د. عبد الله شحاتة: مناهج الأزهر لا تصلح لواقعنا الجديد وتحتاج لتطوير

TT

انتقد الدكتور عبد الله شحاتة استاذ الشريعة بكلية دار العلوم جامعة القاهرة، المناهج التي يدرسها طلاب الأزهر الآن من علوم دينية، لأنها لا تصلح لواقعنا الذي نعيشه الآن.

وقال الدكتور شحاتة خلال الندوة التي أقيمت بجامعة القاهرة اخيرا تحت عنوان «الاسلام وحوار الحضارات»: انني تعلمت في الأزهر الشريف، لكن التحديات التي يعيشها مجتمعنا الاسلامي الآن تقتضي منا ضرورة تطوير هذه المناهج من خلال أبناء الأزهر أنفسهم الذين يجمعون بين دراسة العلوم الدينية وفهم الواقع الجديد وما يفرضه من تحديات تقتضي اسلوبا آخر في الحوار مع الحضارات وليس الصدام معها.

وأوضح شحاتة ان علماء الاسلام في العصر الحديث قد اخطأوا كثيرا عندما ظلوا لسنوات طويلة يرمون الحضارة الغربية بالفساد، ولم يروا فيها الاجزاء الايجابية التي مكنت المجتمعات الغربية من التقدم في العلوم المختلفة، مما منحهم القوة التي جعلتهم يتطاولون على المسلمين مرة في أفغانستان ومرات في فلسطين وأخرى في العراق، كل هذه بسبب سيطرة قوة التقدم، ولهذا فالواجب الآن ان يتحول علماؤنا واعلامنا من فكر الصراع مع الحضارات الغربية الى الحوار معها، فالحضارة الاسلامية عندما فتحت فارس والروم أخذت من حضارتهما ما ينفعها وتركت ما يضرها، ولم يتوقف دور الحضارة الاسلامية على النقل من الحضارات الأخرى التي أطلعت عليها، لكنها أضافت اليها وابتكرت الكثير من العلوم الأخرى، والغربيون المنصفون يعترفون بفضل الحضارة العربية الاسلامية عليهم والتي أخذوا من خلالها أصول علومهم التي تحمل أسماء عربية حتى الآن مثل علم الجبر وغيره، وكان الراهب يفتخر انه تعلم في قرطبة.

وقال ان القرآن حافل بالحوار الهادف مع الغير، ومن ذلك حوار ابراهيم عليه السلام مع أبيه، ومع قومه، وحوار ابراهيم مع النمرود في صفحة كاملة في الآيات 258 ـ 260، من سورة البقرة، وحواره تعالى مع أهل الكتاب، وحوار الله تعالى مع أبليس وحوار الانبياء مع أقوامهم. ومن هذا ندرك أن ذكاء المحاور هو السبب الأول في اقتناع الطرف الآخر في الحوار، فعلى المجتمع الاسلامي أن يفيق ويدرك ان هذه الهجمة الشرسة التي نعيشها الآن بما فيها من تشويه لصورة الاسلام والمسلمين، تقتضي منا أن نسترد راية العلم والحضارة والتقدم لأننا في أمس الحاجة الى مجتمع قوي معاصر، وأن نبدأ بالاعتراف بحالة الركود التي نعيشها، ونبدأ بتغيير مناهج التربية والتعليم والمناهج الدينية بفكر معاصر، يجمع بين أصول العقيدة وواقعنا الجديد، وتهيئة البيئة المناسبة للبحث العلمي في كل المجالات وتطوير الحياة الاجتماعية التي نعيشها بمزيد من الشفافية التي تعطي الثقة بالنفس التي يدلنا عليه قوله تعالى «كم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة بإذن الله».

أما الدكتور علي جمعة استاذ أصول الفقه في جامعة الأزهر فأوضح خلال الندوة ان المسلمين الآن في أشد الحاجة الى الحوار مع الحضارات والثقافات والأديان أيضا، لأن صورتنا مشوهة أمام العالم، لكن في نفس الوقت علينا أىضا أن نفهم الغرض من وراء الحوار، فقد بدأت الدعوة الى الحوار بين الأديان أو الثقافات أو الحضارات منذ أكثر من أربعين عاما مرتبطة بالدعوة الى حقوق الانسان من جانب وبعض المنظمات المشبوهة من جانب آخر، وبالفاتيكان من جانب ثالث، وقد يتم الحوار من أجل فرض الرأي على الآخر وهيمنة ديانة على أخرى أو حضارة على أخرى أو ثقافة على أخرى، وهذا ما يجب ان ينتبه اليه المحاور الآن، فالحوار الآن يحتاج الى محاور زكي، يحدد في البداية مفهوم المصطلحات والهدف من الحوار ووسائله وقيمه.

واشار د.جمعة الى أننا في حاجة الى حوار الحضارات ليس فقط لاننا في موقف الأضعف الان، لكن لأن الدعوة الاسلامية دعوة عالمية الى الناس كافة لقوله تعالى «أدع الى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن» وهكذا قامت الحضارة الاسلامية ، والحوار الآن لابد أن يرتكز على حقائق الاسلام من ناحية والواقع المعاش من ناحية أخرى، أي الرجوع الى النموذج العربي الاسلامي، والنموذج المعرفي المقابل، والبحث عن المشترك بين النموذجين، وادراك حقائق الواقع الذي نعيشه وسماته التي ليست شرا كلها ولا خيرا كلها، والسكوت وعدم الحوار لن يفعل لنا شيئا، بل اننا أن لم نتحاور نفاجأ بمواثيق ومؤتمرات دولية تفرض قراراتها علينا لأننا لم نشارك في صياغة مواثيقها، لقد علمنا الاسلام عدم اليأس، وعلى المسلم أن يكون فارسا نبيلا، ينهزم فلا ينتحر، لكن يكر ويفر، والجهاد ليس فقط مقصورا على ميادين المعركة لكن هناك ايضا المعارك الفكرية ، نعم الخطة الاميركية كبيرة، لكننا يمكن ان نعكر عليهم خططهم باعلام قوي يتوجه الى الشعوب الغربية التي تتلاعب بها الصحافة الغربية.

=