نقص الحديد في الجسم يؤدي إلى اضطرابات دماغية وخرف

TT

لقد عملت الهندسة الوراثية على كشف بروتين منظم للحديد يسبب اضطرابا شبيها بداء باركنسون لدى الفئران، هذا ما اعلنه العلماء أخيرا.

يشكل هذا الكشف مفتاحا لتطور فهمنا لأمراض الدماغ التي تؤثر في الحركة، هذا ما قاله الدكتور تراسي روالت، مدير الدراسة ورئيس قسم استقلاب الحديد عند الانسان في المعهد القومي الاميركي لصحة الطفل وتطور الانسان في واشنطن. وقد اضاف الدكتور تراسي انه في اثناء المراقبة الطويلة التي قام بها العلماء للمرضى المصابين بداء باركنسون وجدوا ترسبات من الحديد في ادمغتهم. ولا احد يعلم ما اذا كانت هذه الترسبات التي سببت المرض ام انها نتاج موت الخلايا بسبب المرض. وتابع روالت: «لقد بينا حدوث طفرة وراثية في البروتين المنظم للحديد قد تكون السبب في تدهور وظائف الدماغ عند الحيوانات، واضطراب استقلاب الحديد يؤدي لحدوث تنكس، وتراكم الحديد هو الدليل على هذا الاضطراب».

وقد استخدمت هذه الدراسة المنشورة في مجلة «نيتشر» فأرا اخضع للهندسة الوراثية لديه عوز في احد اهم البروتينات المنظمة للحديد وهو البروتين المسمى IRP2. ولوحظ اثناء التجربة تدهور حالة الفئران، اذ حدثت لديها اضطرابات في الحركة وتطور عنده ترسبات مخربة من الحديد في الدماغ واماكن أخرى مختلفة، وتتماشى الأذية الدماغية المشاهدة عند الفئران مع الأذية المشاهدة في الامراض المشابهة لداء باركنسون عند الانسان او ما يدعى بالضمور الجهازي العديد MSA والذي يشاهد عند حوالي %10 من مرضى داء باركنسون البالغين 1.5 مليون في الولايات المتحدة الاميركية.

هذا ولا يمكن الاعتماد على الاحصاءات التي تشير لمعدل حدوث الضمور الجهازي العديد MSA لأنه كثيرا ما نخطئ التشخيص. والاشخاص المصابون يعانون من عدم انسجام وتناغم حركاتهم كما تتأثر وظائف أخرى في الجسم كالضغط الدموي وعادات النوم التي يصيبها الخلل والاضطراب. ويشخص الضمور الجهازي العديد في اواسط العمر عادة.

يعيش الفأر العادي 18 شهرا، لكن الفأر المصاب بعوز IRP2 تحدث لديه اضطرابات خلال الستة اشهر الاولى من حياته، فيحدث رجفان قد يكون شديدا للغاية، اما مشية الفئران فيعوزها الانسجام وعندما تنقلب لا يمكنها العودة الى الوضع الطبيعي. وتترقى الحالة لديها لدرجة لا يمكنها معها الحصول على الطعام او الشراب لأن حركاتها تصبح في منتهى الصعوبة والاضطراب، وبينت الدراسة ايضا ان غياب الـ IRP2 يسبب تغيرات مقاسة في مستويات الحديد في الكبد وجزء من الامعاء.

وقد كشف الباحثون وجود كميات ملحوظة من ترسبات الحديد في المخيخ والنوى القاعدية وهي اجزاء من الدماغ ذات علاقة في تنظيم الحركات. وبقتل الفئران في مراحل مختلفة من تطورها وجد الباحثون ان ترسبات الحديد تسبق الأذية الدماغية. وعند حدوث الأذية الدماغية يشاهد تكثف في اجسام النورونات العصبية التي تفقد ايضا شكلها كما تصلب محاورها العصبية بالتنكس. وهذه الأذيات تشابه لحد بعيد ما يشاهد عند الانسان المصاب بالضمور الجهازي العديد MSA، الذي يتصف ايضا برجفان ومشية غير متناسقة، ويحاول الباحثون معرفة ما اذا كانت الأذية مشابهة لما هو مشاهد عند المصابين بداء باركنسون.

وهنا تبرز المعالجة الوراثية كاحتمال مؤكد في المستقبل، وحتى الآن ما يزال الباحثون يفتشون عن مصابين بأمراض مشابهة لداء باركنسون، وذلك لكشف ما اذا كانت المورثة المولدة للبروتين IRP2 قد تعرضت لديهم لحدوث طفرة بشكل ما. وقال روالت «نعتقد بوجود احتمال كبير ان يتعرض بعض الناس لحدوث طفرة في هذه المورثة، ونرغب بأن نجد هؤلاء الاشخاص».

=