دورة رمضانية في جدة تتناول النموذج القيادي والإداري للرسول في بناء الأمة

TT

وجد المتحدثون في الدورة الرمضانية الخاصة التي عقدت بعنوان «الرسول القائد صلى الله عليه وسلم ـ نماذج القيادة الادارية في الاسلام» وهم يتناولون نمط الادارة في الاسلام مجبرين انفسهم على تناول شخصية النبي محمد صلى الله عليه وسلم بأنها النموذج القيادي الاداري الاول في مختلف حقب التاريخ، والمثال الاعلى الذي يرنو اليه كل اداري وقيادي مهما صغر او كبر شأنه.

وأكد الدكتور عبد الله عمر نصيف نائب رئيس مجلس الشورى السعودي السابق في الكلمة التي القاها بعد افتتاحه الدورة التي نظمها مركز دراسات لاعداد الكفاءات الادارية التابع لرجل الاعمال السعودي ابو بكر عبود باعشن، في فندق جدة هيلتون، مستعرضا السيرة النبوية، اكد ان النبي محمد صلى الله عليه وسلم كان رجل الادارة والقيادة الاول في الاسلام. وأشار نصيف الى ان الاسلام يدرب الناس على حسن القيادة والتدبير، وانه في الاساس دين ربط وضبط والتزام، واضاف ان المسلمين مع بدء عصر الدعوة اثبتوا مقدرتهم على ادارة انفسهم. وتحدث عن ماهية القيادة الفعالة من خلال المنطلقات الصحيحة التي يوفرها الاسلام للممارسات القيادية المثلى والمنهجية التي يوفرها لتكون الدافع والمرشد والحافز على استثمار الطاقات البشرية بما يعود على الامة بالنفع والخير.

من جهته أكد الشيخ جمال السيروان الداعية الاسلامي في المحاضرة التي القاها بعنوان «الاشارات الهادية للقيادة الادارية من الكتاب والسنة» ان المجتمع الاسلامي المعاصر يعاني من امراض خطيرة ومفاهيم مقلوبة ونكسات فكرية واوهام مقلقة وجمود وخمود، واشار الى ان هذا يتطلب من الجميع ضرورة التغيير، ولا بد من تغيير الواقع المرير متمثلا بقول الله عز وجل: «ان الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم». واوضح الشيخ السيروان في هذا السياق ان الحل يكمن في مرتكزين اولهما: سلامة المعتقد وصفاء الرؤية وصحة المعتقد، والثاني، هو العنصر الذي تفتقده الأمة الاسلامية والمتمثل في شلل الادارات وانعدام المسؤوليات وتضييع الامانات.

وعن خطوات العمل للخروج من هذا الواقع أكد الشيخ السيروان ان البداية الصحية والدواء الناجح للخروج من هذا المأزق العسير هو بناء قيادات واعية واخراج نماذج بشرية تمثل النهج الفكري في قالب واقعي. وتمثل السيروان في هذا الصدد بما واجهه الرسول صلى الله عليه وسلم في بداية الدعوة عندما واجه مجتمعا بشريا نخر الفساد فيه من كل جانب، وسرى فيه العطب من كل ناحية، وتراكمت فيه افكار معلولة واموال ضائعة وطاقات معطلة وامكانيات مجمدة، لذا برز دور النبي صلى الله عليه وسلم عندما بذل جهده النبوي منذ البداية في عملية بناء القيادة، وبعث في المجتمع المواهب الكامنة واطلق في النفوس الطاقات الخفية، حتى بنى الاوائل الحضارة الشامخة التي ما زال المسلمون يعيشون في ذكراها.

وعن مواصفات القائد وملكات القيادة اوضح الشيخ السيروان ان النبي عليه الصلاة والسلام صقل طاقات واستخرج امكانيات من اصحابه كان نتاجها حضارة فريدة لم ينعم البشر قبلا بمثلها، واشار السيروان إلى ان من الصفات التي يجب توفرها في القائد وضوح الرؤية، ولا بد للقائد المحنك ان يمتلك رؤية مشرقة ومعرفة واضحة للبيئة التي يعاصرها وللمخاطبين الذين يحدثهم، ومن هنا اتى تكليف الله لرسوله الامين عليه الصلاة والسلام عندما قال له عز وجل: «يا ايها النبي انا ارسلناك شاهدا ومبشرا ونذيرا وداعيا الى الله باذنه وسراجا منيرا». واضافة الى الحنكة والصبر في التعامل مع المخاطبين لا بد للقائد ان يتحلى بالصبر والتحمل وعدم اليأس، وهناك آيات بينات تتحدث عن هذه المزية بقوله عز من قائل: «ان الله مع الصابرين»، و«انما يوفى الصابرون اجرهم بغير حساب»، واورد الشيخ السيروان نماذج من صبر المصطفى صلى الله عليه وسلم من خلال عدة امثلة الاول منها: روى مسلم عن ابي هريرة رضي الله عنه قال: قيل: يا رسول الله ادع الله على المشركين، قال: اني لم ابعث لعانا، وانما بعثت رحمة» والمثال الثاني: روى البخاري ومسلم عن عائشة رضي الله عنها انها قالت: «يا رسول الله هل اتى عليك يوم اشد من يوم احد»، فقال: «لقد لقيت قومك، فكان اشد ما لقيت منهم يوم العقبة، اذ عرضت نفسي على ابن عبد باليل بن كلال، فلم يجبني الى ما اردت، فانطلقت وانا مهموم على وجهي، فلم استفق الا بقرن الثعالب، فرفعت رأسي، فاذا بسحابة قد اظلتني، فنظرت فاذا فيها جبريل فناداني، فقال: ان الله قد سمع قول قومك، وما ردوا عليك، وقد بعثت اليك ملك الجبال لتأمره بما شئت فيهم، قال: فناداني ملك الجبال فسلم عليّ ثم قال: يا محمد ان الله قد سمع قول قومك، وانا ملك الجبال، وقد بعثني ربك اليك لتأمرني بأمرك، وان شئت ان اطبق عليهم الاخشبين، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: بل ارجو ان يخرج الله من اصلابهم من يعبد الله وحده لا يشرك به شيئا».

وأكد الشيخ السيروان ان من صفات القائد ان يكون اسوة حسنة للذين يقودهم ويرعاهم، وان يتحلى بمكارم الاخلاق وحسن السيرة وهي زاد القائد الناجح، كما لا بد له من التسامي عن الاغراض الشخصية والمصالح الذاتية، مع انزال الناس منازلهم والخضوع لمنهج الشورى الذي كرسه النبي عليه الصلاة والسلام وطبقه اصحابه رضي الله عنهم من بعده. وفي السياق نفسه تحدث الدكتور علي السلمي وزير التنمية والتخطيط المصري الاسبق ورئيس الجمعية العربية للادارة، عن نماذج الادارة والقيادة في الاسلام، وسلط الضوء على الدور المهم الذي تلعبه القيادة الادارية وقدرتها على التأثير الايجابي في السلوك، واختتم الدكتور هاني العمري استاذ ادارة الاعمال المساعد في جامعة الملك عبد العزيز في جدة الدورة الرمضانية بعمل نموذج تطبيقي حول انماط السلوك.