التركي: عالمية الإسلام وفهم مبادئه يمنحان المسلمين حصانة من شرور التحديات التي تواجههم في عصر العولمة

TT

دعت الأمانة العامة لرابطة العالم الإسلامي في مكة المكرمة، المسلمين في كل مكان ان يتقيدوا بتعاليم الدين الاسلامي الحنيف، كما ودعتهم الى التأسي بنبيهم صلى الله عليه وسلم والاستفادة من دروس هجرته واصحابه الى المدينة المنورة مؤكدة اهمية التراحم والتناصر والتضامن والتكافل والتعاون بين المسلمين حكومات وشعوبا، وطالبت الامة بوحدة الصف والأخذ بأسباب التكامل في جميع شؤون الحياة، مما يعين في المحافظة على شخصية الامة وثبات شعوبها امام التيارات المضادة والتحديات العالمية الجديدة.

جاء ذلك في بيان اصدره الدكتور عبد الله بن عبد المحسن التركي الامين العام لرابطة العالم الاسلامي في بدء العام الهجري الجديد، دعا فيه الشعوب والحكومات الاسلامية الى الانصياع الى أوامر الله سبحانه وتعالى ورسوله، وتحكيم الشريعة الاسلامية في مختلف مجالات الحياة، والحذر من اتباع الهوى والافتتان به مذكرا بقوله سبحانه وتعالى: (وأن احكم بينهم بما أنزل الله ولا تتبع أهواءهم واحذرهم ان يفتنوك عن بعض ما أنزل الله إليك) وقال: لا بد للمسلمين في كل زمان ومكان من التأسي بنبيهم صلى الله عليه وسلم والاستفادة مما زخرت به السيرة النبوية وهجرة المسلمين الاوائل من دروس الصبر والحكمة والتكافل والتراحم والتضامن والتعاون على البر والتقوى بين جميع المسلمين.

وأكد الدكتور التركي على سمو الشريعة الاسلامية الغراء وصلاحيتها للتطبيق في كل زمان ومكان، وكمالها وشمولها مشيرا الى قوله تعالى: «اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا». ودعا إلى دراسة سيرة النبي صلى الله عليه وسلم والتعمق في فقهها وفهم دروسها وربط الاجيال المسلمة بمعانيها العظيمة، وجعلها القاعدة الصلبة في اقامة المجتمع الاسلامي المبني على طاعة الله ورسوله وعلى التعاون والمحبة بين المسلمين، وقال: ان سيرته صلى الله عليه وسلم مدرسة كاملة للمسلمين، ينبغي عليهم الاستفادة منها واتقانها والتأسي بها: (لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة) وأوضح ان في السيرة النبوية معاني عظيمة، أخذ منها سلف الامة عبرا قيمة، مؤكدا ان المسلمين اليوم بأمس الحاجة للاستفادة من تلك الدروس التي استفاد منها اجدادهم، حيث اثبتت ان لا عزة لهم الا بالعودة الى الله، والتمسك بشريعته وتطبيقها في اطار من التعاون الاسلامي الشامل لانجاز كل عمل صالح ومفيد، عملا بقوله تعالى: «وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الاثم والعدوان».

وأوضح ان المسلمين بتقيدهم بشرع الله يقدمون للعالم خدمات حضارية جليلة تسهم في تخليصه من التخبط العقائدي والسلوكي، كما تسهم في حل مشكلاته التي يعاني منها، وازماته التي ضاق بها، مثل مشكلات الأمن والسلام وقضايا البيئة ومسألة الجوع وتحرير الانسان من عبودية غير الله ومنحه حقوقه كاملة. ودعا الشعوب البشرية الى الاستفادة من مبادئ الاسلام ومن تشريعه العادل، الذي كفل الحقوق الانسانية. وقال: إن على المسلمين ان يجتهدوا في تعريف البشرية بالاسلام وما جاء فيه من منافع عظيمة للإنسانية جمعاء مؤكداً على عالمية الاسلام وعموم رسالته للناس جميعا «وما أرسلناك إلا كافة للناس بشيراً ونذيراً» وأنه رحمة كبرى لهذه البشرية: «وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين». ونبه الى ان ايمان المسلمين بعالمية دينهم وتطبيق مبادئه في مجالات الحياة والعلاقات الدولية يمنحهم حصانة من التحديات الجديدة التي تواجه العالم في عصر العولمة.

وأكد الدكتور التركي ان دين الاسلام يحض على التوسط والاعتدال في جميع أمور الحياة، كما انه ينهى عن الغلو والإفراط وأشكال التطرف، وينهى كذلك عن التفريط والتهاون، وقال: إن على المسلمين انتهاج المنهج الوسط الذي اختاره الله سبحانه وتعالى لهذه الأمة «وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا». وأكد على ضرورة تأصيل هذا المفهوم في نفوس شباب الأمة المسلمة عبر مناهج التعليم ووسائل الاعلام والتثقيف وخطب المساجد وجهود الدعاة وبرامج المؤسسات الاسلامية بأسلوب حسن حكيم عملا بقوله تعالى: «ادع الى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة». وقال: إن على المسلمين ان يوضحوا للعالم الحلول الاسلامية لمشكلات الإنسان في هذا العصر الذي يسوده القلق والتوتر وانتشار الموبقات وتفشي المخدرات والانحلال الخلقي وشيوع الصراعات التي تخل بالأمن الاجتماعي للشعوب الإنسانية، وأكد أنه لا بد من ابراز الجانب الأخلاقي في الإسلام والتعريف به، وان نقل معانيه وصورا من نماذجه الى الشعوب الأخرى يجذبها الى الاسلام ويعرفها بحاجة البشرية اليه والى مبادئه الاخلاقية، فقد بعث عليه الصلاة والسلام لإتمام مكارم الأخلاق وتأصيلها في حياة المسلمين وتعليمها للناس جميعاً.

وأهاب الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي بالحكومات والشعوب الإسلامية ان تتواصل في ما بينها، وان تنسق جهودها في الدفاع عن مصالح الأمة من خلال صيغ العمل الاسلامي المشترك. وذكر بأن المؤتمرات والندوات التي عقدتها رابطة العالم الإسلامي دعت الأمة الى تأصيل التعاون وتنفيذه وفق ما أمر به الإسلام، كما دعت الى تعاون المؤسسات الرسمية والشعبية الإسلامية في كل ما من شأنه صلاح حال الأمة. وذكر بما دعا إليه العلماء الذين شاركوا في مؤتمر مكة المكرمة الثالث، الذي عقدته رابطة العالم الإسلامي في بداية شهر ذي الحجة 1423هـ من حل أزمة العراق سلمياً.

وفي ختام البيان دعا الله العلي القدير ان ينصر دينه ويعلي كلمته، وان يجنب المسلمين أسباب التحلل والانحراف، وان يهدي البشرية كافة إلى سواء السبيل.