ملتقى رؤساء المراكز الإسلامية في أميركا اللاتينية يبحث أساليب جديدة لتصحيح المفاهيم الخاطئة عن الإسلام في الغرب

TT

عقد في مدينة بوينس ايرس بالارجنتين اخيراً الاجتماع الثالث لرؤساء المراكز والجمعيات الاسلامية في اميركا اللاتينية حضره ما يزيد عن ثلاثين مشاركاً يمثلون المؤسسات المعنية بالعمل الثقافي والاسلامي في اميركا اللاتينية، وهو في الوقت نفسه الاجتماع الثاني الذي تعقده المنظمة الاسلامية لأميركا اللاتينية بالتعاون مع المنظمة الاسلامية للتربية والعلوم والثقافة (الايسيسكو) وهذه المرة بمشاركة وزارة الشؤون الاسلامية والاوقاف والدعوة والارشاد في السعودية ممثلة في مركز خادم الحرمين الشريفين الملك فهد الاسلامي الثقافي في بوينس ايرس، وقد كان عنوان اللقاء «دور المراكز والجمعيات الاسلامية الثقافية في تصحيح صورة الإسلام».

وتمت جميع الجلسات وحفل الافتتاح والحفل الختامي في مركز خادم الحرمين الشريفين الملك فهد الاسلامي الثقافي في بوينس ايرس، وخاطب الاجتماع استيبان كاسيلي كاتب الدولة للأديان وممثل رئيس الجمهورية الارجنتينية، حيث حيا في كلمته الحاضرين في هذا الاجتماع ثم القى الدكتور محمد هاشم فالوقي المدير العام المساعد للايسيسكو، كلمة ركز فيها على أهمية التعريف بقيم الاسلام والتعايش في اطار الاحترام المتبادل والاسهام في صد الحملات المسيئة الى الاسلام وتصحيح المفاهيم الخاطئة. ثم كلمة الحكومة الارجنتينية للدكتور خوسيه كاميليو كردوسو المدير العام للمجلس الوطني للأديان بوزارة الشؤون الخارجية والتجارة الدولية والأديان التي بدأها بـ بسم الله الرحمن الرحيم (باللغة العربية) وختمها بالسلام عليكم (بالعربية ايضا) وقد جاء في الكلمة «الحكومة الارجنتينية هي دائما على أتم الاستعداد للتعاون مع المؤسسات الدينية الاسلامية في الارجنتين وتهتم بطلباتها عن طريق ادارة السجل الوطني للأديان. وقال ان رسالة الاسلام رسالة عالمية لم تأت الى قوم أو جنس معين فلا فرق بين من ولد من أبوين مسلمين او من اعتنق الاسلام في كبره أو بين من ولد في الارجنتين ومن ولد في الجزيرة العربية فهم جميعاً مسلمون، لهذا فإن الارجنتين وحكومتها تحترم شعائر ومشاعر المسلمين المقيمين في هذا البلد ارجنتينيين أو اجانب وتسمح بتطبيق هذه الشعائر بكل حرية من صلاة وزكاة وصوم وحج، كما أصدرت الحكومة منذ سنوات مضت القانون رقم 24757 باعتبار ايام اعياد المسلمين عطلة رسمية في جميع الارجنتين للأشخاص الذين يعتنقون هذا الدين وأمرت بفتح مصلى للمسلمين في مطار بوينس ايرس الدولي واعتماد 60 اسماً مسلماً في السجل المدني. وقال ايضا ان الصاق تهمة الاصولية والارهاب بالاسلام وترويجها في وسائل الاعلام هو خطأ نابع عن جهل أو بغرض التشويه، حيث ان هناك فرقا شاسعا بين المؤمن والمتطرف أو المتعصب لأن المؤمن في خدمة الله أما المتطرف فيضع الله في خدمته. والمؤمن تحت امر الله وينفذ ما يريده الله اما المتطرف فيضع ما يريد فوق ارادة الله والمؤمن يوحد الله كرب وخالق كل شيء والمتطرف يحارب الله والخلق. والمتطرف يغير الحب والإيمان الى تعد وبغض. والمتطرف يظهر بغضه لأخيه في الايمان والآخرين من ذوي الفكر المعارض لفكره أو من يخالفه في الرأي أو العقيدة أو الثقافة.

واخيراً قال: «اريد ان اكمل كلماتي بحديث للرسول محمد يقول: «قتل المتشددون» وكررها ثلاث مرات، وقال بأن التكرار في اللغة العربية وفي هذه الحالة يعني خطورة المعنى او الكلمات».

كما تحدث في الاجتماع الدكتور توفيق بن عبد العزيز السديري وكيل وزارة الشؤون الاسلامية والاوقاف والدعوة والارشاد في السعودية المكلف الشؤون الاسلامية وأمين عام مركز خادم الحرمين الشريفين الملك فهد الاسلامي الثقافي في بوينس ايرس ركز فيها على رفض الصورة التي يحاول البعض رسمها للإسلامي خاصة في هذه الظروف التي يعيشها المسلمون فقال: يجب ان نؤكد للجميع وبصوت عال ومسموع من خلال ممارستنا اليومية ومن خلال تعاملنا مع الآخرين أن الإسلام دين السماحة والمساواة والمحبة والرحمة ويجب ان يفرق بين سلوك بعض الاشخاص وبين الاسلام. وقال ايضا ان مركز خادم الحرمين الشريفين في بوينس ايرس انشئ من اجل تحقيق الاهداف الاسلامية النبيلة وليكون منطلقا للقاء حضاري وربط مسلمي هذه القارة بدينهم ويكون مركز اشعاع حضارياً. ثم القى الدكتور ناصر بين ابراهيم التويم مدير مركز خادم الحرمين الشريفين الملك فهد الاسلامي الثقافي في بوينس ايرس كلمة قال فيها: ان الدين الاسلامي اشاع كلمة السلام بطرق مختلفة ولم تشع في أمة من الأمم ولم يكثر استخدامها في اسماء أبنائها ومدنها كما في أمة الاسلام. وقال: ان دين الاسلام قد فهم فهماً خاطئاً، لذا فسنحاول من خلال هذا الاجتماع ان نلتمس الطرق الملائمة لبيان حقيقته وسبر اغوار قضاياه والوقوف على اهدافه السامية. ثم كلمة قاسم طيجن رئيس التجمع الاسلامي الفنزويلي ممثلاً عن المشاركين التي طالب فيها المنظمات الاسلامية العالمية بزيادة الاهتمام بالمسلمين في اميركا اللاتينية اسوة بباقي القارات ومساعدتها في رد الشبهات والدعايات المغرضة لأنهم، حسب قوله، مهددون في عقيدتهم وهويتهم الاسلامية. كما ألقى المهندس محمد يوسف هاجر الامين العام للمنظمة الاسلامية لأميركا اللاتينية كلمة دعا فيها الى تعميق الحوار مع المؤسسات السياسية والحكومية والشعبية في جميع الدول غير الاسلامية لتوضيح حقيقة الاكاذيب التي تطلقها بعض اجهزة الاعلام حول الاسلام ورفض كل أنواع القهر والظلم بحجة المحافظة على الأمن والاستقرار والسلام وفتح باب الحوار والتعايش السلمي والاحترام المتبادل. وطالب بإنشاء محطة فضائية اسلامية عالمية. كما ادان ارهاب الدول وضرب مثالا على ذلك ما يحدث في فلسطين والهند والشيشان وبورما وكشمير وغيرها. وقال ان مصطلح حرب الاديان وصراع الحضارات ما هو الا عنصرية ثقافية جديدة يجب مقارعتها بالحكمة والعقل. وحث المسلمين الاميركيين اللاتينيين بأن يكونوا مواطنين صالحين يدافعون عن اوطانهم ويلتزمون برموزها ويقابلون اساءة المغرضين بمزيد من المظاهر الوطنية، وان السكان الآخرين في هذه القارة هم اخوانهم مهما كان انتماؤهم الديني أو العرقي. ثم القى الدكتور محمد هاشم فالوقي المدير العام المساعد للايسيسكو عرضا عن دور الايسيسكو في تعزيز رسالة الحوار بين الحضارات. كما القى الدكتور احمد سعيد ولد اباه عرضا عن جهود الايسيسكو في سبيل تفعيل استراتيجية العمل الثقافي الاسلامي في الغرب، والوثائق المنجزة في هذا المجال.

ثم عقدت جلسة العمل الثانية في اليوم نفسه والتي ترأسها المهندس فريد عمادي الوكيل المساعد للتنسيق الفني والعلاقات الخارجية بوزارة الأوقاف والشؤون الاسلامية في الكويت وقد تناولت عروضا عن واقع المسلمين والعمل الاسلامي في اميركا اللاتينية قدمها كل من المهندس محمد يوسف هاجر الأمين العام للمنظمة الاسلامية لأميركا اللاتينية والدكتور ناصر بن ابراهيم التويم مدير مركز خادم الحرمين الشريفين الملك فهد الاسلامي الثقافي في بوينس ايرس وعبد الباقي سيد أحمد عثمان مدير الجمعية الخيرية الاسلامية في ريو دي جانيرو ـ البرازيل. وكانت جلسة العمل الثالثة برئاسة الدكتور محمد هاشم فالوقي، وكان موضوع الجلسة «حقيقة الاسلام وصورته في الغرب» وقد تضمنت عروضا حول: «الاسلام دين السماحة» للشيخ ناصر بن محمد المقبل امام مسجد مركز خادم الحرمين الشريفين الملك فهد الاسلامي الثقافي في بوينس ايرس. و«صورة الاسلام في الغرب وموقفنا منها»، للدكتور ناصر بن ابراهيم التويم، و«كيفية تصحيح صورة الاسلام المشوهة» ـ للمهندس مأمون معلم مدير مسجد الشيخ ابراهيم البراهيم في كاركاس فنزويلا.

ثم جلسة العمل الرابعة التي ترأسها الدكتور توفيق عبد العزيز السديري وكيل وزارة الشؤون الاسلامية والاوقاف والدعوة والارشاد في السعودية. وقد تلخصت اهم التوصيات التي قدمها المشاركون خلال جلسات عمل الاجتماع او التي تم استقراؤها من مداخلاتهم ومناقشاتهم، ومنها تأكيد الدعوة للايسيسكو والجمعيات الاسلامية المختلفة من اجل ابداء المزيد من الاهتمام لترجمة المؤلفات المرجعية عن الاسلام والثقافة الاسلامية الى اللغتين البرتغالية والاسبانية، وحث المراكز والجمعيات الاسلامية على تعزيز علاقات التعاون والتبادل واستخدام آليات الاتصال الحديثة من اجل تطوير التواصل بينها، ودعوة المراكز والجمعيات الى انشاء مواقع على شبكة الانترنت للتعريف بأنشطتها وتسهيل الاتصال مع المراكز الاخرى والحصول على المعلومات المتوفرة في المواضيع ذات الصلة باهتمامها. والتأكيد على ضرورة اعداد دراسات متخصصة حول واقع الاسلام والمسلمين في اميركا اللاتينية وعن المراكز والجمعيات الثقافية الاسلامية الفاعلة وخصوصيات العمل الاسلامي بالنسبة لأميركا اللاتينية. ودعوة المنظمات الاسلامية المتخصصة الى تزويد المراكز والجمعيات الثقافية الاسلامية بالكتب المتخصصة والمراجع المتعلقة بالعلوم الشرعية، ودعم اشتراكاتها في الدوريات والمجلات التي تهتم بالدراسات الثقافية الاسلامية. وشكر منظمة الايسيسكو على تبني مشروع انشاء قناة فضائية اسلامية تبث باللغات الاجنبية. وحث المنظمات الاسلامية المتخصصة على تقديم الدعم المادي والفني للمراكز والجمعيات الاسلامية في اميركا اللاتينية وتكثيف التعاون معها من اجل التصدي للحملة الشرسة التي يتعرض لها الاسلام في هذه الفترة، وتقديم الاسلام في صورته الصحيحة. وحث المراكز والجمعيات الاسلامية على تشجيع الحوار والحضور الايجابي للجاليات المسلمة في مجتمعاتها والاضطلاع بالمسؤوليات التي تفرضها واجبات المواطنة والتأكيد على أهمية عقد الدورات الشرعية لتكوين القيادات الدينية وتنظيم المخيمات والقوافل ومختلف الانشطة التربوية والاجتماعية خاصة لفائدة الشباب والمسلمين الجدد. والتأكيد على ضرورة مشاركة المرأة في جهود العمل الاسلامي الموجه للنساء والأطفال وتطوير برامج الطباعة والترجمة والنشر خصوصاً باللغتين الاسبانية والبرتغالية واعداد دراسة احصائية عن ما تمت ترجمته من كتب مرجعية حول الاسلام والثقافة الاسلامية وتحديد الأولويات في مجال ترجمة هذه الكتب. والعمل على اصدار مجلة فصلية باللغة الاسبانية تهتم بتغطية العمل الاسلامي في اميركا اللاتينية. وتأسيس وقف اسلامي في كل دولة من دول اميركا اللاتينية وتسجيل المساجد والمدارس كوقف، وذلك لحمايتها والحفاظ عليها والابتعاد عن العمل الفردي والشخصي وتأصيل العمل المؤسساتي الجماعي.