تحري سرطانات الثدي بشكل مبكر

تجربة تقنيات شعاعية جديدة على 2000 امرأة بريطانية

TT

بدأ الجراحون البريطانيون باستخدام تكنولوجيا جديدة في معالجة سرطانات الثدي التي تجرب حاليا على 2000 امرأة في مدينة كارديف التابعة لمنطقة ويلز في بريطانيا.

وتعتمد هذه التكنولوجيا على موجه شعاعي خاص مصمم لتحري انتشار الخلايا السرطانية حول الاورام ومعرفة مدى تغلغلها في الجهاز اللمفاوي للمصابين، خاصة العقد اللمفاوية. وهذه التكنولوجيا من شأنها ان تقلل من نسبة استئصال النسج الطبيعية، والعقد اللمفاوية السليمة خلال العمليات الجراحية المتبعة لاستئصال الاورام. ويتوقع الاطباء ان تحل الطريقة العلاجية الجديدة محل الاستئصال الروتيني للعقد اللمفاوية الموجودة تحت الابط، التي تجرى خلال عمليات استئصال الثدي بشكل كامل، أو استئصال الاورام بشكل منعزل لدى النساء.

والمعروف ان استئصال العقد اللمفاوية الابطية يؤدي الى اختلاطات مهمة لمرضى السرطان منها، الألم، والخدر الناتج عن أذية الاعصاب اثناء الجراحة، والتورم الشديد في الذراع نتيجة لانقطاع طريق عودة السائل اللمفاوي للدوران العام.

ويقوم مبدأ التكنولوجيا الجديدة على تصوير ثدي المريضة بواسطة مسدس شعاعي يستطيع تحري جميع النسج والخلايا المحيطة بالورم ذات الكثافة الشعاعية المنخفضة، حيث ترسم خريطة واضحة ودقيقة للثدي.

وخلال اجراء عملية استئصال الورم يستخدم الجراح مسدس غاما الشعاعي لتقصي الجريان اللمفاوي في الثدي، حيث يشير المسدس المزود بشاشة خاصة الى العقد اللمفاوية المصابة وذلك بابرازها كعقدة لماعة او متوهجة على الشاشة. فإذا كانت العقدة اللمفاوية مصابة يستأصلها الجراح، واذا لم تكن العقد مصابة، يكف الجراح عن تجريف او استئصال العقد اللمفاوية الابطية التي تستقبل السائل اللمفاوي القادم من الثدي.

وقد جرب البروفيسور روبرت مانسيل استاذ الجراحة في المستشفى الجامعي في ويلز هذه التقنية على 50 مريضة في كارديف وكانت النتائج ايجابية، وقال مانسيل ان هذه التقنية يمكن ان تستخدم لمعالجة معظم اورام الجسم، حيث يمكن تقصي انتشار الاورام اثناء العملية الجراحية، مثل اورام الامعاء، واورام الرأس، واورام العنق. وقال مانسيل، ان اهمية هذه الطريقة في معالجة سرطانات الثدي تكمن في انها تعطي مقياسا جيدا لمدى اصابة العقد اللمفاوية الابطية. واستنادا الى هذا المقياس تقرر الخطة العلاجية للمريضة، فإذا كانت العقد اللمفاوية مصابة توضع المريضة على جدول المعالجة الشعاعية، واذا لم تكن العقد مصابة يكتفي الاطباء بالمعالجة الجراحية. كانت الطريقة المستخدمة لتحري اصابة العقد اللمفاوية، هي استئصال العقد اولا ثم فحصها تحت المجهر وتحديد ما اذا كانت هناك خلايا سرطانية فيها لتحديد الخطة العلاجية. اما حاليا فيمكن بواسطة التقنية تحديد وجود الاصابة فورا خلال العملية الجراحية من دون تأخير.

يصيب سرطان الثدي اكثر من 18 الف امرأة في بريطانيا سنويا. ويعتبر السرطان الثاني لدى النساء بعد سرطان عنق الرحم. وهناك خلاف حاليا على الطرق العلاجية المستخدمة في معالجة سرطانات الثدي، خاصة الجراحية منها. فقد كانت تتبع سابقا طريقة استئصال الثدي والعضلات الصدرية مع العقد اللمفاوية في الابط ثم عدلت هذه العملية، إذ اقتصر الاستئصال على الثدي والعقد اللمفاوية فقط. وحاليا يفضل الجراحون استئصال الورم وما حوله من نسج، واستئصال العقد اللمفاوية تحت الابط التي يبلغ عددها بين 40 و50 عقدة تقريبا. وفي جميع الطرق المتبعة تعاني المرأة من مشكلة صحية، أو نفسية نتيجة لاستئصال الثدي.

ويعقد الاطباء آمالا كبيرة على التكنولوجيا الجديدة في خفض نسبة الحاجة الى استئصال النسج لدى النساء. ومن المتوقع ان تصبح امكانية القضاء على الخلايا السرطانية بشكل منعزل من دون التدخل على النسج الطبيعية قريبة جدا.

والدراسة الجديدة ستكون بداية الطريق في هذا المجال، فمسدس غاما قد يستخدم قريبا في تدمير الخلايا السرطانية من الخارج من دون اللجوء الى الجراحة، وذلك باعطاء عقاقير دوائية حساسة للاشعة ترتبط بالخلايا السرطانية وتدمرها اذا عُرضت للاشعة الخارجية.