رئيس المنظمة الإسلامية التعليمية في جنوب أفريقيا: نعمل على إعداد مناهج إسلامية ومدرسين لتدريس اللغة العربية لأبناء المسلمين

TT

خلال زيارته الاخيرة للقاهرة التقت «الشرق الأوسط» بالباحث الاسلامي احمد يوسف لوكيهات رئيس المنظمة الاسلامية التعليمية في جنوب افريقيا، ودار الحوار حول واقع المسلمين في جنوب افريقيا، الذين يشكلون مليون نسمة من مجموع السكان البالغ 40 مليون نسمة. كما شمل الحوار ما تقوم به المنظمة الاسلامية التعليمية في جنوب افريقيا إزاء المسلمين وأبنائهم من خلال اهتمامها بالقضايا التعليمية للحفاظ على الهوية الدينية الاسلامية لابناء المسلمين في تلك البلاد.

* كم يبلغ حجم الوجود الاسلامي في جنوب افريقيا؟ وكيف يعيش المسلمون في تلك البلاد؟

ـ عدد المسلمين في جنوب افريقيا نحو مليون نسمة أي 10 في المائة من عدد السكان فهم أقلية وجنوب افريقيا تتمتع الآن بحرية كبيرة بعد جهود الرئيس نيلسون مانديلا، الذي لقي مساعدة كبيرة من الدول العربية والاسلامية، وفي سنوات التفرقة العنصرية كانت هناك صعوبة في نشر الدعوة الاسلامية لان الحكومة العنصرية كانت تمارس التمييز ضد الافارقة وضد المسلمين لصالح البيض، أما الآن فالفرصة أمامنا متاحة لنشر الدعوة الاسلامية، وكثير من الافارقة يعتنقون الاسلام وعلى سبيل المثال هناك قبيلة زولو أكبر القبائل في جنوب افريقيا ويبلغ عددها نحو عشرة ملايين نسمة وهذه القبيلة لها عادات وتقاليد دينية قريبة من الاسلام، فقد كان أبناؤها يعبدون إلها واحدا يسمى «انكلو نكولو» ولما دخل الغرب عمل على نشر المسيحية وغير أفكار هذه القبيلة، وبدأ أبناؤها يؤمنون بأن المسيح هو ابن الله، ونحن نحاول اعادة ابناء هذه القبيلة الى أصلهم، أيضا بالنسبة للزواج فمن عادات الافارقة انهم يدفعون المهر، والغرب غير هذا، ونحن نعمل على اعادتهم الى هذه التقاليد القريبة من الاسلام.

* ظروف البيئة

* هل اختلفت أساليب الدعوة في الوقت الحاضر عن الماضي في جنوب افريقيا؟

ـ في الماضي كان الذين يحملون لواء الدعوة الاسلامية يركزون على الدراسات الاسلامية وتعريف غير المسلمين بأركان الاسلام وأهم ما يدعو إليه لكن بعد مناقشات مع جمعيات في العديد من الدول الغربية رأينا اننا يجب ان نساعد هؤلاء في تحسين أحوالهم المعيشية، وهذا يعد تجديدا في اساليب الدعوة لان الدعوة الى الاسلام تتطلب معرفة البيئة التي تمارس فيها الدعوة، فالعادات والتقاليد مختلفة من بلد الى آخر، هناك اشياء جيدة في مجتمعات وسيئة في مجتمعات أخرى، والمسلمون يفعلون ذلك على سبيل المثال الملاكم عبدالرحمن من جنوب افريقيا فاز على الملاكم لونير البريطاني، قابلت والد عبدالرحمن قبل المسابقة وتحدثت معه عن ضرورة التجديد في الفكر الاسلامي فقال هذا مهم ولكن لابد ان يعرف العلماء والدعاة المسلمون البيئة التي يقومون بالدعوة فيها، وذكر انه عندما دخل في الاسلام ذهب الى المركز الاسلامي وحان وقت صلاة العصر وقدموا شيخا لكنه رفض الصلاة خلفه لانه مدخن، ونحن في البيئة التي تربينا فيها كنا نؤمن بأن السجائر شيء قبيح فلما رأيت الامام يدخن ثم يؤمنا للصلاة فلم استطع الصلاة خلفه، وبالتالي كان من المفترض ان يعرف هذا العالم البيئة التي يدعو فيها وعادات وتقاليد من يدعوهم ومعرفة البيئة حتى يعرض الاسلام بطريقة صحيحة.

* مناهج إسلامية

* متى تأسست المنظمة التعليمية الاسلامية في جنوب افريقيا وما أنشطتها؟

ـ الحكومة في جنوب افريقيا لا تقدم مساعدات للدراسات الاسلامية ولا تقدم دعما للتعليم الاسلامي أو لبناء المساجد ونحو ذلك، وقد قمنا بتأسيس المنظمة لاعداد مناهج باللغة الانجليزية تلائم البيئة التي نعيش فيها وأنشأنا كلية تدريب المعلمين والمعلمات لتطبيق المنهج الاسلامي بالطريقة الصحيحة في المدارس الاسلامية، وقد بدأنا منذ 17 عاما وأعددنا مدرسين ومدرسات لتطبيق مناهج اللغة العربية، فهناك مدارس عديدة تحت اشراف المنظمة، وبالاضافة الى ذلك قمنا باعداد مناهج لمرحلة رياض الاطفال تجمع بين المناهج الحكومية والمناهج الاسلامية، فعلى سبيل المثال أدخلنا على القصص التي تدرس للاطفال قصص الانبياء وأدخلنا بعض العادات الاسلامية، ونقوم بدور مهم في التعليم والدعوة ونساعد الافارقة الذين عانوا من الاضطهاد في زمن التفرقة العنصرية خاصة بالنسبة لتعليم القراءة والكتابة، وقد طبعنا كتبا لتعليم القراءة والكتابة باللغة الانجليزية، وفي الوقت نفسه نعرف هؤلاء بالاسلام، وفي يناير (كانون الثاني) الماضي افتتحنا مدرسة ثانوية للبنات المسلمات وقد ساعدنا في بناء هذه المدرسة البنك الاسلامي للتنمية، ونحن نتعاون مع الدول العربية والاسلامية لتقوية وترسيخ الاسلام في جنوب افريقيا والحمد لله المناهج التي قدمنا باعدادها تدرس في استراليا وانجلترا واميركا وكندا ونتعاون مع الدول الغربية لان لدينا تجربة جيدة في مجال التعليم الاسلامي والدعوة ونحن نساعدهم في هذا المجال.

* ما عدد المراكز الاسلامية والمساجد في جنوب افريقيا؟

ـ هناك أكثر من ألف مسجد في جنوب افريقيا ولدينا منظمات للدعوة والتعليم الاسلامي يقدر عددها بحوالي مائة منظمة وما دامت هناك حرية في جنوب افريقيا وليست هناك صعوبات تواجه نشر الدعوة فان المسلمين يؤسسون منظمات اسلامية وهذه المنظمات يمولها التجار ورجال الأعمال المسلمون من خلال التبرعات، واذكر ان اجدادي منذ عام 1933 أوقفوا مبنى كبيرا في وسط البلد لصالح الدعوة ونحن نستغل ريع المبنى في دعم الدعوة الاسلامية حتى الآن، والمسلمون في جنوب افريقيا يدعمون الدعوة من أموالهم ومن تجارتهم.

* هل تقوم المؤسسات الاسلامية مثل رابطة العالم الاسلامي والأزهر وغير ذلك بدعم المسلمين في جنوب افريقيا؟

ـ في بعض الأحيان تقدم رابطة العالم الاسلامي مساعدات وبعض الدول العربية خاصة السعودية التي قدمت دعما للعديد من المنظمات في جنوب افريقيا، ويقوم الأزهر الآن بانشاء معاهد أزهرية، فهناك الآن خمسة معاهد أزهرية في جنوب افريقيا مسجلة لدى وزارة التعليم والثقافة ونحن نطبق المنهج الحكومي باللغة الانجليزية، والأزهر يطبق المنهج الأزهري، ويرسل الأزهر إلينا أساتذة أزهريين على نفقة الأزهر وأبناؤنا يدرسون الدراسات العربية والاسلامية على أيدي اساتذة من الأزهر، وأعتقد ان الجيل الجديد سوف يستطيع أن يتحدث اللغة العربية بطلاقة، وقد اتفقنا مع شيخ الأزهر على ان يلتحق أبناؤنا بجامعة الأزهر بعد انهاء الثانوية الأزهرية في جنوب افريقيا، أما في الوقت الحالي فطلاب جنوب افريقيا يلتحقون بمرحلة الدراسات الخاصة قبل الالتحاق بالأزهر ثم يدخلون جامعة الأزهر، أما الجيل الجديد الذي نقوم باعداده الآن فسوف يدخل الأزهر مباشرة بدون الدخول الى مرحلة الدراسات الخاصة لانه تم اعدادهم من ناحية الدراسات العربية والاسلامية اعدادا جيدا.

* ما هو دوركم في مواجهة التنصير في جنوب افريقيا؟ وهل هناك مسلمون يتحولون الى نصارى؟

ـ نحن نقدم مساعدات للفقراء وهناك منظمات مسيحية تعمل على تشجيع المسلمين على الدخول الى المسيحية من خلال تقديم التبرعات والمساعدات، ونحن كمسلمين نحرص على مساعدة الفقراء المسلمين حتى لا تجرهم الحاجة الى الخروج من الاسلام والدخول الى النصرانية، لكن المشكلة في جنوب افريقيا ان الشباب والفتيات من المسلمين وغيرهم يتعلمون في المدارس الحكومية، وهذا الاختلاط أحيانا يؤدي الى ان تتزوج فتاة مسلمة من مسيحي وهذه مشكلة تواجهنا لذلك نحن نحاول التركيز على الدراسات والعقائد الاسلامية وغرسها في الاطفال منذ الصغر وهذا يجعلهم يبتعدون عن التأثر بالمسيحيين، وهناك على أية حال حركة كبيرة من جانب المنصرين في جنوب افريقيا ومعظم الافارقة يعتنقون النصرانية.

=