ الطبي في ولاية بنسلفانيا الأميركية باجراء دراسات مقارنة بين اسلوب التبريد واسلوب المعالجة العادية. وضمت الدراسة حوالي 82 مريضا اصيبوا برضوض دماغية شديدة، حيث تمت معالجة نصفهم بالأساليب الدوائية التقليدية، والنصف الآخر عولج بواسطة التبريد، حيث تم خفض حرارة ادمغتهم واجسادهم الى 32 درجة مئوية لمدة 24 ساعة بعد الرض، ورغم ان الفارق الحراري قد يعتبره البعض بسيطا بين درجة حرارة الجسم الطبيعية 37 والدرجة المذكورة الا ان هذا الفارق يلعب دوراً كبيراً في حماية الخلايا وحفظ استقلابها وحاجتها للأوكسجين.

ووجد الباحثون بعد سنة من تطبيق المعالجة ان 62 في المائة من المرضى المعالجين بالتبريد يعودون الى حياتهم المستقلة من دون مساعدة الآخرين، مقارنة مع 32 في المائة فقط من المرضى الذين عولجوا بالوسائل التقليدية التي تعتمد على التقليل من تورم الدماغ وحدوث النزف.

ويقول الدكتور دونالد ماريون رئيس فريق البحث الذي قام بهذه الدراسة ان تبريد الدماغ يعمل بشكل أفضل من المعالجة العادية، لأنه يقي من وصول تلف الخلايا العصبية الى درجة عميقة.

وهذه الدراسة اثبتت صحة نظرية التبريد الدماغي التي ابتكرت عام 1943 التي قالت ذلك الوقت ان حفظ حرارة الدماغ يساعده على الشفاء من الرضوض الشديدة بسرعة.

لكن كانت هناك تساؤلات عديدة لم يستطع العلماء الاجابة عليها في حينه مثل مدة التبريد، وبعد فترة من الوقت يجب البدء بهذه العملية والى أي درجة ينبغي تبريد الدماغ؟

وفي محاولة لحل هذه الاسئلة قام ماريون وفريقه الطبي بتبريد مرضاهم بأغطية خاصة توضع على الرأس والجسم، وانابيب خاصة لادخال الماء المثلج على المعدة للحصول على تبريد داخلي ايضا ونصحوا ان تكون درجة الحرارة 32.2 درجة مئوية. ولم تتجاوز فترة التبريد الاساسية الى 24 ساعة، لكن احتاج الأطباء الى 12 ساعة اخرى الى ان تمت اعادة الجسم الى درجة حرارته الطبيعية (37 درجة مئوية).

وقال ماريون ان فروق المعالجة بدت واضحة منذ الشهر الثالث، حيث بلغت نسبة التحسن والشفاء في التبريد ضعفي المعالجة العادية.

وبشكل عام يعتمد الشفاء على درجة الاصابة وعمق الغيبوبة التي قسمت من 1 الى 10 حسب نظام مركز جلاسكو البريطاني للأمراض العصبية.

فإذا كانت درجة عمق الغيبوبة بين 5 إلى 7 فيمكن ان يصل التحسن والشفاء الى 73 بالمائة بعد التبريد.

مبدأ التبريد يعتمد مبدأ التبريد على تقليل آليات الاستقلاب الخلوية المسؤولة عن اصدار الطاقة وبالتالي تخفف حاجة الخلية للأوكسجين الذي يصل الى الخلايا عبر كريات الدم الحمراء الجارية في الدم. ومن ناحية اخرى تقلل نسبة الشوائب المطروحة في عمليات الاستقلاب المذكورة وبذلك ينخفض الاذى المحتمل منها، اذا كانت بكمية عالية. فالشوائب Fradicals ree تؤدي الى اذى الخلايا وتحرض على حدوث الموت الخلوي، اذا لم تطرح بشكل مناسب عبر الدورة الدموية.

ومبدأ التبريد اخذ ابعادا واسعة في السنوات الاخيرة وهو يستخدم حاليا لحفظ الاجساد الى الأبد (تقنية الكرايونك).

كذلك تستخدم هذه التقنية لقتل الأورام السرطانية، وذلك بتعريضها للأزوت السائل الذي تبلغ حرارته (ـ273) تحت الصفر، وفي المستقبل سوف تحدث تطبيقات اخرى لهذه التقنية.