الخلايا السرطانية لديها قدرة على مراوغة الجهاز المناعي

TT

قدم بحث جديد براهين قوية على أن للجهاز المناعي دورا كبيرا في منع ظهور الأورام السرطانية. الا أن الباحثين أكدوا أن الأورام السرطانية لديها أساليب من المكر والمراوغة تمكنها من التجنب والافلات من دفاعات الجهاز المناعي.

ويقول الباحثون بأن مزيدا من الدراسات والأبحاث عن كيفية تمكن الخلايا الورمية من التغلب والافلات من الجهاز المناعي ستساعد في وضع معالم طرق علاجية جديدة للسرطان.

ويقول الدكتور روبيرت سكرايبر من جامعة بوسطن، الذي ترأس هذه الدراسة: ان هذا البحث قد يعيد الجدل القائم منذ أكثر من خمس وثلاثين سنة. فحتى أواخر السبعينات من القرن الماضي كان كثير من باحثي السرطان يعتقدون بأن الجهاز المناعي يلعب دورا هاما في منع ظهور الأورام السرطانية وذلك بالتعرف على الخلايا وتدميرها قبل أن تتم تحولاتها السرطانية.

وكانت هذه النظرية تعرف بنظرية الاشراف المناعي. الا أن هذه النظرية تلقت هزة عنيفة عندما بينت احدى التجارب في أواخر السبعينات أن الفئران التي عطل جهازها المناعي لم تعان من زيادة في حدوث الأورام مقارنة مع الفئران الطبيعية. ومنذ ذلك الوقت تجاهل معظم الباحثين نظرية الاشراف المناعي. الا أن تلك التجربة كانت تنطوي على خطأ هام، اذ أن الجهاز المناعي عند تلك الفئران لم يعطل بشكل كامل، وبشكل خاص الخلايا المناعية التي تدعى اللمفاويات Lymphocyte.

وعندما أجرى الدكتور سكرايبر التجربة على فئران عطل جهازها المناعي بشكل فعلي وتام، تبين أن الجهاز المناعي يلعب دورا في منع نمو الأورام. فقد تطورت الأورام بشكل باكر وبتواتر أكثر عند الفئران التي جردت من الخلايا اللمفاوية مقارنة مع الفئران التي كان جهازها المناعي طبيعيا.

وعلى الرغم من أن الباحثين تمكنوا من اثبات دور الجهاز المناعي في تثبيط الأورام، الا أن الدور الحقيقي الذي يلعبه اختلف عما كان يعتقد في الماضي، اذ أن للجهاز المناعي دورا وقائيا فعالا ومؤذيا قويا معا. ويوضح الدكتور سكرايبر هذا الدور بالقول ان الجهاز المناعي يقوم بتدمير الخلايا السرطانية عندما يستطيع التعرف على البروتينات أو المواد الأخرى التي تنتجها الخلايا الورمية.

ولكن بنفس الطريقة التي تتمكن بها الجراثيم من تطوير مقاومة للمضادات الحيوية المستخدمة، تقوم الخلايا الورمية بالتكيف مع هجمات الجهاز المناعي للجسم. فيمكن للخلايا الورمية الهروب من ضربات الجهاز المناعي بالتوقف عن انتاج البروتينات التي يتقصاها الجهاز المناعي للتعرف على الخلايا الورمية. وهذا يفسر سبب استمرار الخلايا الورمية بالنمو عندما نقلت من الفئران مثبطة المناعة الى فئران طبيعية.

وصحيح أن الخلايا الورمية يمكن أن تتحايل على الجهاز المناعي وتفلت منه، لكن تحسين وتطوير فهمنا لهذه العملية والآلية التي تتم بها، قد يقودنا لايجاد معالجة جديدة للسرطان. فمن خلال التعرف على البروتينات أو المضادات التي تنتجها الخلايا السرطانية، ثم تتوقف عن انتاجها لخداع الجهاز المناعي، يمكن للباحثين تطوير أدوية تستطيع عكس هذه العملية.

ويمكن لهذا البحث أيضا أن يساعد في التعرف على الكثير من المورثات المسببة للسرطان والتي تعرف باسم Oncogene غير المعروفة سابقا. ويعتقد الباحثون أن السبب في عدم التعرف على الكثير من المورثات السرطانية حتى الآن هو وجودها بحالة تثبيط دائمة لخداع الجهاز المناعي.

=