عام ميلادي جديد مع خطاب إسلامي سلمي تحديثي

د. حسن بن محمد سفر*

TT

مع صعود الحملات الغربية في مختلف انحاء العالم ضد الاسلام والشريعة والنظام تتولد الحاجة الضرورية والملحة الى التفكير العقلاني المتزن نحو تكوين اسس ومنهجية نحو انشاء خطاب اسلامي سلمي ينطلق من القاعدة الاساسية التي وضعها الاسلام في الفقه الدولي للعلاقات الاسلامية بين المسلمين وغيرهم. فقد اهتم التنظيم الاسلامي في مجال فقه العلاقات الدولية بالسلام واعتباره من اعظم نعم الباري جل وعلا على خلقه. فمن اسماء الله تبارك وتعالى، الملك القدوس السلام، والتحية للمؤمنين يوم القيامة السلام «تحيتهم فيها سلام»، «تحيتهم يوم يلقونه سلام»، فهو اذان اعلامي ينشد السلام ويدعو اليه ويسعى اليه ويطالب المسلمين بالعمل بالسلام والاستقرار، وعدم الاعتداء، وبذل وسائل وطرق الحوار ما استطاع المسلم الى ذلك سبيلا.

ويجب الا يبالي الفكر الاسلامي بما ينشر من اخبار وصور صباح مساء عن شبكات وتنظيمات ارهابية تثير حفائظ الغرب على الاسلام والمسلمين. فالواجب ايضاح المعاني السامية لتوجهات السلم في العلاقات الاسلامية مع المخالف دينا، وعقيدة، ونظاما وذلك عن طريق التكثيف في المعلوماتية لمن يجهل حقيقة الاسلام ودعوته الى حوار هادئ متزن بعيد عن التشنج والعصبية وخال من العنصرية، فالدعوة الى كلمة سواء هدف الاسلام لايصال المغازي والاهداف من دعوته. هنا الموقف يتطلب التأصيل الاسلامي الرائع والمتمثل في تقديم الافكار والمثل والاخلاقيات الاسلامية في لغة ومصطلح تفهمه الجماهير والاقوام المخالفة. فالخطاب السلمي الحالي يجب التنوع فيه واخراجه من دوامة الرجعية والعصبوية البائدة والطقوس المتكررة في اسلوب يدور فلكه على نمط تقليدي واحد، لأن ليس هذا هو المطلوب وليس هذا هو المؤثر، لذا يجب ان نكون منفتحين فكريا متقبلين آراء المخالف، ثم تفنيدها في مائدة حوارية مكاشفة تعري المفتري وتسفه قوله وفكره بالمنطق والحجة الدامغة من دون تصلب وتعنت واستفزاز ومقابلة هجوم بأقوى منه لا يحقق الغرض، ولا يكبل الخصم، ان خطابنا السلمي يجب ان يقوم على قاعدة التأصيل والتنظير لفكرة اللاعنف بل السلم، والتسامح، والعدل، من دون العنف والفتنة والمحاربة، فما يكتسبه الخطاب السلمي من ثمرات مجنية اكثر مما ينفر منه الخطاب العنفي الصلب. فالادبيات الدينية علمتنا الاشياء الكثيرة، وقادتنا ان نحن تمسكنا بمناهج ما خططه لنا الى الكسب في المعارك. فهل وعينا الدرس واتعظنا من لغة التشنج وكهربة الجو؟ فالله الله في الخطاب السلمي فله من المزايا والفضائل ما يشهد به الاعداء قبل الاصدقاء. والله هادينا الى سواء السبيل وهو نعم المولى ونعم النصير.

* رئيس الدراسات العليا الشرعية في الفقه والأصول وأستاذ نظم الحكم الإسلامي المشارك في جامعة الملك عبد العزيز بجدة