معالجة مرض الزهايمر بالمورثات

TT

تمكن الاطباء في جامعة كاليفورنيا الاميركية من اجراء اول معالجة جراحية وراثية لمريض مصاب بداء الزهايمر. وقد اجريت هذه الجراحة قبل عدة ايام لمريضة مصابة بداء الزهايمر الخفيف الشدة. ولم يكن هدف الجراحة هو الشفاء، بل هدفت لحماية الخلايا الدماغية والتخفيف من بعض اعراض المرض.

ويقول الدكتور مارك توسزينسكي رئيس فريق الباحثين الذي قام باجراء هذه العملية في جامعة كاليفورنيا: يجب التدخل باكرا ما امكن قبل حدوث تنكس الخلايا العصبية. وقد اجرينا الجراحة على مريضة تبلغ الستين من العمر، وقد شخص لها داء الزهايمر قبل ثلاث سنوات. وهناك سبعة مرضى آخرين سيدخلون في هذه الدراسة التي تهدف لتقييم سلامة هذا الاجراء الجراحي. ويقول الباحثون بأنه اذا نجحت المعالجة الوراثية فمن المتوقع ان يطرأ حدوث تحسن على الذاكرة والادراك خلال الاشهر القليلة التالية ويقول احد الخبراء ان هذه الجراحة عمل هام جدا، فالكثيرون قد تحدثوا عن اجراء معالجة وراثية لداء الزهايمر، ولكن حتى الآن لم يستطع احد القيام بها. وعلى كل حال لا نريد ان يعتقد المرضى او ذووهم انه بامكانهم الحصول على هذه المعالجة في المستقبل القريب.

وفي هذه المعالجة تم اخذ خلايا المريض واخضعت لتعديلات وراثية في المختبر لجعلها قادرة على افراز عامل النمو البشري. ومن ثم تم زرع هذه الخلايا المعدلة وراثيا في الفص الجبهي من الدماغ، وهي المنطقة المسؤولة عن ذاكرة التفكير والمحاكمة. وتدعى هذه المنطقة «الجهاز الكولينرجي»، وهي تشمل خلايا عصبية تنتج نواقل عصيبة، وهي الرسائل الكيميائية التي يستخدمها الدماغ لمعالجة المعلومات. وعند مرضى الزهايمر تنتكس الخلايا العصبية في هذا الجهاز وتتوقف عن انتاج النواقل العصبية اللازمة لأداء الوظائف الطبيعية.

ويقول الدكتور توسزينسكي: «نتوخى من دراستنا الاجابة عن سؤالين رئيسيين: الاول: هل يكفي ايقاف تنكس الخلايا في الجهاز الكولينرجي لتحسين الادراك عند مرضى داء الزهايمر، والثاني: هل سيمنع عامل النمو العصبي موت الخلايا مهما يكن سبب ذلك».

ويبقى الجدل قائما حول السبب الحقيقي لداء الزهايمر. والنظرية الاكثر قبولا هي تراكم لويحات من مادة نشوانية (Amyloid) الامر الذي شكل نقطة البدء في تدهور القدرة العقلية. وتتكون هذه اللويحات من خلايا عصبية ميتة او على وشك الموت.

وبدأت هذه الدراسة على البشر بعد 12 عاما من الدراسات التي تمت على الفئران والقردة. وقد اظهرت تلك الدراسات ان المعالجة الوراثية بعامل النمو العصبي تمنع موت الخلايا الكولينرجية وتوقف شيخوخة الخلايا. حيث تعود وظيفة تلك الخلايا الهرمة الى طبيعتها، وقد شاهدنا حدوث تحسن في الذاكرة عند الفئران الكهلة والشابة المصابة بأذيات دماغية.

ويطرح خبراء من جمعية الزهايمر تساؤلا عن مستقبل الخلايا المزروعة وهل ستبقى ثابتة. انه من الممكن ان تبدأ هذه الخلايا بالانقسام وتشكل حالة ورمية. لذلك هناك بالتأكيد تساؤلا حول سلامة هذا الاجراء يجب الاجابة عنه.

ان الصعوبة الاساسية في معالجة داء الزهايمر هي ايجاد دواء يمكنه عبور الحاجز الدماغي الدموي والوصول الى المنطقة الدماغية المتأثرة بالمرض. واذا نجح هذا العمل التجريبي لديهم فانه سيتيح امكانية ايصال عدد من الادوية بشكل مباشر الى الدماغ. فالمرضى لن يعانوا من رفض الخلايا المعدلة وراثيا والمزروعة اصلا من اجسامهم. ويتميز الزهايمر بتوضع لويحات وخيوط شبكية داخل الخلايا العصبية في الدماغ تنجم عنها بشكل اساسي اضطرابات في النطق والذاكرة والادراك. ويصيب هذا الداء حوالي اربعة ملايين اميركي. وطبقا لتوقعات جمعية داء الزهايمر سيصيب هذا الداء مع حلول نهاية القرن احوالي اربعة عشر مليون شخص في الولايات المتحدة الاميركية.