محمد عمارة : الأميركيون مثل التتار حضارتهم قامت على الإبادة واستنزاف ثروات الشعوب

نحتاج إلى إحياء فقه العبادات وتجاوز الشكليات والتركيز على الجوهر * منع تكرار الحج والعمرة جائز لكن لا بد أن يكون الترشيد سلوكا عاما في المجتمع

TT

دعا المفكر الإسلامي الدكتور محمد عمارة إلى عقد مؤتمر اسلامي شعبي عالمي على هامش موسم الحج يشارك فيه العلماء والمثقفون والمفكرون المسلمون من مختلف أنحاء العالم ومناقشة سبل مواجهة التحديات الشرسة التي تواجه الأمة الإسلامية وفي مقدمتها المجازر التي يرتكبها الصهاينة ضد الشعب الفلسطيني والعدوان الاميركي المتوقع ضد شعب العراق، مشيرا إلى ضرورة ان تشرف على هذا المؤتمر هيئة شعبية تضع جدول الأعمال وتسجل التوصيات وترسل بها إلى جميع المسؤولين في الدول العربية والإسلامية وتعمل على خلق رأي عام اسلامي ازاء تلك القضايا.

وقال الدكتور عمارة في الندوة التي عقدتها نقابة الصحافيين بعنوان «الحج والتحديات التي تواجه الأمة الإسلامية»: ان الحكام العرب ليسوا خونة ولكنهم عاجزون وبعضهم يدين بالولاء والتبعية للولايات المتحدة، لكن يجب ان ندرك ان العاصفة سوف تقتلع الجميع، فقد نشرت جريدة معاريف الإسرائيلية ان المخطط الأميركي لن يتوقف عند العراق وانما ستكون العراق القاعدة وهي خطوة تكتيكية وتمثل السعودية الاستراتيجية ومصر هي الجائزة.

وأعرب عن أسفه لغياب دور الجامعة العربية ومنظمة المؤتمر الإسلامي وعدم قيام هذه المؤسسات بأي تحرك لمواجهة العدوان الصهيوني والأميركي، مشيرا إلى انه اذا كانت الحكومات عاجزة فإن الشعوب تستطيع ان تفعل الكثير لأن لديها حرية الحركة وحرية الكلمة، فعلى سبيل المثال تستطيع الدول الإسلامية البدء في انشاء السوق الإسلامية من مكة والمدينة فبدلا من شراء الحجاج للسلع الغربية والكورية والصينية يمكن الاقتصار على شراء المنتجات الإسلامية وبذلك نقدم رسالة ذات مغزى للعالم ونفعل عملية مقاطعة السلع الغربية والأميركية. وأشار إلى ان العالم الإسلامي في الوقت الحاضر يعيش في وضع أشبه بما عاشه المسلمون في غزوة الخندق حيث تجمعت ضدهم كل قوى الشرك على ما بينها من خلاف وزاغت الأبصار وبلغت القلوب الحناجر، مؤكدا انه ليس أمام المسلمين الآن إلا ان يفعلوا كما فعل المسلمون في غزوة الخندق وان يقولوا هذا ما وعدنا الله ورسوله وصدق الله ورسوله وان يجتمعوا على قلب رجل واحد ويدافعوا عن بلادهم وعن أنفسهم بكل ما يملكون واذا لم يكن المسلمون الآن كصحابة رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ فليكونوا مثل المماليك الذين لم يعبأوا بتهديدات هولاكو بعد ان اجتاح بغداد وفعل فيها ما فعل وجمعوا قواهم وحاربوا ببسالة حتى تحقق لهم النصر.

وأضاف ان الاميركيين الآن لا يختلفون عن التتار وبوش لا يختلف عن هولاكو وكذلك هم رعاة بقر قامت حضارتهم على ابادة شعب بأكمله كما قامت دولة الصهاينة أيضا على ابادة الشعب الفلسطيني وحققوا رفاهيتهم بالاستيلاء على ثروات الشعوب وامتصاص دماء الأفارقة، والأميركان أيضا لا تاريخ لهم ولذلك لا يقرأون التاريخ وسيكون الشرق الأوسط مقبرة لهم كما كان مقبرة للغزاة طوال التاريخ.

وطالب الدكتور عمارة بالعمل على احياء فقه جديد للعبادات والمناسك ومنها الحج واحداث ثورة في علوم الدين، مشيرا إلى ان المسلمين يركزون على الشكليات في العبادات وليس على جوهرها رغم ان العبادات في الإسلام لم تراد لذاتها فقط وانما أريدت كطاعة لله وجزء من التدين ولون من ألوان الحب لله وبعض العبادات لها حكم وعلل واضحة وبعضها ذات أحكام تعبدية لا يعرف الإنسان كنهها. وقال ان الحج عبادة فردية واجبة على المستطيع لكنها تؤدى في موكب ومظاهرة ومهرجان تشعر المسلم أنه جزء من أمة وهذا أحد مقاصد الحج، موضحا ان العبادات في الإسلام رغم أنها بمثابة تكليفات فردية إلا ان الأداء الجماعي لها يجعل ثوابها أكبر وهذا يجعل الإسلام دين الجماعة، فعندما ينوي المسلم أداء فريضة الحج ويحرم بالحج يصبح جزءا من جماعة وأمة بجانب تهذيب روحه وأخلاقه وسلوكياته الفردية. وأوضح ان حج المسلمين ـ وهم أبناء الأمة الخاتمة ـ لأول بيت وضع للناس في الأرض وأول بيت عبد فيه الله ـ سبحانه وتعالى ـ فهذا رمز لوحدة الدين، مشيرا إلى ان الذين يقولون ان مناسك الحج ليست أكثر من بقايا للوثنية جهلة ولا يفهمون الحكم الإلهية لتلك العبادة حيث تقيم امة خاتم الأنبياء وتعيد تمثيل مناسك أبي الأنبياء إبراهيم عليه السلام. وحول حكم تكرار الحج والعمرة والفتاوى التي صدرت للنهي عن ذلك قال الدكتور عمارة ان الفقه الإسلامي لا يمنع الترشيد حتى في إقامة هذه المناسك فالذين يحجون كل عام يأخذون حق الذين يرغبون في الحج واداء الفريضة ولا يستطيعون، مؤكدا ان الإسلام لا يمنع التنظيم الذي يمكن كل مسلم من أداء تلك الفريضة وعدم التكرار إلا كل خمس أو عشر سنوات، لكن لابد ان يكون الترشيد عاما في المجتمع لا يقتصر على أداء العبادات فقط، ففي تلك الحالة يمكن أن تصدر فتاوى فقهية تمنع تكرار الحج والعمرة.