باحث سعودي: امتزاج السلطة بالقاعدة الشرعية مبدأ ثابت ويتواصل

TT

يبين الاكاديمي السعودي الدكتور حسن بن محمد سفر استاذ نظم الحكم والدراسات الاسلامية في جامعة الملك عبد العزيز في جدة في خاتمة اصداره الجديد (حقوق الانسان وحرياته في النظام الاسلامي وتأصيله في نظام الحكم في المملكة العربية السعودية)، ان الاسلام يسجل سبقا على غيره من الأديان في مجال ترسيخ مفاهيم حقوق الانسان. ويعزو الدكتور حسن ذلك الى عمق اصالة هذا الدين السماوي ودقة شموله لرعاية الانسان. وطبقا للكاتب فإن مما يؤكد شموليته وصدقه وعظمته انه يقدم منظورا للحقوق من منطلق تكريمه للانسان واستخلافه وان مفاهيم حقوق الانسان ترتكز في النظام الاسلامي على عقيدة الانسان التي يعتنقها والتي تمنحه من خلال توجهات واخلاقيات الانسان حقوقاً شمولية عامة لا تقارن ولا تشابه.

ويركز الدكتور حسن سفر بحثه على ان عظمة التشريع الاسلامي تتجلى في سمو التشريعات وكمالها ووفائها بجميع ما تحتاجه الامم وما تتطلع اليه الدول والشعوب من آمال وطموحات، وحقيقة مقررة في النصوص الشرعية عملا بقول الله تعالى: (ما فرطنا في الكتاب من شيء).

وقسم الكاتب بحثه إلى ثلاثة أقسام. الأول منها للتعريف بمصطلحات البحث حيث يعرف الحقوق لغة بأنها: جمع حق وان الحق من اسماء الله تعالى بأنه هو الحق وغيره الباطل والحق هو الثابت، مفيدا ان حقوق الانسان يراد بها الامور الثابتة له التي يستحقها الانسان بصفته انسانا، وكذلك الحق في الشريعة الاسلامية هو المصلحة الثابتة للشخص على سبيل الاختصاص والاستئثار بحيث يقررها الشرع الحكيم، وانه من نوعين عام وخاص.

أما القسم الثاني فقد خصصه الباحث للتعريف بحقوق الانسان في الـشريعة الاسلامية حيث تحدث عن ما يحتويه الاسلام في اطر متعددة مثل الكرامة ومبدأ المساواة، ووحدة الاسرة الانسانية وحقوق المرأة التي افرد لها حيزا ضمنه بالمعاملة الوحشية التي كانت تجدها في المجتمعات اليونانية واليهودية، وكذلك وضعها في الجزيرة العربية قبل ظهور الاسلام حيث كانت تعتبر عارا يجب التخلص منه، كما تحدث المؤلف عن حق الحياة التي هي حق كل انسان حيث احاط الاسلام هذا الكائن بسور وسياج من الزجر والتنفير في حالة اقترافه جريمة نزع حياة انسان آخر، وعن جريمة الانتحار عندما اعتبر الانسان ان جريمة الاعتداء على النفس تماثل جريمة الاعتداء على شخص آخر بالقتل، وكذلك حقه في الحرية التي يعتبرها الدين الاسلامي مقدسة ومحترمة ومصانة في حياته، ايضا حرمة الميت وتكريمه حيث شمل الدين الاسلامي بني آدم احياء وامواتا بالتكريم بقوله تعالى: (ألم نجعل الأرض كفاتا احياء وامواتا) وبقوله: (منها خلقناكم وفيها نعيدكم ومنها نخرجكم تارة اخرى).

فيما خصص القسم الثالث للتأصيل الشرعي لحقوق الانسان وحرياته في نظام الحكم في الدولة السعودية، وهذا سنتكلم عنه بايجاز، بعد ان نتعرف على اهتمام نظام الحكم في السعودية بالانسان وحقوقه، ثم نعرج على اشادة المنظمات الدولية وغيرها بحقوق الانسان في السعودية.

ويؤكد الدكتور حسن سفر ان السعودية قدمت منذ تأسيسها وتطورها نموذجا رائعا يحتذى به في مجال الحكم والتنظيم الاداري، مبينا ان ذلك يعود الى ارتباط نظام الحكم بالشريعة الاسلامية من كافة جوانبه سواء القول او الفعل والسلوك، وطبقت هذا الارتباط عندما جعلت التقنين لجميع انظمة الدولة ومؤسساتها قائماً على الشريعة الاسلامية التي تشكل الركيزة الاولى والاساسية للتشريعات والتنظيمات في السعودية، وجعلت المصادر الاساسية للتشريع الاسلامي وفي مقدمتها القرآن الكريم والسنة النبوية مرجعا اساسيا لجميع انظمة الدولة. ويضمن المؤلف في هذا الصدد ما اكده خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبد العزيز بالقول: ان نظام المملكة العربية السعودية السياسي يقوم على العقيدة الاسلامية التي ترسم القوانين والدساتير والقواعد، فالاسلام يضمن ممارسة الديمقراطية وينقض الجمود. ويؤكد المؤلف ان امتزاج السلطة بالقاعدة الشرعية المستمدة من الشريعة هو مبدأ ثابت واكيد عبر التاريخ، ولا زال يتواصل برؤية تتفق ومعطيات الحاضر والمستقبل ومتطلبات القرن الجديد.