لاصق بيولوجي ومرهم جديدان يمنعان حدوث الندبات الجلدية

* يتميز اللاصق بأنه يمنع نفاذ الماء إلى الجرح أيضا * يجب وضعه خلال 12 ساعة من الإصابة * إجراء عمليات جراحية لأجنة الحيوانات داخل الرحم لا تترك أي أثر للندبات

TT

بدأت الغرز الجراحية تفقد شعبيتها، ويعود الفضل في ذلك الى تطوير انواع جديدة هذا العام من اللاصق البيولوجي الذي جعل مهمة الكوادر الطبية اسهل، وخفف اعباء التخدير وألم الابر والخيوط الجراحية عن المرضى. ويوضع اللاصق البيولوجي على الجرح بواسطة فرشاة خاصة، حيث يؤدي الى انحلاله في السوائل الخارجة من الجرح ويحرض سلسلة من التفاعلات السريعة التي تؤدي الى تشكيل روابط مرنة ومتينة بين حواف الجرح خلال ثوان معدودة، وبعد دقائق من وضع اللاصق البيولوجي تصبح متانة الجرح موازية في قوتها لتلك التي تحدث بعد سبعة ايام من وضع القطب او الغرز الجراحية.

يدعى اللاصق الجديد بـ «ديرمابوند» ومن المتوقع ان يصبح متوفرا في الصيدليات على شكل علبة اسعاف تستخدم لدى الضرورة، خاصة للذين يصابون بجروح في مناطق بعيدة عن الخدمات الصحية، كما ان توفرها بين ايدي اطباء الاسرة والممرضات سوف يرفع الضغط عن وحدات الاسعاف المتخصصة التي تعاني من ضيق الوقت وزيادة عدد حالات الطوارئ. وفكرة اللاصق البيولوجي ليست جديدة العهد، وانما فكر فيها الاطباء منذ ثلاثين عاما اثناء الحرب الفيتنامية، وتطورت هذه الفكرة بشكل كبير في السنوات الاخيرة، وحاليا صنع لاصق من Cyanoac - Rylate، التي لا تؤدي الى شعور بالحرق في الجلد او النسج التي توضع عليها، وهي مادة سريعة التأثير وقوية التماسك، حيث تؤدي الى التحام الجرح بعد ثلاث دقائق من استخدامها.

وقال بيكر رازا المتحدث باسم شركة «اينيكون» البريطانية التي تقوم بتوزيع هذه التقنية، ان اللاصق البيولوجي مثالي للاستخدام في معالجة الجروح البسيطة النازفة في اليد والوجه والقدم والجسم، خاصة لدى الذين يقومون بأعمال من الصعب تركها.

تتم طريقة الاستخدام بتنظيف الجرح وتعقيمه، ثم تقريب حوافه من بعضها بعضا، ثم يدهن اللاصق بالفرشاة على شكل طبقات، فيعمل اللاصق بشكل فعال في تثبيت حواف الجرح بالوضعية المطلوبة ويمنع خروج الدم نهائيا من مكان تفرق انحلال الجلد.

* مرهم للندوب

* على صعيد آخر اجريت تجارب جديدة على 12 مريضا لمعرفة تأثير مرهم جلدي جديد صمم لاخفاء اثار الندبات الجلدية الناتجة عن الجروح والحروق والعمليات الجراحية. وكانت النتائج المبدئية مشجعة جدا في هذا المجال. وقاد الدراسة البروفيسور مارك فيرجيسون من قسم العلوم البيولوجية بجامعة مانشيستر البريطانية، وخضع فيرجيسون كمتطوعيه لتجارب مكثفة على المرهم الجديد، حيث احدثت في يديه وايدي متطوعيه جروح متعددة، ووضع عليها المرهم الجديد لمتابعة تطورات تماثل الجلد للشفاء والالتئام دون احداث ندبات تذكر.

يعمل المرهم الجديد على مبدأ ترميم النسج لدى الجنين خلال المراحل الاولى من الحياة. فلدى الجنين قدرة عالية على اصلاح الخلل في النسج وبسرعة كبيرة دون ترك أي اثر على وجوده. لذلك فكر العلماء بتحريض عملية الترميم هذه لدى الكبار بطريقة مماثلة تقريبا. ونجحوا خلال التجارب السريرية بالسيطرة على الندبات الناتجة عن جروح مفتعلة، لدرجة كبيرة، اذ من الصعوبة رؤية الاثر الجلدي للجرح بعد شفائه باستخدام المرهم.

بدأت فكرة انتاج المرهم من خلال الملاحظات المخبرية التي شاهدها الاطباء اثناء التجارب الجراحية على الحيوانات، حيث وجد ان اجراء عمليات جراحية لأجنة الحيوانات داخل الرحم، لا تترك اي اثر للندبات الجراحية بعد الولادة، اي كأن العمليات لم تتم، على الرغم من انها تتطلب احيانا شق الصدر او البطن. هذه الملاحظات اثارت انتباه البروفيسور فيرجيسون الذي اصر على معرفة آلية اختفاء الندبات للاستفادة منها لدى الانسان بعد الولادة.

وعندما نتكلم عن الندبات لا نعني الندبات الجراحية التي تؤثر في الشكل الخارجي للجلد وتأثيراتها التجميلية، انما نقصد الندبات بمعنى اشمل او الالتصاقات النسيجية الناتجة عن الجراحة والاذيات بجميع اشكالها واحيانا قد تكون مهددة للحياة، فالندبات التي تصيب العين او تتشكل في العين قد تؤدي الى العمى، والندبات التي تحدث في الامعاء والبطن قد تؤدي الى التصاقات في الاحشاء ومشاكل كبيرة مثل انسداد الامعاء، والندبات العصبية قد تؤدي الى اضطرابات كهربائية مثل الصرع... الخ.

عندما يتعرض شخص لجرح او اذى جلدي او غير جلدي، تبدأ الخلايا المناعية الموجودة في الدم بالتجمع في منطقة الاذى لتنظيف المنطقة من الجراثيم والفضلات الناتجة عن الخلايا البشرية المتأذية. وتفرز الخلايا المناعية مركبا جزيئيا يدعى «TGF ـ بيتا»، وهذا المركب يحرض على عملية اعادة الترميم في الجرح، ويفعّل الخلايا المضادة للالتهابات ويزيد من افراز عوامل الترميم والبناء الموجودة في منطقة الأذى. وكلما كانت عملية الترميم اسرع وغير مختلطة بالتهابات تكون الندبة صفراء وغير مرئية، لكن اذا كانت عملية الترميم بطيئة وهناك صعوبة في التخلص من الفضلات والجراثيم، فإن عملية الالتحام في مكان الاصابة تظهر على شكل ندبة كبيرة. وبالطبع هناك آليات أخرى لحدوث الندبات لدى بعض الناس بسبب تكاثر الألياف المرنة فوق الجلد، حيث تظهر الندبة على شكل حبل جلدي سميك واحمر تدعى بالجدرة، وتكون الاسباب غالبا وراثية تابعة لبنية الشخص الجينية.

ولاحظ العلماء ان الندبة الجراحية لا تتشكل لدى الجنين بسبب غياب المركب الجزئي «TGF ـ بيتا» في المراحل الاولى من الحياة. ورغم ان المركب المذكور مهم جدا في عملية الترميم، فغيابه لا يؤدي الى توقف عملية التئام الجرح لدى الاجنة، لأن هناك آليات متعددة تتدخل في هذه العملية. من هنا وجد العلماء ان تثبيط دور «TGF ـ بيتا» في عملية التئام الجروح لدى الكبار يساعد كثيرا على منع شكل الندبة والالتصاقات.

=