البكتيريا الموجودة في الأنف قد تؤدي إلى أمراض قلبية واضطرابات دماغية مهمة

* جراثيم الفم قد تكون سببا لالتهاب المفاصل * القلق والاكتئاب من أمراض الجراثيم

TT

اشارت الدراسات الحديثة الى ان جراثيم الكلاميديا الرئوية Chlamydia Pneumoniae، المعروفة باحداثها لالتهاب الرئة الحادة (ذات الرئة)، يمكن ان تكون السبب لأمراض جهازية متعددة مثل التهاب المفاصل، والربو، والاكثر خطورة واهمية إحداثها لامراض القلب المزمنة. فقد عرف منذ سنوات قليلة ان هذه الجراثيم تعيش في الانف والحنجرة فقط، لكن الدراسات الحديثة بينت انها توجد ايضا في اللويحات الشريانية المتصلبة المعزولة من جدرانها الداخلية. ووجد العلماء ان هذه الجراثيم تؤدي الى تراكم الكوليسترول والكلس في حال اصابتها للطبقة الداخلية للاوعية الدموية، وبالتالي تؤدي الى تصلبها وانسدادها.

ووجد الدكتور سانديب كوبتا في احد البحوث التي اقيمت في مستشفى سان جورج في لندن، ان الذين لديهم هذا النوع من الجراثيم تزداد لديهم نسبة حدوث الامراض القلبية بمعدل اربعة اضعاف النسبة الطبيعية.

لكن لحسن الحظ اشارت الدراسات الجديدة الى انه يمكن تخفيف خطر حدوث الامراض القلبية الناتجة عن هذه الجراثيم باعطاء مضادات حيوية مضادة لهذا الجرثوم لمدة ثلاثة ايام متتالية.

وحتى الآن لم تعمم نتائج هذا البحث، ومن الصعب قبول حقيقة ان هذه الجراثيم مسؤولة عن امراض القلب الشريانية، لكن الباحثين يعترفون ان هذه الجراثيم موجودة في اللويحات التصلبية العصيدية، الموجودة في مناطق التضيق الشريانية.

وفي بحوث جديدة اجراها الدكتور روبرت موليستين في جامعة louisville بولاية كنتاكي الاميركية وجد ان جراثيم الكلاميديا الرئوية تحرض خلايا الشرايين الداخلية على افراز جزيئات كيميائية صغيرة تدعى «الكيموكيناز»، وهذه الجزيئات لديها المقدرة على تحريض الجهاز المناعي الداخلي لدى الانسان، عندما تهاجم الخلايا الدفاعية الجدران الداخلية على اعتبار ان هناك عوامل التهابية يجب السيطرة عليها.

وحتى الآن لم يستطع العلماء معرفة سبب عدم قدرة الجسم على التخلص من هذه الجراثيم الموجودة في جدران الاوعية بشكل طبيعي كما هو الحال لدى الاصابة بباقي الجراثيم.

ولا يمكن حتى الآن التكهن بأن البكتيريا هي السبب الرئيسي للامراض الجهازية، لكن من المؤكد ان الجراثيم والبكتيريا وسائر الاحياء الدقيقة تلعب دورا في إحداث الضرر، وذلك بواسطة الآلية الالتهابية التي تحدثها نتيجة لوجودها، حيث تؤدي الى التهاب مزمن طويل الامد يؤدي الى تأثيرات سلبية مثل التهاب المفاصل او داء كرون (التهاب الامعاء) والقرحة، وغيرها.

واشارت البحوث التي صدرت الاسبوع الماضي الى ان تأثير الالتهابات الجرثومية لا تقتصر على القلب والمعدة والكلية، انما يمكن ان تؤثر على الدماغ ايضا.

واذا حدث التهاب في الدماغ، فيمكن ان يؤثر ذلك على التصرفات والقدرات الفكرية والسلوك، وليس من الغريب ربط الامراض الاكتئابية والقلق والعته الدماغي مع الاصابات الجرثومية والبكتيرية.

وهناك نوع معروف من الجراثيم يدعى المكورات العقدية Streptococcus يمكنه ان يؤثر على الخلايا العصبية في بعض المناطق الدماغية، والتأثير لا ينتج من الجراثيم بحد ذاتها، انما من الاضداد التي يشكلها الجسم ضد تلك الجراثيم التي غالبا ما توجد في البلعوم والفم. وتؤثر هذه الاضداد بشكل كبير في بعض الحالات القليلة على النواة القاعدية في الدماغ basal ganglia. ولهذه المنطقة الدماغية علاقة بالاضطرابات النفسية القهرية، والسيطرة على الحركة والمشاعر.

ووجدت الدكتورة سوزان سويدو اختصاصية الامراض العصبية في المعهد الوطني للامراض العقلية في اميركا، ان الذين يعانون من امراض نفسية عانوا في مرحلة الطفولة من اصابات شديدة بالجراثيم المكورة العقدية.

وفي مستهل هذا الشهر كتبت الدكتورة هارفي سينجر في جامعة جون هوبكنز الاميركية في ولاية ميرلاند، مقالا في المجلة الطبية «بريتيش جورنال اوف مدسن»، ذكرت فيه ان الاصابة بالجراثيم العقدية، يمكن ان يؤدي الى تناذر «تورتي»، الذي يتميز بحب المرضى لتكرار اعمال او اقوال بشكل دائم خلال التعامل اليومي. ووجدت سينجر ايضا ان الاضداد التي يشكلها الجسم ضد العقديات تؤدي الى امراض العزلة والقلق.

واشارت التجارب الى ان معالجة العقديات بالمضادات الالتهابية، خاصة البنسلين، تؤدي الى تحسن حالة المرضى النفسية بشكل ملحوظ.

واشارت البحوث الحالية ايضا الى ان البكتيريا الموجودة في المياه يمكن ان تصيب الدماغ وتؤدي الى اضطرابات فكرية مهمة. وقد ربط البعض بين هذه البكتيريا ومرض الزهايمر الذي يعتبر من اهم امراض العته الدماغي في المجتمعات الغربية.