مستشرقة ألمانية تحذر من «الفهم غير الصحيح» للأوروبيين عن الإسلام

TT

الاسلام هو الدين الوحيد من بين كل الاديان التي دخلت مع المسيحية في جدال طويل معه وكثيرا ما تعرض للهجوم وقد نشأ هذا كله من عدم الفهم الصحيح له وقد بدأت في أوروبا اسطورة تهديد المسلمين لعالم الغرب الأوروبي منذ قرابة الألف سنة. هذا ما بدأت به المستشرقة الالمانية آنا ماري شيمل كتابها «الاسلام دين الانسانية» الذي قدم له الدكتور محمود حمدي زقزوق وزير الأوقاف المصري وصدر حديثا ضمن سلسلة دراسات اسلامية التي يصدرها المجلس الأعلى للشؤون الاسلامية في القاهرة.

وأشارت شيمل الى سبب خوف الغرب من الاسلام حيث تقول ان السبب الذي اشاع هذه الاسطورة كان دخول العرب المسلمين الى اسبانيا في القرن الثامن الميلادي ثم حصار الترك لأسوار فيينا، وقد نشأت من تلك الأحداث تصورات مغلوطة عن الاسلام والمسلمين باعتبارهم العدو التقليدي للمسيحية في أوروبا، ونظرا لأن الاسلام هو الدين العالمي الوحيد الذي ظهر بعد المسيحية ولذلك اعتبره المجادلون البيزنطيون غالبا احدى البدع التي انشقت عن عباءة المسيحية منذ البداية وحتى عصر ادولف فون هرناك. وأوضحت المؤلفة ان التصورات الأوروبية المغلوطة عن الاسلام وعن النبي صلى الله عليه وسلم وحملات تشويه الاسلام في العقلية الأوروبية ظهرت في العصر الوسيط والتي نشأ عنها بعض الآراء المغلوطة التي تصور اعتقادا مغلوطا ان المسلمين يعبدون محمد صلى الله عليه وسلم. أما التصورات الاوروبية التي رأت في الاسلام ديانة تنبذ تقديس الصور والاشخاص وان هذه النواهي نشأت عن شخصية الرسول صلى الله عليه وسلم وليس عن النبوة فإنه تعبير عن افتقار الأوروبيين للمعرفة الصحيحة باللغة العربية. وبالرغم من تنامي المعرفة الاوروبية الجيدة بتاريخ العرب وتاريخ العربية الا ان عددا من الكتابات الجدلية المناهضة للاسلام قد صدرت في القرنين السادس عشر والسابع عشر الميلادي بتأثير ازدياد الخوف الأوروبي من التوسع التركي الاقليمي، واعقب ذلك مرحلة جديدة، حيث ظهرت صياغة اوروبية جديدة للاسلام فقد وصف هنري دي بو لاتفيه الرسول صلى الله عليه وسلم لأول مرة بانه داع الى ديانة منطقية يقبلها العقل. كما اشارت المؤلفة الى انه في السنوات الأخيرة ظهر العديد من الابحاث والمؤلفات التي تحلى فيها الباحثون والمؤلفون بتعاطف ظاهر مع الاسلام وقد شجع تعاطف الفاتيكان مع الاسلام على هذه الخطوة، وتحت عنوان «الجزيرة العربية قبل ظهور الاسلام» تناولت المؤلفة عادات وتقاليد العرب وتمسكهم بالفطرة السليمة وكان الايمان عندهم يدور حول الاعتقاد في إله أعلى للكون وهو الله وكان المصطلح حنفاء شائعا بينهم.

ثم تناولت في الفصل التالي حياة الرسول منذ ميلاده حتى بعثته مستشهدة بآيات من القرآن الكريم كما اشارت الى ما تضمنته آيات القرآن من أحكام بليغة تنظم علاقة المسلم بربه ومجتمعه، وآيات الترغيب والترهيب وتصوير الجنة والنار في الآخرة والبعث والحساب، ثم تناولت في الفصل الرابع انتشار الاسلام والفتوحات الاسلامية. وأكدت ان الاسلام لم ينشر بحد السيف انما ما جاء به من قيم روحية ومبادئ سامية وان المسلمين في فتوحاتهم كانوا رحماء بأهل البلاد المفتوحة ولم يرغموا أحدا على تغيير معتقده لأن القرآن لا يجيز لهم ذلك لقوله تعالى «لا إكراه في الدين». وجاء الفصل الخامس بعنوان تعاليم الدين الاسلامي حيث أكدت شيمل ان القرآن الكريم هو أساس الاسلام عند المؤمنين وهو كلمة الله الصحيحة وهو مصدر العبادات والفروض عند كل المسلمين والعرب وغير العرب ولا يمكن نقل نص القرآن الكريم الى لغة أخرى لأنها تعجز عن نقل المعنى المستهدف في الكلمة الإلهية، وفي الفصل التالي تناولت السنة النبوية وبينت ان سنة الرسول صلى الله عليه وسلم مصدر مهم يعين على تفسير القرآن الكريم وهي مفتاح المسلم والطريق الذي يقوده الى استشراف المستقبل.