الأمير تشارلز: أسرتي استفادت من الحكمة الإسلامية

ولي العهد البريطاني: لوردان مسلمان حصلا على اللقب البريطاني الرفيع قبل 100 عام

TT

أكد الأمير تشارلز ولي العهد البريطاني أن أسرته الملكية استفادت من الحكمة الإسلامية، مشيراً إلى أن الملكة فيكتوريا درست اللغة الهندية المكتوبة بحروف فارسية على يد أحد موظفيها الهنود المسلمين ويدعى الحافظ عبد الكريم. وقد حصل اللورد ستانلي أوف اورلي الذي اعتنق الإسلام وأصبح عضواً بمجلس اللوردات قبل أكثر من مائة عام، وكذلك سبقه أيضاً اللورد هيدلي عضو المجلس، الذي أعلن نبأ اعتناقه للإسلام عام 1913.

جاء ذلك في كلمة ألقاها الأمير تشارلز في معهد ماركفيلد للدراسات العليا خلال زيارته إلى المؤسسة الإسلامية في ماركفيلد أخيراً، بمناسبة افتتاحه المبنى الجديد لهذا المعهد، حيث أمضى مع إدارة المعهد وأساتذته وطلابه أكثر من ساعتين. وقال في كلمته إنه منذ عام كان في زيارة لمسجد شرق لندن بصحبة الأمير محمد الفيصل، فذكر تشودري معين الدين نائب مدير المؤسسة الإسلامية مرحبا بنا يومذاك في كلمته «إن مثل حافلات لندن كمثل الأمراء يطول انتظارك لهم، لكنهم إذا جاءوا فإنهم يأتون أزواجاً»، «ولهذا ينبغي عليّ أن أعتذر فقد جئت وحدي اليوم لأزور هذه المنشأة الرائعة في ماركفيلد».

وأضاف الأمير تشارلز، إن المؤسسة الإسلامية تحتل مكانة الريادة في كثير من المجالات، فقد اشتهرت بإنتاجها العلمي وبمطبوعاتها وأبحاثها، كما أن المؤسسة الإسلامية لسنوات عديدة في مقدمة الهيئات المهتمة بالحوار بين مسلمي بريطانيا وسائر مواطنيهم غير المسلمين وتسعى للتعريف بمبادئ الإسلام وجعلها في متناول كل إنسان، وذلك من خلال نشاطها الدائم والفعال في مجالي التعليم والحوار بين الأديان.

ومن الأمثلة على هذا النشاط «دورات التوعية الثقافية بالإسلام»، التي تعقد في هذه القاعة ذاتها، وتعنى بتثقيف موظفي السلطات المحلية والاختصاصيين الاجتماعيين ورجال الشرطة وغيرهم ممن يتعاملون يومياً مع المواطنين المسلمين.

وأوضح أن المؤسسة الإسلامية لا يقتصر نشاطها على النشاط العملي لأنها في المقام الأول هيئة علمية، والتراث العلمي للمسلمين تراث عظيم يمتد من الرياضيات إلى علوم الفلك ومن العلوم الطبيعية والطبية الى الجغرافيا والفنون والآداب. ومن كان عنده شك في قيمة ما أسهم به الإسلام والمسلمون في النهضة الأوروبية يكفيه أن يتحقق بنفسه بتجربة بسيطة وذلك بمحاولة إجراء بعض العمليات الحسابية مستخدماً الأرقام الرومانية. وعندئذ سيشعر بالعرفان الكبير لعلماء الرياضيات المسلمين الذين أدخلوا إلى أوروبا الأرقام العربية واكتشفوا الصفر. إن أجيالاً من تلاميذ المدارس مدينون بالشكر للخوارزمي الذي تعلمت أوروبا منه علم الجبر بعدما ترجم كتابه الذي ألفه في القرن التاسع الميلادي عن الجبر إلى اللغة اللاتينية عام 1145م، ويحق لنا أن نتساءل: هل كان لكريستوفر كولمبس أن يكتشف العالم الجديد لولا استعانته بخبرة الملاحين المسلمين ومهاراتهم، وقد كان بعضهم، فيما ورد، سبق له عبور المحيط الأطلنطي في مرات ماضية؟.

وأشار إلى أنه في العصور الحديثة، بدأ بعض المسلمين يتخذون من بريطانيا موطناً لهم، فرأينا في أوائل القرن التاسع عشر تأسيس الحمامات العامة المعروفة باسم «مؤسسة الحمامات وغسيل الشعر» لصاحبها أكبر محمد في مدينة برايتون، التي كانت مقصد أصحاب النزعات الحديثة من الوجهاء، وتمضي السنوات وإذا ابن صاحب الحمامات واسمه فردريك أكبر محمد يكمل دراسة الطب، ويعمل في مستشفى غايز اللندني، حيث ابتكر أول جهاز لقياس ضغط الدم في العالم في سبعينات القرن التاسع عشر. وفي مدينة ليفربول أنشأ المحامي المسلم وليام هنري كويم أول مدرسة إسلامية وأول ملجأ أيتام في بيته الذي أقام فيه كذلك مسجداً ومكتبة إسلامية».

وقال إن الحضور الإسلامي في الهيئات الأكاديمية والمناصب العامة والمراكز العالية في مجتمعنا ليس أمراً جديداً، إنما هو أمر يدعو للزهو. ولعلنا نتوقف لحظة هنا لنتذكر المئات من المسلمين الذين قضوا نحبهم وهم يحاربون في صفوف الجيش البريطاني في الحربين العالميتين. والنصب التذكاري للبحرية التجارية في منطقة تاور هل بالعاصمة البريطانية، على سبيل المثال، يقوم شاهداً قوياً على هؤلاء الرجال المسلمين الشجعان الذين ضحوا بأرواحهم أثناء عملهم على متن السفن البريطانية.

وأضاف: يسعدني أن أحضر اليوم الاحتفال الرسمي للمبنى الجديد لمعهد ماركفيلد للدراسات العليا، الذي يؤكد على التزام المؤسسة الإسلامية بتوفير أرقى المستويات في مجال البحث والدراسة وتعزيزها، كما يأتي متفقاً مع الرؤية الحضارية لمن أنشأوا المؤسسة الإسلامية والقائمين عليها وفي مقدمتهم البروفيسور خورشيد أحمد.

وإني أعتقد أن مجمع ماركفيلد بجميع منشآته بما فيها المكتبة الممتازة لديه الإمكانات ليصبح أحد المراكز الرائدة في الدراسات الإسلامية العليا ودراسات العالم الإسلامي ليس في بريطانيا وحدها إنما في أوروبا بأكملها. ومنطقة ليستر لها كل الحق في أن تفخر بوجود هذه المؤسسة الفعالة على أرضها، فالحاجة لمعرفة المزيد عن الإسلام ودراساته لم تكن أكبر مما هي عليه الآن قط. لذلك فإنني واثق من أن المؤسسة الإسلامية ومعهد ماركفيلد للدراسات العليا سوف يقدمان للغرب كل ما يثير الإعجاب من علوم إسلامية، وسوف يقدمان الأسوة الطيبة لكل من يهتم بذلك.