ضيوف الرحمن يبدأون اليوم التصعيد من منى إلى عرفات

TT

يبدأ نحو مليوني حاج منذ الساعات الاولى من صباح اليوم التحرك من منى نحو صعيد عرفات في يوم الوقفة الكبرى، مشكلين بذلك اكبر تظاهرة اسلامية في مساحة صغيرة لا تتعدى بضعة كيلومترات لتبدأ فريضتهم، وفقا لقول الرسول صلى الله عليه وسلم «الحج عرفة» وسيؤدي الحجاج صلاتي الظهر والعصر قصرا وجمعا ثم يبدأون بالتحرك او ما يعرف بـ «النفرة» متجهين الى مزدلفة لجمع الجمرات ومنها الى منى.

وأكد الامير عبد المجيد بن عبد العزيز امير منطقة مكة المكرمة ورئيس لجنة الحج المركزية، اكتمال كافة الاستعدادات لنجاح عملية التصعيد وتقديم افضل السبل لراحة ضيوف الرحمن.

وقال ان جميع الاجهزة المختصة بخدمة وراحة حجاج بيت الله الحرام في مكة المكرمة والمشاعر المقدسة اتخذت كافة استعداداتها وترتيباتها اللازمة لعملية تصعيد حجاج بيت الله العتيق.

واضاف ان الخطط والبرامج التي اعدتها كافة القطاعات ذات العلاقة بشؤون الحج والحجاج تسير وفق ما حدد لها بمتابعة مستمرة من الامير نايف، حيث ركزت هذه الخطط على بذل كامل الطاقات الآلية والبشرية لتحقيق كل ما يمكن ضيوف الرحمن من اداء الركن الخامس من اركان الاسلام في امن وامان وراحة واستقرار.

واوضح ان الاوضاع الامنية والصحية بين ضيوف الرحمن ممتازة وهم ينعمون بوافر من الخدمات المتكاملة التي وفرتها الجهات المعنية والتي بدأت استعداداتها منذ وقت مبكر. واشار الى ان جميع القائمين على خدمة وراحة الحجاج يستشعرون المسؤولية الكبرى التي شرف الله بها هذه البلاد قيادة وشعبا وانهم يسعون بكل طاقاتهم وامكاناتهم للقيام بهذا الواجب والشرف.

واكد الدكتور اسامه شبكشي وزير الصحة السعودي، ان الحالة الصحية للحجاج «مطمئنة» ولم تسجل اي حالات وبائية حتى الآن، وتابع الامير نايف بن عبد العزيز وزير الداخلية ورئيس لجنة الحج العليا والامير عبد المجيد بن عبد العزيز امير منطقة مكة المكرمة ورئيس لجنة الحج المركزية وكافة المسؤولين في الجهات ذات العلاقة بخدمة الحجيج عملية تصعيد الحجاج الى منى، وواصلا تعليماتهما للجهات المعنية ببذل اقصى الجهود لتحقيق المزيد من الراحة لضيوف بيت الله.

وقال الدكتور شبكشي ان الوزارة وضعت كافة برامجها وخططها لاستقبال الحجاج منذ وقت مبكر، مبينا ان الخطة تحدد دور كل فرد من منسوبي الوزارة وقد تم تشكيل مجموعات الخدمات الميدانية ومتابعة اداء المؤسسات وزيادة مراكز الارشاد لاداء هذه الخدمة اضافة الى الدورات التدريبية لرؤساء ونواب المجموعات.

واشار اياد مدني وزير الحج السعودي الى ان الحكومة السعودية على اتم الاستعداد دائما لتلبية جميع مطالب الحجيج واحتياجاتهم والتجاوب معهم. وعبر الوزير مدني عن تفاؤله بنجاح جميع خطط الحج المتبقية لما توفر لها من اعداد وتجهيزات ورجال. وكان مدني قد تفقد جميع التجهيزات والمؤسسات العاملة في منطقة المشاعر في عرفات، مزدلفة ومنى. وشدد الوزير على المسؤولين في النقابة العامة للسيارات تقديم وبذل الجهود في عمليات نقل الحجاج.

وكان الحجاج قد بدأوا منذ صباح امس في التوافد على منى للمبيت فيها وهو اليوم الذي يطلق عليه «التروية» وقضى الحجاج هذا اليوم من دون حدوث أي مشاكل. وقد سمي هذا اليوم بيوم التروية لأن الحجاج في العهد الاسلامي الاول كانوا «يتروون» في هذا اليوم، اي يجلبون المياه التي تكفيهم طوال مدة اقامتهم في عرفات، حيث يوم الوقفة الكبرى وكذلك في مزدلفة التي ينزلون بها ليلة العيد بعد عودتهم من عرفات.

ويتوقع المسؤولون السعوديون نجاح الخطة السنوية لتصعيد الحجاج و«نفرتهم» من والى عرفات. وانتشرت افراد قوات الشرطة والمرور والامن كما حلقت طائرات الهليكوبتر لضمان سلامة الحجاج وتفادي حدوث كوارث، واصدرت السلطات السعودية، بيانا مفصلا عن الخطة المرورية للتصعيد تفاديا لحدوث اختناقات في السير، وعلم ان اسلوب نقل الحجاج «الترددي» الذي كان محصورا في الاعوام السابقة على حجاج تركيا فقد تم تعميمه هذا العام ليشمل حجاج جنوب شرقي آسيا وحجاج آخرين.

ويخضع تحرك الحجاج من منى الى عرفات اليوم الى مراقبة كاملة من قبل كاميرات متحركة تتصل بغرف العمليات استعدادا وتأهبا لأي طارئ وبما ينعكس ايجابا على سرعة معالجتها.

وانهت جميع مؤسسات الطوافة استعداداتها لاستقبال الحجاج في منى التي سيمكثون فيها لمدة ثلاثة ايام متتالية هي ايام «التشريق» واوضحت التقارير التي حصلت عليها بعثة «الشرق الاوسط» لتغطية مناسك الحج حتى الساعات الاخيرة من مساء امس، ان خطة حج هذا العام تسير وفق الخطط المعدة ويحظى تصعيد الحجاج الى عرفات اليوم بمتابعة المسؤولين السعوديين بعد قضائهم يوم التروية في منى، الامر الذي ينعكس على حركة سير الحجاج وانسيابية تنقلهم، وقد جندت مختلف الجهات المعنية بخدمة الحجاج طاقاتها واستنفرت جهودها لتسيير حركة الحجاج وضمان ادائهم مناسكهم بطمأنينة وسهولة.

وتشهد منطقة المشاعر المقدسة اليوم وغدا جوا صحوا وتفاوتا في درجات الحرارة العظمى والصغرى، وقال تقرير مصلحة الارصاد والبيئة ان حالة السماء ستكون غائمة جزئيا مع احتمال تكون السحب الركامية خلال يومي العاشر والحادي عشر كما ستشهد ظواهر جوية عبارة عن عوالق ترابية.

وتوقع التقرير ان تصل درجة الحرارة العظمى اليوم الى 36 درجة مئوية فيما تبلغ الصغرى 20 درجة، اما اتجاهات الرياح السطحية فستكون شمالية غربية الى غربية وجنوبية غربية الى غربية اليوم وغدا.

* مزدلفة.. الامتداد الطبيعي لوادي منى

* يعد مشعر مزدلفة الامتداد الطبيعي لوادي منى من الناحية الشرقية، ويفصل بينهما وادي النار الذي يجري من الشمال الى الجنوب، وتمتد مزدلفة باتجاه عرفات حتى الاخشبين «جبلان يحدان الوادي من جهة عرفة».

وتعد مزدلفة مرحلة انتقالية للحجاج بين عرفة ومنى، حيث تتوافد قوافل الحجيج اليها بعد مغرب اليوم التاسع من ذي الحجة للمبيت بها حتى فجر اليوم العاشر، وتجمع منها حصى رمي الجمرات، ولا يوجد بها مبان سوى المسجد المقام فوق المشعر الحرام وتغطى حاليا بمواقف السيارات والشوارع المسفلتة وتبلغ مساحتها 80 في المائة من المساحة الكلية لمزدلفة والتي تقدر بنحو 963 هكتارا منها 281 هكتارا تمثل تلالا وسفوح جبال.

* الحج عرفة

* عرفات المشعر الحرام، الذي لا يصح ولا يكتمل الحج دون الوقوف فيه وداخل حدوده في يوم التاسع من شهر ذي الحجة من كل عام، تصديقا لقول الرسول صلى الله عليه وسلم، «الحج عرفة» تأكيدا منه على ان من لم يقف بعرفة فلا حج له، وهو المشعر الوحيد الذي يقع خارج الحرم، وكانت قريش لا تقف يوم الحج بعرفات قبل الاسلام وذلك تشريقا منها لمكة المكرمة، بل كانت تقف داخل نطاق الحرم، وعندما جاء الاسلام جعل الحج لا يتم الا بالوقوف بعرفة، كلها موقف وما عدا وادي عرنة، بضم العين، فانه يعد خارج نطاق الوقوف في ذلك اليوم. وتبعد عرفات نحو 21 كيلومترا شرق المسجد الحرام وهي سهل واسع يأتي على شكل قوس محاط بالجبال، ويشكل وادي عرنة وتر هذا القوس، وقد نهى الرسول صلى الله عليه وسلم عن الوقوف في هذا الوادي كما لا يجوز الوقوف في ذي المجاز او الاراك او كل ما هو خارج من المشعر.

* جبل الرحمة

* وهو عبارة عن أكمة او تل صغير يصعد عليه الحجاج يوم الوقوف، وقد قال العلماء انه ليس شرطا ان يقف عليه الحاج او انه ليس من واجبات الحج، لقول الرسول صلى الله عليه وسلم عندما وقف في مكانه: «وقفت ها هنا بعرفة، وعرفة كلها موقف» ولجبل الرحمة الكثير من الاسماء منها «النابت» و«إلالا» و«القرين»، وهناك منطقة من الجبل تسمى مبرك الناقة يتسابق الحجاج للوقوف عليها، وهي صخرة عظيمة شبه مستوية في اسفل الجبل الذي يتوسط المشعر، حيث كان مبرك ناقته صلى الله عليه وسلم هناك، وكثير من الحجاج يتزاحمون على هذا المكان تأسيا به عليه الصلاة والسلام.

* حدود عرفات

* يحف بعرفات من الشمال الشرقي جبل عال يسمى «سعْد» ومن الشرق جبل «ملحة» ومن الجنوب سلسلة تلال اشهرها «الرخوم» و«أم الرضوم» ومن ناحية الغرب والشمال الغربي يمر وادي عرفة وكل هذه الديار كانت لقريش.

* مسجد نمرة .. وخطبة الوداع

* مسجد نمرة سمي هذا المسجد الذي تقام فيه صلاتا الظهر والعصر جمعا في هذا اليوم، ويستمع فيه الحجيج الى خطبة عرفات في عدد من الكتب التاريخية بعدة اسماء مثل مسجد النبي ابراهيم ومسجد عرفة، وكان قبل العهد السعودي مسجدا صغيرا يصلي فيه الحجاج، كانت مساحته لا تزيد عن 166 مترا طولا وعرضه لا يتجاوز 153مترا، وقد اهتمت الحكومة السعودية بهذا المسجد حيث اصبح يتسع لأكثر من 300 ألف مصل، وتزيد مساحته عن 27 ألف متر، وبلغت تكاليف عمارته نحو 337 مليون ريال سعودي.

وفي هذا المكان خطب النبي عليه الصلاة والسلام خطبته الشهيرة في حجته الاخيرة والتي تسمى خطبة الوداع، كما ان في هذا المكان قرأ امير المؤمنين علي بن ابي طالب رضي الله عنه سورة براءة عندما طلب النبي منه ان يبلغها عنه للبراءة، وبان لا يحج بعد هذا العام مشرك، وان لا يطوف بالبيت عريان. ويعتبر الفقهاء ان الجزء الغربي من مسجد نمرة خارج الحدود.

ونمرة في الاصل كانت قرية خارج عرفة اقام فيها النبي عليه الصلاة والسلام، ثم سار منها الى بطن الوادي، حيث صلى الظهر والعصر وخطب وهو في حدود عرفة في بطن عرنة، وهو واد يأتي عرضا ما بين عرفات والحرم من الناحية الغربية، حيث تكون بدايته من الجهة الشمالية من ملتقى وادي وصيف، وينتهي من الجهة الجنوبية عندما يكون في حذاء او سفح الجبل الواقع بين المأزمين وطريق «خب» الذي بطرفه قرية نمرة، وتقدر المساحة بين ملتقى ووادي عرنة ووصيف في الجهة الشمالية بأكثر من خمسة آلاف متر، كما ان من ضمن حدود عرفات منطقة تسمى بالثوية، وكذلك هناك واد كبير يسمى الاراك يعد من اودية الحجاز التهامية، وينحدر غربا فيمر جنوب عرفات، ثم يجتمع بعرنة فيكتسب اسم عرنة، كما انه يمر بين جبلي «كساب» و«حبشي» على بعد 11 كلم من مكة المكرمة، وبعض الفقهاء لا يعد الاراك حدا من حدود عرفة.