رئيس الوفد الإسلامي العالمي: بحثنا مع اليونسكو قضايا حوار الحضارات والتعددية الثقافية ومقاومة فرض ثقافات غريبة على المجتمع المسلم

د. التركي: بالحوار والتواصل مع الآخر يمكن تصحيح بعض المفاهيم الخاطئة لدى الغربيين عن الإسلام والمسلمين

TT

التقى الدكتور عبد الله بن عبد المحسن التركي الامين العام لرابطة العالم الاسلامي ورئيس الوفد الاسلامي العالمي، الذي يزور فرنسا حاليا، بالدكتور كويتشيرو ماتسورا مدير عام منظمة اليونسكو مساء اول من امس (الخميس) في باريس، حيث استعرض معه سبل التعاون وتوثيق العلاقات بين رابطة العالم الاسلامي واليونسكو، وذلك من خلال وضع برامج ومشاريع مشتركة تخدم اهداف المؤسستين وتعزز الصلات بينهما.

وقال الدكتور التركي في اتصال هاتفي لـ«الشرق الاوسط»: كان التركيز في اجتماعنا مع مدير عام اليونسكو ومساعديه على سبل التعاون بين رابطة العالم الاسلامي ومنظمة اليونسكو، خاصة في القضايا المتعلقة بحوار الحضارات ومراعاة التعددية الثقافية، ومقاومة فرض ثقافات غريبة على المجتمع المسلم على وجه الخصوص وعلى المجتمعات الاخرى على وجه العموم. كما جرى الحديث بتوسع فيما يتلعق بالمناهج التعليمية في المجتمعات الاسلامية، حيث امن الاجتماع على ان هذا من شأن كل مجتمع، واليونسكو باعتبارها معنية بالثقافة والتعليم يجب ان يكون لها موقف واضح في كل هذه القضايا.

واضاف الدكتور التركي ان الاجتماع بحث ايضا جهود اليونسكو فيما يتعلق بالمسجد الاقصى والاماكن الدينية في القدس. كما تطرق الحديث الى الموقف الاسلامي من قضية القدس، باعتبارها مدينة لها تميزها الاسلامي وخصوصيتها الدينية. وان المسلمين لا يقبلون بأي قرار يصدر من اي جهة اجنبية في شؤون القدس، لانها مدينة عربية اسلامية منذ آلاف السنين.

واوضح الامين العام لرابطة العالم الاسلامي ان الاجتماع توصل الى اتفاق على ان يكون هناك فريق عمل مشترك بين الرابطة واليونسكو لوضع البرامج والمشاريع المشتركة، والعمل على تنفيذها.

من جهة اخرى اجتمع الدكتور التركي والوفد المرافق له باتحاد المنظمات الاسلامية في اوروبا، حيث عرضوا رؤيتهم للاحداث الجارية ولأوضاع المسلمين في اوروبا. كما تحدث عدد كبير من المسؤولين في المنظمات والمؤسسات والجمعيات الاسلامية عن قضايا التعليم وعن حقوق المسلمين، وعن ضرورة التنسيق بين المنظمات والمؤسسات الاسلامية في اوروبا في معالجة قضايا الاقليات المسلمة ومشكلاتها.

وقال الدكتور التركي ان قيادات العمل الاسلامي في اوروبا عرضت خلال هذا الاجتماع المشكلات الرئيسية التي تواجهها المجتمعات المسلمة في العديد من الدول الاوروبية، واشاروا في احاديثهم الى انهم يتطلعون لاسهام رابطة العالم الاسلامي في حل بعض هذه المشكلات، ووعدناهم بدراستها والعمل على حلها. كذلك عقدنا اجتماعا مع عدد من المسلمين الفرنسيين الذين هم من غير اصول عربية او اسلامية، والذين هم في مواقع متعددة في مختلف مدن فرنسا. ورغب الوفد الاسلامي الزائر معرفة آرائهم واهتماماتهم في الوقت الحاضر وتطلعاتهم للمستقبل. كما جرى الحديث في الكيفية والسبل التي يجب ان يسلكوها في التعريف بالاسلام والتخفيف من حدة الصراع، التي تريد بعض القوى المعادية للانسانية ان تؤججه. وتبين لنا تفاؤلهم بمستقبل طيب للاسلام في فرنسا.

وقال رئيس الوفد الاسلامي ان الهدف الاساسي من هذه الزيارة اقامة علاقات مع المؤسسات الفرنسية سواء على مستوى الجامعات والمراكز البحثية او على مستوى الهيئات والمنظمات، التي تعنى بالحوار الحضاري والثقافي. فنحن كرابطة العالم الاسلامي ابدينا استعدادنا للتعاون في مجالات اهتمامنا. وانه من مسؤوليتنا ان نبين موقف الاسلام في العديد من القضايا التي تشغل الرأي العام العالمي، مثل قضايا الحرية وحقوق الانسان وقضايا العنف والتطرف والارهاب وغير ذلك. ونحاول بالحوار والتواصل مع الآخر ان نصحح بعض المفاهيم الخاطئة لدى الغربيين عن الاسلام والمسلمين، والتي تروج لها بعض وسائل الاعلام الغربية، وذلك بالصاق تهمة الارهاب بالاسلام وتحميله اخطاء بعض المنتسبين اليه، بينما الاسلام بريء من هذه الاوصاف والتهم، ولكن من المؤسف ان هذه الاتهامات تزيد من التوتر في العلاقة بين المسلمين والغرب، وكذلك تعمق سوء الفهم بينهما، مما يؤجج الصراعات بين الطرفين، فعلينا ان نعمل جميعا على تفادي هذه الاشكالات بالفهم المتبادل والتعاون الصادق العالمي من خلال هذه الزيارات وعقد لقاءات مع كبار المسؤولين في الدول الاوروبية والاميركية التي يزورها، لبحث سبل التعاون والاساليب الكفيلة لاحتواء تداعيات 11 سبتمبر على الاقليات المسلمة في هذه البلدان، بالاضافة الى عقد لقاءات في الغرب والاسهام في ايجاد الحلول لها. واشار الدكتور التركي الى ان الوفد زار كلا من بريطانيا وبلجيكا والمانيا والولايات المتحدة الاميركية والآن فرنسا وسيزور ايطاليا بعد هذه الزيارة للغرض نفسه ونتطلع ان تثمر هذه اللقاءات في تقريب وجهات النظر بين المسلمين والغرب في كثير من القضايا التي يتم بحثها مع المسؤولين في المؤسسات والمنظمات والجامعات الغربية، بالاضافة الى المسؤولين في حكومات هذه الدول. وقال: ان زيارة الوفد الى فرنسا تكتسب اهمية خاصة لكثافة الجالية المسلمة في فرنسا ووجود عدد متميز من المثقفين المسلمين فيها، اضافة الى اعتدال الموقف السياسي الرسمي، خاصة من قضايا العولمة ومعارضة الفرنسيين للعولمة في المجال الثقافي والاجتماعي، وهذا شيء نحن نشترك معهم فيه كمجتمعات اسلامية.

يذكر ان الوفد الاسلامي العالمي الذي يزور فرنسا حاليا لمدة اسبوع، شكلته رابطة العالم الاسلامي برئاسة الدكتور عبد الله التركي امينها العام وعضوية كل من الدكتور احمد مختار امبو مدير عام اليونسكو الاسبق وكامل الشريف وزير الاوقاف الاردني الاسبق والامين العام للمجلس الاسلامي العالمي للدعوة والاغاثة والدكتورة جعفر عبد السلام الامين العام لرابطة الجامعات الاسلامية والدكتور زينب عبد العزيز استاذة الادب الفرنسي في جامعة المنوفية في مصر وآخرين. كما تضمنت لقاءات الوفد بعدد من المسؤولين الفرنسيين منهم نيكولا سركوز وزير الداخلية وجان لوي دوبريه رئيس الجمعية الوطنية (البرلمان) ورينيه رودو مستشار الشؤون الاسلامية في وزارة الخارجية الفرنسية. بالاضافة الى لقاءات مع مسؤولي المنظمات الدولية والاسلامية في فرنسا. وسيزور الوفد غدا (الاحد) مدينة ليون للقاء عمدة بلدية ليون وقيادات الجالية المسلمة هناك.