علماء دين وأطباء يختلفون حول مشروعية تزويج المعاق ذهنيا

TT

أكد علماء دين وأطباء ان الاسلام سبق النظم الوضعية الحديثة في توفير الحماية اللازمة للمعاقين في كل مراحل عمرهم فضلا عن مكافحة الاسباب التي تؤدي الى انتشار الاعاقة.

وطالبوا خلال المؤتمر الأول لجمعية المعاق ذهنيا الذي نظمته الجمعية بالتعاون مع مركز الاقتصاد الاسلامي بجامعة الأزهر اخيرا بنشر الوعي الديني بأهمية التعاطف مع المعاق ومساندته باعتبار ذلك تقربا الى الله وتخفيفا من معاناة الضعفاء.

وقد تفجر خلال مناقشات المؤتمر عدد من القضايا الساخنة التي دارت حول درجة الاعاقة وهل تحول دون التكاليف الشرعية؟ وهل للمعاقين ذهنيا الحق في الزواج؟ حيث اختلف علماء الدين والاطباء حول مشروعية زواج المعاق ذهنيا.

وأكد الدكتور محمد عبدالحليم عمر مدير مركز صالح كامل للاقتصاد الاسلامي ان المعاقين يحتاجون الى نفقات لرعايتهم طبيا ونفسيا وتعليميا، مشيرا الى أهمية المساهمة من أهل الخير في رعاية المعاقين ذهنيا استجابة لأمر الله تعالى في التعاون على البر والتقوى وتحقيقا لمعاني الانسانية.

وقال الدكتور عمر ان نسبة الاعاقة تختلف من شخص الى آخر وان للمعاق حقوقا اجتماعية منها حقه في الزواج والانجاب بالاضافة الى رعايته الصحية.

بينما يؤكد الدكتور عبدالصبور شاهين الداعية الاسلامي ان المعاق ذهنيا ليس لديه القدرة على التفكير فيما يسمى بالتناسل أو أي شيء يتعلق بالمستقبل، ويواصل الدكتور شاهين حديثه اننا نطبق القول المأثور «اذا اخذ ما وهب (وهو العقل) اسقط ما وجب»، وأوضح ان الشخص المعاق ذهنيا لا يدخل في اختصاص الشرع ولا يستطيع أي عالم ان يلزمه بالصلاة او الصوم أو أي تكاليف شرعية.

وقال انه يجب ان تدرس مسألة الاعاقة من سائر وجوهها الفيزيقية والذهنية والسيكلوجية ولابد من أخذ رأي المختصين في هذا الأمر وهم الأطباء لان مسألة الاعاقة الذهنية مسألة ترتبط بفيزياء المخ.

واكد الدكتور شاهين انه لو افتى العلماء باعطاء الحق للمعاق ذهنيا في الزواج فانه ينجب أطفالا متخلفين عقليا بسبب العامل الوراثي وهذا نوع من التعذيب للانسان.

أما الدكتورة أمينة نصير استاذة الشريعة الاسلامية بجامعة الازهر لها رأي مخالف للآراء السابقة، حيث تؤكد ان فئة المعاقين ذهنيا لهم الحق في الزواج مثلهم مثل بقية أفراد المجتمع، وذلك لان الجانب الغريزي لديهم لا يعرف الاعاقة، ومن ثم كان تجاهلهم له عواقب خطيرة تشمل المجتمع بأسره، فكان لابد من السعي لزواجهم وذلك اعتمادا على القاعدة الفقهية التي تقول «درء المفسدة مقدم على جلب المنفعة».

كما استنكرت الدكتورة أمينة الرأي القائل بضرورة تعقيم هؤلاء المعاقين عند الزواج، مؤكدة ان هذا الأمر لايجوز شرعا ولكن الاسلوب الأمثل هو ضرورة اهتمام أهل المعوق باختيار الزوجة أو الزوج المناسب اذا كان من الأصحاء حتى يكون أمينا على تربية الابناء لانه سوف يقوم بدورين معا الأم والأب، أما اذا كان الزوجان من المعاقين فيجب تفعيل دور الأهل من حيث الاهتمام بالابناء ورعايتهم حق الرعاية.

أما الدكتور عبدالعزيز الشخص رئيس مركز الارشاد النفسي في جامعة عين شمس يشير الى ان كثيرا من افراد المجتمع يعتقدون خطأ ان حاجات المعوق ذهنيا ورغباته تنحصر فقط في أمرين هما الطعام والشراب ويتجاهلون حاجاته البيولوجية وغرائزه الجنسية التي قد تكون أكثر عنفا من غيرهم، مؤكدا ان هذا التجاهل تكون له عواقبه التي تشمل المجتمع بأسره حيث ان هؤلاء إما يلجأون لاشباع غرائزهم بصورة فوضوية لا تحكمها أي ضوابط وإما يستغلهم الشواذ من أفراد المجتمع للاعتداء عليهم رجالا ونساء، وما أكثر الجرائم التي ارتكبت بهذا الشأن ومن ثم لابد من ادراك هذا الخطر والتصدي له من خلال الاعتراف بحق هذه الفئة في الزواج لتحصينهم وتحصين المجتمع من الانحراف، ولكن هذا الزواج لابد ان تكون له ضوابط وهي انه في حالة الاعاقة الشديدة لابد من تعقيم الزوجين بمعنى حرمانهم من الانجاب، وذلك لعدم قدرتهم على تربية الابناء.

أما في حالة الاعاقة المتوسطة فلا مانع من ان ينجبوا اطفالا ولكن يجب تفعيل دور الأهل في الاهتمام بهؤلاء الاطفال ورعايتهم وتنشئتهم تنشئة سليمة، وهناك تجارب كثيرة في الريف تشهد على نجاح هذا الأمر.

من جانب آخر تعترض الدكتورة سميرة شندي استاذة الطب النفسي في جامعة عين شمس على هذا الزواج، مؤكدة ان الزواج مسؤولية كبيرة وليس مجرد اشباع للرغبات ومن أهم شروطه ان يكون الرجل كامل الاهلية قادرا على الانفاق ومقدرا للواجبات الزوجية وهذه الأمور يفتقدها المعاق ذهنيا، وبالتالي فانه لا يجب الترحيب بزواج محكوم عليه بالفشل حتما. واضافت ان هناك ضررا أكثر خطورة اذا افترضنا استمرار هذا الزواج وهو زيادة عدد المعاقين ذهنيا في المجتمع نتيجة لعامل الوراثة، ومن هذا المنطلق يصبح هذا الزواج أمرا غير مقبول.