د. التركي: بحثنا مع المسؤولين الفرنسيين قضايا الفتوى وتمثيل المسلمين في فرنسا

الوفد الإسلامي العالمي ل«الشرق الأوسط»: رئيس الغرفة التجارية الفرنسية بعد اجتماعنا معه أشهر إسلامه

TT

اجتمع الدكتور عبد الله بن عبد المحسن التركي الامين العام لرابطة العالم الاسلامي ورئيس الوفد الاسلامي العالمي، الذي يزور فرنسا حالياً، مع رينيه رودو مستشار الشؤون الاسلامية في وزارة الخارجية الفرنسية وعدد من المسؤولين في الوزارة اول من امس (الجمعة)، في باريس، حيث اثيرت في الاجتماع قضايا عديدة تتعلق بشؤون الاقليات المسلمة في فرنسا، خاصة مسائل الفتوى وارتباطها ببعض الدول الاسلامية وقضية تمثيل المسلمين في العلاقة بين الجالية المسلمة والحكومة الفرنسية، التي طرحها المسؤولون الفرنسيون على الوفد الاسلامي العالمي. كما تطرقوا في الاجتماع الى مسألة تطبيق الشريعة الاسلامية في بعض البلدان الاسلامية، مشيرين حسب اعتقادهم الى ان تطبيق الحدود الشرعية فيه شدة وقسوة، ولكن لم تكن لهم حجج قوية تدعم اعتقادهم هذا، فبعد نقاش مستفيض اوضح الوفد الاسلامي العالمي، ان مسألة الفتوى هي مسألة شخصية تهدف الى معالجة قضايا معينة في ظروف محددة. اما في ما يتعلق بالحدود الشرعية فقد ابان الوفد ان هذا امر ديني، شارحاً مقاصد الشرع فقد في سن هذه القوانين والشرائع، وأخيراً اتضحت لهم الصورة بعد معرفة المقاصد والمآلات الشرعية لهذه الحدود وكيفية تطبيقها، حسب النصوص القرآنية والاحاديث النبوية.

وقال الدكتور التركي لـ«الشرق الأوسط»: اننا بعد ان شرحنا لهم حقائق الاسلام وتعاليمه السمحة ومواقفه من قضايا الحرية وحقوق الانسان والارهاب ودعوته للحوار والحكمة والموعظة الحسنة والجدال بالتي هي احسن، مؤكداً انه رغم تزايد عدد المسلمين في الغرب وتضاعف اعداد المؤسسات والمنظمات والمراكز الاسلامية والمساجد في اوروبا، فاننا نلاحظ ان هناك فجوة بين المسلمين وقطاعات المجتمع المدني في اوروبا، مما يستدعي بذل المزيد من الجهود لازالة هذه الفجوة الحقيقية والجفوة المفتعلة، وذلك بتبيان الاسلام والرد على التساؤلات والشبهات التي يثيرها الغربيون هنا او هناك.

واضاف الدكتور التركي، انه قد تبين لنا من خلال هذا اللقاء ان بعض المفاهيم عن الاسلام مشوشة عند بعض المسؤولين الاوروبيين، وبعضها غير واضحة لهم، ولكن بعد النقاش تتضح لهم الصورة وتجدهم يشيدون بالاسلام. وقد كان لقاؤنا بالمسؤولين في وزارة الخارجية الفرنسية جيداً في تقارب الاراء وتقريب شقة الخلاف وتصحيح كثير من سوء الفهم والتفاهم.

وكان رئيس الوفد الاسلامي العالمي قد القى درساً دينياً قبل صلاة الجمعة في المسجد الكبير بباريس عن اهمية اعتصام المسلمين بحبل الله المتين والنأي عن اسباب الفرقة والشتات، متمثلين في ذلك قول الله تعالى «واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا واذكروا نعمة الله عليكم إذ كنتم أعداء فألف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته إخوانا وكنتم على شفا حفرة من النار فأنقذكم منها كذلك يبين الله لكم آياته لعلكم تهتدون». داعياً الى تنسيق الجهود من اجل ابراز وجه الاسلام المشرق في الغرب.

وحضر هذا الدرس عدد كبير من الجالية المسلمة، بالاضافة الى شخصيات اسلامية زائرة، من بينها الرئيس الجيبوتي اسماعيل عمر قيلي. وبعد صلاة الجمعة، التقى الدكتور التركي والوفد المرافق له بشخصيات اسلامية وغير اسلامية معنية بمسألة الحوار بين الثقافات والحضارات.

وقال الامين العام لرابطة العالم الاسلامي، ان اللقاء كان ايجابياً لا تشنجات فيه، اذ ان كل الاطراف كانت راغبة في سماع ما عند الطرف الاخر من اراء ووجهات النظر الداعمة لحوار الحضارات. اما اللقاء الاخر الذي عقده الوفد الاسلامي العالمي في باريس فكان مع شخصيات فرنسية اسلامية واخرى غير اسلامية، وركز على المشكلات التي تواجه المسلمين في اوروبا، خاصة المتعلقة بالمجالات الثقافية والتعليمية والاجتماعية، والضغوط التي تواجه الشباب المسلم من ناحية وسائل الاعلام التي تؤثر في سلوكهم.

واوضح الدكتور التركي انه على الرغم من تعدد الاراء خلال هذا اللقاء، كان التركيز واضحاً على اهمية بذل الجهود لتفادي الاشكالات والانصراف لمعالجة القضايا للوصول الى فهم مشترك من اجل ازالة التوترات الناجمة عن سوء الفهم والتفهم بغرض تحقيق الامن والسلام للانسانية. واكد الاجتماع على ضرورة مواصلة البحث والحوار مع المؤسسات المعنية بالدراسات عن الاسلام والمسلمين.

وفي تطور مفاجئ عقب نهاية الاجتماع اشهر بيير بورنارد رئيس الغرفة التجارية الفرنسية اسلامه امام الدكتور عبد الله التركي، فتلقى التهنئة باعتناقه الاسلام من اعضاء الوفد الاسلامي العالمي والشخصيات الاسلامية التي حضرت اللقاء. كما اشهرت الاميرة ريف اسلامها وهي من افراد الاسرة الملكية الفرنسية، التي كانت تحكم فرنسا في عهود سابقة، واسمت نفسها خديجة تيمناً بالسيدة خديجة بنت خويلد رضي الله عنها زوجة رسول الله صلى الله عليه وسلم.

يذكر ان الوفد الاسلامي العالمي سيعقد خلال زيارته الى فرنسا، التي تستغرق بضعة ايام، سلسلة من الاجتماعات واللقاءات مع المسؤولين الفرنسيين، بالاضافة الى المنظمات والمؤسسات والمراكز الاسلامية في فرنسا لبحث القضايا ذات الاهتمام المشترك ومناقشة اوضاع الاقليات المسلمة في فرنسا. وعقب انتهاء هذه الزيارة، سيزور الوفد ايطاليا لمدة اسبوع لبحث ذات القضايا مع المسؤولين الايطاليين ومسؤولي المنظمات والمراكز الاسلامية في ايطاليا.