فتوى الأزهر بإباحة جراحات التجميل تثير خلافا بين الفقهاء والأطباء في مصر

TT

أصدر مجمع البحوث الاسلامية بالأزهر ـ اخيرا ـ فتوى أباح فيها اجراء جراحات التجميل واصلاح الحروق الجلدية حتى باستخدام جلود مستعارة من أفراد آخرين، وأكدت الفتوى أنه يجوز شرعاً ما يقوم به الجراح في عمليات التجميل من استعادة الشكل الطبيعي الذي غيرته الحوادث الطارئة واجراء العمليات الجراحية التي تصلح ما مني به الشخص من نقص لتجعله في الشكل الطبيعي للأسوياء من البشر.

وحول هذه الفتوى التي أثارت جدلاً فقهياً في أوساط علماء الدين يقول الدكتور أحمد عمر هاشم رئيس جامعة الأزهر وعضو مجمع البحوث ان اجراء أي عملية جراحية للتجميل ولو كانت لغير اصلاح عيوب خلقية أو طارئة جائز شرعاً بشرط ألا يكون فيه اعانة على التدليس أو التعزير أو على الاغراء والفتنة فتصير بذلك فاحشة أو إثماً مما يحرمه الدين بنص القرآن الكريم.

أما الدكتور نصر فريد واصل مفتي مصر السابق فيرى أن عمليات التجميل طالما كانت لضرورة والضرورة تقدر بقدرها فهي جائزة شرعاً.

واضاف أن أية عملية تجميل يتم فيها تغيير خلق الله أو معالم وجه الشخصية بحيث يصعب التعرف عليه وعلى شخصه لدى الجهات الشرعية التي يتعامل معها أو يصبح شخصاً آخر فان هذا يعد تزييفاً لشخصية الانسان الأساسية ليصبح شخصاً آخر مشيراً إلى أن مثل هذه العمليات تثير البلبلة في المجتمع حيث ينشط من خلالها المجرمون وعصابات المافيا. وأوضح الدكتور عبد الفتاح ادريس استاذ الفقه المقارن بكلية الشريعة والقانون بجامعة الأزهر أن الشريعة الاسلامية لا تمنع اجراء الجراحات التجميلية اذا كان يقصد بها معالجة العيوب التي تؤذي الانسان وتؤلمه أو تسبب اعاقته عند العمل أو اجادته ومن ثم فانه يجوز شرعاً ازالة السمنة الزائدة أو ازالة الدهون المتجمعة على البطن اذا كانت تضر بصاحبها ضرراً لايرجى زواله الا بازالتها كما يجوز ترفيع الجلد المحترق أو المصاب سواء كان الترقيع بجلد المريض أو وسائل علاج أخرى أو وضع عجينة تعوض المرأة عن المظهر الجمالي للصدر اذا استؤصل وذلك لأن هذا الحل يعد من التداوي الذي رغب فيه النبي صلى الله عليه وسلم في حديثه «تداووا عباد الله».

وقال الدكتور ادريس أما الجراحات التجميلية بقصد تغيير الخلق ابتغاء للحسن والجمال أو المزيد منهما وذلك كعمليات شد الوجه والرقبة وتصغير الشفتين أو الأنف وتكبير الثديين وتفليج الأسنان ونحو ذلك فانه لايجوز شرعاً اجراء ذلك لما فيه من تغيير خلق الله سبحانه وتعالى. ويوضح الدكتور ادريس انه من تغيير خلق الله سبحانه صبغ الشعر لغير حاجة سوى تغيير الشيب ووضع المرأة الصبغة على وجهها ووضع العدسات اللاصقة الملونة لايهام الناظر إليها بأنه هذا لون العينين أما وضعهما لحاجة الابصار فلابأس به.

ومن الناحية الطبية يقول الدكتور ابراهيم بدران وزير الصحة المصري الأسبق وعضو مجمع البحوث أنه استناداً لفتوى المجمع فان جراحات الاصلاح والتجميل المستعملة في اصلاح كل مايتأتى عن الاصابات والحروق من تعويض ما فقد من الجلد بجلد آخر مستعار جائز شرعاً مشيراً إلى أن اصلاح التشوهات الخلقية وبعض الأعضاء الخارجية في الانسان لتحسين حركته وشكله لا غبار عليه مادام ذلك بعيداً عن الغش والتدليس.

ويشير الدكتور شوقي عبده الساهي الاستاذ في كلية الشريعة والقانون بجامعة الأزهر بالقاهرة إلى ان الحكم على عمليات شد التجاعيد يختلف تبعاً لسن المرأة فاذا كانت كبيرة في السن وحدثت فيها التجاعيد نتيجة للشيخوخة فلايجوز لها اجراء هذه العملية لما فيها من غش وتدليس واظهار صغر السن وتغيير خلق الله تعالى أما اذا كانت المرأة في سن الشباب وحدثت فيها التجاعيد لأسباب مرضية فيجوز لها معالجة المرض والاثار المترتبة على المرض كالتجاعيد بشرط الا تؤدي تلك العملية الى ضرر أكبر.

ويرى بالنسبة للعمليات الجراحية التجميلية مثل شفط الدهون المتراكمة نتيجة السمنة في مناطق معينة من الجسم فان تعديل قوام الجسم بتناول الاطعمة أو بالامتناع عنها أو بالتداوي جائز ما لم يؤد الى ضرر أكبر، مشيراً إلى أن عمليات شفط الدهون من الجسم بقصد التداوي والعلاج جائز ما لم يؤد الى ضرر أكبر، ويضيف أما شفط الدهون بقصد تخفيف الوزن وتعديل قوام الجسم فان ذلك جائز بشرط أن تتبعه وسيلة أخرى تقوم مقامها والا يترتب عليها ضرر أكبر ويخلص الدكتور الساهي الى أن عمليات التجميل قد تزيل في كثير من الحالات الاضرار والآلام النفسية عن الرجل والمرأة التي تجرى لهما مثل هذه العمليات في حالة اذا ما كان التجميل علاجاً اما اذا كان شكل الانسان طبيعياً فان هذه العمليات غير جائزة شرعاً.