علماء ومفكرون في مؤتمر الإسلام والغرب: الإسلام يدعو إلى الحوار والتواصل بين الحضارات لإقرار السلام العالمي

TT

رفض المشاركون في المؤتمر الدولي السابع للفلسفة الاسلامية، الذي نظمته كلية دار العلوم بجامعة القاهرة اخيرا تحت شعار «الاسلام والغرب»، المقولة التي رددها بعض الكتاب الغربيين بأن «الشرق شرق والغرب غرب ولن يلتقيا»، مؤكدين فساد دعوى هنتنجتون بحتمية الصراع بين حضارة الشرق وحضارة الغرب، وأشاروا الى ان التمايز الحضاري من شأنه ان يهيىء المناخ لتفاعل إيجابي خلاق بين الحضارات يسهم بشكل فعال في خدمة قضية السلام العالمي من أجل خير البشر جميعا.

وفي كلمة بعنوان «العلاقة بين الاسلام والغرب حوار أم صراع»، أكد الدكتور محمود حمدي زقزوق وزير الاوقاف المصري ان الدين يشكل عنصرا أساسيا في تكوين أي حضارة، مشيرا الى ان الحضارة الاسلامية تقوم في جوهرها على أسس اسلامية، كما ان المسيحية تشكل أحد المقومات الأساسية للحضارة الغربية.

وقال ان المسيحية ديانة ظهرت وازدهرت في الشرق قبل أن تعرف في الغرب، بل ان كل الأديان السماوية المعروفة نشأت كلها في الشرق، وان السيد المسيح عليه السلام عاش حياته كلها في الشرق وانطلقت تعاليمه الى كل أرجاء الدنيا من الشرق، وبالتالي فان علاقة الغرب بالشرق من الناحية الدينية علاقة عضوية ولا توجد بينهما أية قطيعة.

واضاف انه عندما ظهر الاسلام في القرن السابع الميلادي لم يقف موقفا مضادا لأي دين سماوي واعترف باليهودية والمسيحية بوصفهما رسالتين إلهيتين واعتبر نفسه آخر حلقة في سلسلة طويلة من أديان الله الى البشر.

وقال ان دعوى صراع الحضارات التي راجت في العقد الماضي، تنقض نفسها بنفسها، مؤكدا ان الحضارة تعبير عن أرقى ما يمكن ان يصل إليه الانسان من التقدم المادي والروحي والاخلاقي، وانها بذلك تنفي كل أشكال التعصب أو رفض الآخر أو الاستعلاء عليه.

وأوضح الدكتور زقزوق ان الحضارات تتفاعل وتتلاقى ويثري بعضها بعضا، فالصراع عندما يحدث بين الحضارات تكون له أسباب أخرى يجب البحث عنها، وان الذي يقرأ التاريخ لا يجد ثمة أي قطيعة فكرية أو ثقافية بين الشرق والغرب أو بين الاسلام وأوروبا، فالمسلمون كانوا منذ البداية منفتحين على الثقافة الاوروبية حيث قاموا بترجمة الفلسفة والعلوم اليونانية الى العربية ودرسوها وطوروها وأضافوا إليها الكثير من ابتكاراتهم.

وأشار وزير الاوقاف الى ان القواسم المشتركة ونقاط الالتقاء بين حضارة الغرب وحضارة الشرق أكثر من نقاط الاختلاف الأمر الذي يثبت بوضوح بطلان المقولة باستحالة التقاء الشرق والغرب.

ومن جانبه أكد الدكتور مفيد شهاب وزير التعليم العالي والدولة للبحث العلمي في مصر، في كلمته للمؤتمر، اننا نحتاج الى فلسفة اسلامية توضح ان الاسلام دين عالمي يستوعب الشعوب جميعا والثقافات جميعا بمبادئه العليا وتعاليمه السلمية التي تظل دائما فوق اختلافات الأمم والشعوب، وانه بمرونته الرائعة قادر على ان يحتضن بين جناحيه مختلف الاجناس وان يجمع تحت مظلته السمحة أصحاب المذاهب والأديان الأخرى.

وأوضح الدكتور شهاب ان علاقة الغرب بالاسلام والمسلمين تأخذ في الآونة الاخيرة منعطفا تاريخيا بالغ الخطورة وتتعرض للكثير من الرياح التي تكاد تعصف بها وبرصيد حضاري هائل أنجزته على مدى قرون متواصلة أمتنا العربية بالتعاون مع العديد من الأمم الأخرى. مؤكدا ضرورة الحفاظ على هذه العلاقة من كل عوامل التخريب، وان ذلك لا يتم إلا بواسطة عقول مفكرة ونفوس ذكية تعرف للانسانية قدرها.

وأكد الدكتور نجيب الهلالي جوهر رئيس جامعة القاهرة ان الاسلام قوة فطرية دافعة الى القيم الحضارية والانسانية والثقافية وهو دعوة عالمية تمد يدها الى كل الديانات والاجناس والشعوب وقوة تبني وتحنو، مصدرها الرحمة والتآخي بين بني الانسان، مشيرا الى ضرورة وجود صيغة حوارية علمية صحيحة، تدعو الى حوار أمين يبغي تضييق شقة الخلاف والمنافرة القائمة بين الاسلام والغرب.

كما أكد الدكتور احمد كشك عميد كلية دار العلوم ورئيس المؤتمر ضرورة ان يتعاون الغرب مع الاسلام، ويدرك ان الاسلام دعوة عالمية للخير والحب والتقدم والرقي، وان يخلص النية له ويرفع عن كاهله الظنون والشكوك، وان يقرب منه في عدل وسلام، فالغرب اذا مد للاسلام يدا بصدق وحق قدم له الاسلام بعطائه الخلاق أيادي لا تعرف البخل والمن على الاطلاق.