حويصلات صناعية لإدخال المورثات عبر الجهاز الهضمي الى الجسم

TT

لندن «الشرق الأوسط» تحكم البروتينات تصرفات وافعال الكائنات الحية من المهد الى اللحد. وكل بروتين يحتاجه الجسم محفوظ كشفرة كيميائية في الحمض النووي المنقوص الاوكسجين DNA. وهذا الحمض مركب من سلالتين طويلتين ملتفتين موجودتين في نواة كل خلية، حيث تحملان الاطلس الوراثي لكل نوع حي.

لقد وجد العلماء انه يمكن التأثير في انتاج المواد البروتينية بواسطة اجزاء صغيرة من مركبات الـ DNA والـ RNA الصناعية التي تدعى اوليفونيكلوتيد. ولقد اكتشفت هذه النيكلوتيدات (اوليفوس) منذ ثلاثين سنة بواسطة فريتز اينشتاين من معهد ماكس بلانك الالماني. لكن لم تحدد الفوائد العلاجية لهذه المركبات، إلا في الوقت الحاضر، حيث فتحت هذه المركبات الطريق امام معالجة مجموعة كبيرة من الامراض، مثل الاصابات الفيروسية والايدز واللوكيميا.... الخ.

صعوبات لكن كانت هناك صعوبات كبيرة لإدخال هذه المركبات بشكل سليم من دون ان تتأذى الخلايا. وحتى الان ما زال ادخال كميات كافية من المورثات الى الخلايا مسألة صعبة. والاوليفوس مركبة من ذرات كبيرة نسبيا من الصعب صناعتها داخل الجسم. ولقد بدأ العلماء الاميركيون حاليا العمل على تخطي هذه المشكلة. ووجد العلماء انه يمكن استخدام هذه المادة في تثبيط بعض اجزاء المركب الوراثي للخلايا او الفيروسات او في ابطال مفعول الحمض النووي المرسال RNA الذي ينقل المعلومات الوراثية من النواة الى اماكن خاصة من الخلية تقوم بصنع البروتينات واكثر الانواع الصناعية المستخدمة هي «الانتي سينس اوليفوس» التي ترتبط مع الحمض النووي المرسال RNA وبذلك لا تستطيع الخلية صناعة البروتينات غير المرغوب بها التي يمكن ان تسبب الامراض او تكاثر الفيروسات.... الخ.

تكنولوجيا جديدة «التريبليكس» تكنولوجيا اخرى يمكن من خلالها منع تصنيع البروتينات غير المرغوب بها في الخلايا. فهي ترتبط مع الحمض النووي المنقوص الاوكسجين ذاته، حيث لا يستطيع استنساخ الحمض النووي المرسال.

والمبدأ في هذه الطريقة هو التحام الاوليفوس مع الحمض النووي الثنائي السلسلة حيث تتشكل سلسلة ثلاثية غير فعالة.

ومن المتوقع الاستفادة من المركبات الصناعية المشتقة من الاوليفوس في معالجة السرطان والاصابات الفيروسية التي تعتمد كليا على استنساخ الحمض النووي الثنائي السلسلة والسيطرة على الخلية لحسابهما الخاص في عملية التكاثر. ولا يستبعد ان تحل هذه المعالجة بدلا من المعالجات الكيميائية السامة المستخدمة في مكافحة السرطان. ولقد سجل البروفيسور آلان جورتز استاذ التشريح والامراض الداخلية في جامعة بنسلفانيا تحسنا بنسبة %50 لدى 15 مريضا مصابين باللوكيميا عولجوا بواسطة الاوليفوس. ويأمل جورتز ان تقوم معاهد الصحة الوطنية في الولايات المتحدة بدعم اكبر للتجارب السريرية لهذا الاسلوب العلاجي، لأنه لا يكلف اكثر من 4 الاف دولار اميركي، مقارنة مع الطرق العلاجية الاخرى، فضلا عن ان تأثيراتها السمية قليلة.

حلول جديدة كان السؤال الذي يطرحه العلماء دائما كيف يمكن ادخال مادة وراثية الى الخلايا الجسدية عن طريق الجهاز الهضمي دون ان تتأذى وتنحل بالعصارة الهاضمة؟

وايجاد حل لهذه المشكلة سوف يفتح بابا جديدا للمعالجات الوراثية، اضافة الى ذلك ستصبح امكانية اخذ الانسولين عن طريق الفم سهلة بدلا من اخذ الحقن اليومية. ولقد صدرت دراسة جديدة في مجلة «نيتشر» العلمية بينت ان العلماء الاميركيين في جامعة براون في بروفيدنس في ولاية رود ايلاند وعدوا بحل لهذه المشكلة. ويعملون حاليا على ابتكار طريقة جديدة لادخال المواد الوراثية عن طريق الجهاز الهضمي، وذلك بتركيب خرزات بيولوجية صغيرة تحمل المادة الوراثية داخلها، ويمكنها العبور من جدار الامعاء لتفرغ محتواها الوراثي في السبيل الدموي.

وجرب العلماء مجموعة من المواد لمعرفة قدرتها على نقل المواد الوراثية في الفئران وكانت اكثرها فعالية مادة «البلاسميد» التي تدخل الى جدار الكبد والامعاء بسهولة، ومن شأن ذلك المساعدة على معالجة بعض الامراض الهضمية الالتهابية مثل داء كرون والقرحة الهضمية.

=