مؤتمر التأمين الإسلامي يفجر خلافاً فقهياً بين علماء الدين وخبراء الاقتصاد

TT

اختلف علماء مسلمون وأساتذة اقتصاد اسلامي حول جواز التعامل ببعض انظمة التأمينات الاجتماعية المعمول بها في بعض الدول الاسلامية وذلك خلال المناقشات التي دارت في مؤتمر «الاسلام والتأمينات الاجتماعية بين الواقع والمأمول» الذي نظمه مركز صالح كامل للاقتصاد الاسلامي بجامعة الأزهر مساء أول من أمس.

وأكد الدكتور محمد سيد طنطاوي شيخ الأزهر ان الشريعة الاسلامية جاءت بنظرية متكاملة عن التأمين الاجتماعي انطلاقاً من قوله تعالى: «وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الاثم والعدوان»، وأضاف شيخ الأزهر في الكلمة الافتتاحية للمؤتمر، والتي ألقاها نيابة عنه الدكتور احمد عمر هاشم رئيس جامعة الأزهر ان انظمة التأمينات الاجتماعية المعمول بها حالياً جائزة لانها تقوم على تأمين لقمة العيش والحياة الكريمة للانسان، مشيرا الى ان الاسلام دعا لتأمين الجانب الاجتماعي للقضاء على جرائم السرقة والاختلاس والرشوة.

وأوضح شيخ الأزهر ان نظام التأمين والضمان الاجتماعي غير قاصر على من ينتمون للاسلام فقط، بل يمتد ليشمل غير المسلمين الذين يعيشون جنبا الى جنب في بلد اسلامي واحد وهذا دليل على سماحة الاسلام وحمايته لحقوق الانسان، بغض النظر عن عقيدته أو لونه أو جنسه.

ومن جانبه أكد الدكتور محمد عبد الحليم عمر مدير مركز صالح كامل للاقتصاد الاسلامي ان الفقهاء المسلمين اختلفوا حول نظام التأمين على الأشخاص أو ما يسمى بالتأمين على الحياة الذي هو في حقيقته تأمين على فقدان الدخل أو نقصه بالعجز أو الوفاة أو الشيخوخة.

وقال ان بعض العلماء أجازوا التأمين على الأشياء والممتلكات والتأمين على المسؤولية وتحفظ البعض على التأمين على الحياة لفهم ان في ذلك تحد للقدر. ولكن بالبحث المتواصل يمكن القول ان المجامع الفقهية والباحثين الشرعيين انتهوا الى الجواز الشرعي لكل أنواع التأمينات بحسب انواع المخاطر المطلوب مواجهتها.

بينما تحفظ الدكتور اسامة السيد عبد السميع استاذ الفقه في كلية الشريعة والقانون بدمنهور على بعض أنواع نظام التأمينات المطبقة حاليا في بعض الدول الاسلامية لمخالفتها لأحكام الشريعة الاسلامية خاصة نظام التأمين على الحياة، وأضاف ان الشريعة الاسلامية قدمت لنا نظريتين متكاملتين أحدهما للتأمين الاجتماعي والأخرى للضمان الاجتماعي، وهما من أجلها صدرت كافة التشريعات الاجتماعية الوضعية بما كان في هاتين النظريتين مما يغني عن اصدار الكثرة المذهلة لتشريعات التأمينات الاجتماعية، مشيرا الى ان في تطبيق فريضة الزكاة تطبيقا فعليا حقيقيا وتنفيذها على الوجه الأمثل في أي مجتمع لسد حاجات الفقراء والمساكين أيا كان نوعهم وعددهم، ومع مرور الوقت ودوام التجربة لا نجد في المجتمع فقيرا ولا مسكينا بما يجعلنا لسنا في حاجة الى سن قانون للضمان الاجتماعي بفرض اعانات للمحتاجين لان في الزكاة ما يغني عن ذلك فضلا عن المصادر الشرعية الأخرى للضمان.

ومن جانبه أكد الدكتور صوفي أبو طالب رئيس مجلس الشعب الأسبق «البرلمان» واستاذ القانون بجامعة القاهرة، ان نظام التأمينات الاجتماعية المطبق في البلدان الاسلامية هو نظام اسلامي لانه يهدف الى توفير الأمن والأمان للمواطنين ضد الأخطار المستقبلية خاصة في حالات العجز والوفاة، مشيرا الى ان الاسلام دعا الى التكافل الاجتماعي ومواساة العجزة والمحتاجين.

وأضاف ان نظام التأمين الاجتماعي الذي اشارت اليه كافة قوانين التأمين الاجتماعي منذ قرن ونصف القرن من الزمان أشار إليه القرآن الكريم والسنة النبوية منذ أربعة عشر قرنا من الزمان وان صور التأمين الاجتماعي في التشريع المعاصر هي ذات الفكرة التي أشار إليها القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة.