النائم لا يتعثر

العمل الخيري وضرورة التجديد

TT

قام أحد الاثرياء من هذا البلد الكريم في مدينة غربية مكتظة بالناس مزدحمة بالشوارع والطرق تلمع من كثرة المباني الزجاجية الشاهقة، قام وسط ذلك كله بشراء قطعة أرض صغيرة وجعلها حديقة عامة فيها الأشجار والورود والازهار تتوسطها نافورة ماء وكراس وأماكن للاستظلال واستنشاق الهواء، وجعل لوحة في مدخل هذه الحديقة كتب عليها «هدية من المركز الإسلامي في ذلك البلد لأهل البلد».

قل لي كيف أحدثك عن شعور أهل تلك البلدة تجاه المسلمين الذين يعيشون فيها والمسلمين عموما، وعن تلك الرسالة وذلك الدين الذي يحملونه، إن ذلك العمل قد يكون أبلغ من ألف كتاب وكتاب ومن ألف شريط وشريط في الدعوة الى الإسلام.

إننا بحاجة ماسة الى التجديد في العمل الدعوي والخيري والانتقال به من تلك الصور المكررة والمستنسخة والرتيبة التي تتسم بكثرة الجهد والمال وقلة المردود والانتقال بها الى العالم الفسيح من الرؤى والافكار والطرق الحديثة، جاعلين نصب أعيننا قوله سبحانه وتعالى: «ادع الى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن».

إن الأبواب المحدودة في العمل الخيري والتي ابصرت اعيننا النور ونحن نراها لم تتغير وإنما كثر مستنسخوها فكلما سمعنا بقيام مؤسسة أو جمعية أو مركز خيري لا يمضي وقت قصير من سعادتنا بانشائه حتى نراه يكرر نفس الأعمال ويقوم بذات الأدوار.

إن العمل الدعوي والخيري ـ عموما ـ في الوقت الحاضر قد لا يكون دائما محسوسا أو ملموسا باليد فليس في أولى ابجدياته (أكياس الإسمنت أو الأرز ـ وفي كل خير ـ) ولست هنا لأقلل من عمل بذل لوجه الله وأنفقت فيه الأموال خالصة له، وإنما أدعو الى التكامل في العمل الخيري وأن نبدأ في كل عمل من حيث انتهى الآخرون وان نطرق كل باب وأن نعد له عدته ونشد على ايدي القائمين عليه، ومع ذلك كله لا بد من الخطأ أو التقصير فذلك يصيب كل من يعمل وليس بعيب وصدق القائل (النائم لا يتعثر).