آفاق جديدة لمعالجة السرطان وشفائه

البروفيسور فيليب سالم لـ «الشرق الأوسط»: هناك مفهومان جديدان لمعالجة الأورام الخبيثة

TT

* كل امرأة تجاوزت الخمسين ولديها قريبة عانت من السرطان يجب أن تأخذ دواء التاموكسيفين

* يمكن عكس تطور السرطان بأدوية وقائية مثل التيتراسيكلين والسيلبريكس

* هناك أدوية حديثة تكافح السرطان على المستوى الخلوي ويمكن أن تقتل الخلايا الخبيثة بدون أن تؤثر في السليمة هيوستن: الدكتور اسماعيل الخطيب [email protected] شفاء الانسان من السرطان مسألة لم تعد مستحيلة، فقد اشارت الاحصائيات الحديثة الى ازدياد نسبة البقاء على قيد الحياة بمعدل 50 في المائة عما كانت عليه في بداية التسعينات، وهذا يعني امرين، الاول: ان فهم الاطباء لآلية حدوث السرطان اصبحت اكبر، والثاني: ان هناك ادوية حديثة يمكن من خلالها مكافحة السرطان.

ومن المتوقع ان يتعامل الاطباء مع السرطان كأي مرض مزمن خلال السنوات العشر المقبلة.

ولتوضيح اهم التطورات التي حصلت عام 2000 في معالجة السرطان، التقت «الشرق الأوسط» البروفيسور فيليب سالم في هيوستن. ويعتبر البروفيسور سالم من اكبر رواد الطب في مكافحة السرطان، حيث صدر له اكثر من مائتي بحث دولي، ولعب دورا كبيرا في تعديل بعض اساليب المعالجة، وهو يترأس حاليا وحدة ابحاث السرطان في كلية الطب في جامعة بيلر الاميركية، ومركز إم. دي. اندرسون ومستشفى سانت لوك الذي يعتبر من اهم مراكز مكافحة السرطان في العالم، وكان لنا معه الحديث التالي:

* ما هو الجديد في مجال معالجة السرطان حاليا؟

ـ هناك مفهومان جديدان في معالجة السرطان، وسوف يؤديان الى تغير جذري بالنسبة لمعالجة السرطان في القرن الحالي.

المفهوم الاول: هو اننا تمكنا من فهم الفرق بين خصائص الخلايا السرطانية والخلايا الصحيحة، ونحن بصدد تطوير ادوية حديثة تقتل الخلايا السرطانية دون قتل الخلايا الطبيعية. وهذا برأيي انجاز كبير جدا وفي هذه الحالة يكون تجاوب الجسم للعلاج افضل وتكون التأثيرات الجانبية اقل.

* هل يمكن ان تعطينا امثلة طبية على هذا المفهوم الجديد؟

ـ مثال على ذلك هو دواء اللوكيميا الجديد الذي يرمز له حاليا بـ STIS 71. هذا الدواء يقتل الخلايا السرطانية في سرطان الدم المزمن غير اللمفاوي، ولا يؤثر في الخلايا الطبيعية نهائيا. وهذا الدواء لأول مرة في تاريخ الطب يكون على شكل حبوب، وليس مركبا كيميائيا يحقن بالوريد ويشفي حوالي 70 في المائة من المرضى ليس سريريا فحسب، وانما على مستوى المورثات او الكروموزومات.

فالمرضى الذين لديهم تشوه في كرموزوم «فيلادلفيا» في المرض المذكور، تختفي لديهم التأثيرات على مستوى التركيب الجزئي الدقيق بنسبة 50 في المائة.

وهذا يشير الى ان المريض شفي، ولن يعود اليه المرض بعد سنة او سنتين. وبشكل مختصر هذا الدواء سهل الاعطاء وفيه فائدة كبيرة للمريض، ولا توجد له اعراض جانبية، ولا يحتاج المريض للدخول الى المستشفى.

وهناك دواء آخر طرح في السنتين الماضيتين وهو دواء هيرسبكن Hercepkin يستخدم لعلاج سرطان الثدي. فهناك جزء كبير من النساء اللواتي تترواح اعمارهن بين 25 و40 سنة، يصبن بسرطان الثدي الهجومي، اذ يكون السرطان خبيثا بشكل كبير. واصبحنا نعرف ان هذا الخبث ناتج عن وجود مورثة تدعى HER-neuc التي تؤدي الى «خباثة» بعض انواع السرطانات. وهذه الفئة من النساء تستفيد من هذا الدواء بشكل كبير. وعادة يعطى هذا الدواء مع دواء آخر يدعى «تاكسول».

* هناك جدل طبي حاليا حول طريقة معالجة سرطانات الثدي، فالبعض يشجع الجراحة والاخر لا يشجعها، فما هو رأيك في هذا الموضوع؟

ـ معالجة سرطان الثدي تختلف من مريض الى آخر، وقرار العلاج يجب ان يتخذ من قبل عدة خبراء في سرطان الثدي. اذا كان السرطان في البداية، أي الورم، بامتداد اقل من سنتيمتر واحد فيجب استئصال الورم موضعيا وما حوله، وتستأصل الغدد اللمفاوية في الابط ويترك الثدي كما هو، لكن اذا كان الورم اكبر من سنتيمتر واحد فيجب عندئذ عدم الابتداء بالعمل الجراحي، بل يجب البدء بالمعالجة الكيميائية ، لان احتمال الانتقال كبير. وبعد اعطاء المعالجة الكيميائية يمكن اعطاء الاشعة. ومعظم المرضى الذين يعانون من سرطان الثدي يحتاجون الى الجراحة والاشعة والمعالجة الكيميائية. وكل اسلوب علاجي يختلف من مريض الى آخر.

* ما هو اهم تطور لسرطان الثدي عام 2000؟

ـ حاليا نستطيع منع حدوث السرطان لدى 50 في المائة من النساء اللواتي لديهن خطورة للاصابة بالسرطان، وذلك باعطاء دواء التاموكسيفين، وهذا الدواء مثبط لهورمون الاستروجين او يعاكس عمله، حيث تأخذ المرأة حبة يوميا، وبرأيي فإن كل امرأة عمرها اكثر من خمسين سنة ولديها في العائلة قريبة مصابة بالسرطان يجب ان تأخذ دواء التاموكسيفين.

* متى يمكن القول ان الانسان شفي من السرطان؟

ـ يتوقف ذلك على نوع المرض، فمثلا في اللوكيميا او اللمفوما، بعد خمس سنوات، لكن في سرطانات الثدي يمكن القول ان المرأة شفيت اذا لم يعد المرض الى انتكاس آخر بعد 10 سنوات. بشكل عام يمكن القول ان المريض شفي من السرطان اذا لم يعاود بعد خمس سنوات.

* تكثر اصابات اللمفوما في المنطقة العربية، وطالما ان لديك اهتماما خاصا في هذا المجال، وصدرت لك مجموعة من الابحاث بهذا الخصوص، فما هو الجديد حاليا؟

ـ اللمفومات في الشرق الاوسط تحدد بنقطتين، وقد وجدت في دراساتي ان اللمفومات في منطقتنا تزداد نسبة حدوثها بمعدل ثلاثة اضعاف عن الدول المتقدمة، وبالتأكيد لا بد من وجود سبب لذلك.

وهناك نوع خاص يدعى «ميديترينيان لمفوما» وكانت معظم كتاباتي عنه، فهذا النوع يصيب الامعاء لدى الشباب والفتيات بعمر يترواح بين 16 و35 سنة. وهو غير موجود في الدول المتقدمة.

وهذا يعكس اهمية التعامل بين البيئة والمورثات والنوع الاخير سببه بيئي، لانه محصور في الشرق الاوسط.

والايجابي في هذا الموضوع ان الطب تقدم في معالجة اللمفوما وحاليا يمكن شفاء نسبة كبيرة جدا من أولئك المرضى.

* هل يمكن ان تعطينا بعض الامثلة غير التي ذكرتها عن علاقة البيئة مع السرطان؟

ـ هناك مثال واضح وهو سرطان المثانة في مصر، وذلك بسبب البلهارسيا، وهذا احد النماذج التي تشير الى ان الالتهاب المزمن يمكن ان يؤدي الى سرطان بسبب الهجمات الالتهابية المتكررة. والسرطان يأخذ سنوات عديدة حتى يتحول الى النوع الخبيث. ويمكن الوقاية منه بالادوية، مثل الوقاية من سرطان الثدي بدواء التاموكسيفين، والوقاية من اللمفوما باعطاء دواء التيتراسيكلين، ودواء سيلبريكس الذي يعطى لالتهابات المفاصل ويمكن ان يقي من سرطان القولون.

* تكلمنا عن المفهوم الاول فما هو المفهوم الجديد الآخر في معالجة السرطان؟

ـ المفهوم الآخر في معالجة السرطان هو آلية منع حدوث السرطان بعد ان تكون عملية التحول قد بدأت. فهناك نوعان من الوقاية; الأول: الوقاية البيئية، ومثال على ذلك هو انه يمكن منع سرطان الرئة بقطع التدخين. اما الثاني: وهو الذي نتحدث عنه فهو الوقاية الدوائية الكيميائية، حيث يمكن عكس عملية التحول الى سرطان وقد ذكرنا امثلة على ذلك في السؤال السابق.

* ما رأيك في نظرية الوقاية من سرطان القولون بأخذ الاسبرين؟

ـ برأيي السيلبريكس اهم من الاسبرين. وحاليا هناك دراسات لمعرفة في ما اذا كان اعطاء السيلبريكس والاسبرين معا لمنع حدوث السرطان.

=