صوالحة.. صوت الإسلام الهادئ في بريطانيا: تفصلني 50 مترا عن أبو حمزة المصري والتصريحات النارية لا تخدمنا

الجيل الثاني من أبناء المسلمين متحرر من عقدة الخوف الديني التي تسكن المهاجرين

TT

ما بين مسجد أبو حمزة المصري بفنسبري بارك في شمال لندن ومسجد «الرابطة الاسلامية» ببريطانيا اقل من خمسين مترا، ولكنها كبيرة في التوجهات والاختلافات الحادة، فأبو حمزة يرفع شعار الاسلام الاصولي في كل مكان، وصورته تتصدر مؤتمرات الأصوليين وندواتهم، وبياناته المتعلقة بـ«جيش عدن ابين» لا تهدأ، وهي مادة جذابة ومثيرة يتلقفها الاعلام البريطاني باهتمام شديد.

اما رئيس الرابطة الاسلامية ببريطانيا الفلسطيني محمد صوالحة، فهو صوت عقلاني هادئ حاصل على الماجستير في الدراسات الاسلامية من الاردن، يكره التصريحات النارية، ويقول انها لن تخدم الجالية المسلمة ببريطانيا بعد احداث 11 سبتمبر (ايلول)، ويجب علينا من الان اتخاذ استراتيجية واعية تهدف الى تحريك ابناء الجالية بعيدا عن السلبية والتقوقع، مثلما حدث في مسيرة الاحد الماضي بالعاصمة لندن التي شارك فيها نحو نصف مليون شخص لرفض الحرب ضد العراق وتأييد الانتفاضة الفلسطينينة في عامها الثالث.

ورغم وجود صوالحة في بريطانيا منذ عام 1993، إلا انه لم يلتق ابو حمزة الاصولي المصري المسؤول عن مسجد فنسبري بارك، الذي قال عنه انه «احد ابرز معالم العاصمة لندن واشهر من متجر هارودز»، ويبدو ان الرجلين لن يلتقيان في القريب العاجل، لان صوالحة كما يقول وعلى استحياء شديد «انني أكره التصريحات النارية والاضواء الاعلامية لانها لن تخدم ابناء الجالية المسلمة».

واسأله عن أنشطة «الرابطة الاسلامية ببريطانيا» فيقول هناك مدارس الفرقان لتحفيظ القرآن، بعض منها موجود في لندن والآخر في المدن الداخلية، بالاضافة الى المدارس التكميلية لتعليم العربية والدين الاسلامي في عطلات نهاية الاسبوع، وتعليم دورات الكومبيوتر للكبار والدروس الشرعية والتعامل مع القضايا الشرعية في صورة محاضرات اسبوعية، والاشراف على جمعيات الطلبة المسلمين في الجامعات البريطانية، وهو جزء دائم من نشاطاتنا، ومنذ اواخر الستينات حتى الآن عقدنا 33 مؤتمرا.

ويركز صوالحة جهوده على الجيل الثاني من ابناء المسلمين الناطق باللغة الانجليزية، لأنه من وجهة نظره الجيل الاقدر على التعامل مع المؤسسات الرسمية والمحلية لبريطانيا، وهذا الجيل متحرر من عقدة الخوف الديني التي تسكن المهاجرين القادمين الى بريطانيا. ويقول صوالحة: شعرنا بعد احداث 11 سبتمبر ان الجالية المسلمة في حاجة الى مزيد من الثقة بالنفس، وكان من الممكن ان تدفع الاحداث التي تعرضت لها في هذا البلد الى نوع من التقوقع على نفسها او السلبية في التعامل مع الحدث، وهو ما نخشاه على الجالية المسلمة في الولايات المتحدة التي تتعرض لكثير من الضغوط.

ويضيف: في جميع الاحوال نحن في حاجة الى دفعة متزايدة من الثقة في النفس في التعامل مع الاحداث والمتغيرات اليومية ازاء المشاكل التي نمر بها، بعد تصنيف كثير من الافراد والمنظمات تحت خانة ما يسمى «الارهاب». وتطرق صوالحة الى الاعتداءات التي تعرض لها مقر «الرابطة الاسلامية ببريطانيا» بفنسبري بارك بعد 11 سبتمبر، وقال ان هناك زجاج احد النوافذ بمقر الرابطة ما زال مكسورا حتى الآن من جراء حملة اعتداء. لكنه شدد على التعاطف الرسمي البريطاني من كثير من الجهات في اعقاب 11 سبتمبر ضد حملات الكراهية والعنصرية الموجهة ضد المسلمين.

ويوضح صوالحة: ارسلنا الكثير من الرسائل الى اعضاء البرلمان البريطاني، والوزراء وكبار الساسة في الاحزاب البريطانية لنشرح لهم ان الاسلام هو دين السلام وليس «الارهاب»، ووجدنا كثيرا من التأييد من ابناء وطوائف الشعب البريطاني للمشاركة في مسيرة 13 ابريل (نيسان) الماضي لتأييد القضية الفلسطينية، وسط احداث مذبحة جنين وكان عدد المشاركين لا يقل عن 120 ألفا. وشاركنا في وفد اسلامي للقاء توني بلير رئيس الوزراء البريطاني وجاك سترو وزير الخارجية ضمن مجموعة من الاقليات. وطالبنا الحكومة البريطانية بموقف اخلاقي وسياسي يقف الى جانب الحق الفلسطيني ويندد بالموقف الاميركي المنحاز للارهاب الصهيوني.

ويقول صوالحة: ضمن حملة التوعية في الشارع البريطاني وزعنا مئات الآلاف من النشرات الاعلامية في القطارات ومحطات مترو الانفاق وعبر البريد دعما لاحداث الانتفاضة وكشف زيف الحملات الصهيونية المغرضة ضد شعبنا الفلسطيني. ويضيف نعتمد حاليا «حملة بريدية الكترونية» للتعامل مع حدث معين ولدينا نحو 15 الف عنوان الكتروني داخل بريطانيا وحدها، ونسعى لأن تصبح 30 ألفا خلال الشهور الستة المقبلة.

واشار الى ان الهدف الاساسي لحملات التوعية التي تقوم بها الرابطة الاسلامية ببريطانيا هو اخراج المسلمين من حالة السلبية التي تعيش فيها. وتطرق الى الحملة التي خاضها اعضاء الرابطة الاسلامية عقب الاعلان عن مباراة ودية بين منتخبي اسرائيل واسكوتلندا في 4 اغسطس (آب) الماضي، بعشرات من الرسائل الى المسؤولين عن الاتحاد الاسكوتلاندي لكرة القدم، والاعتصام امام الملعب، وطالبنا بالغاء المباراة، باعتبارها مكافأة لدولة مجرمة، ورفعنا يوم المباراة الاعلام الفلسطينية امام الملعب في غلاسغو. وقمنا بنفس الحملة عندما تقررت مباراة مانشستر يونايتد امام مكابي حيفا في الدوري الاوروبي لكرة القدم.