الشركات الأجنبية تلجأ إلى التحكيم الأجنبي بدلا من القضاء لفض نزاعاتها مع المستثمر الخليجي

TT

نظام التحكيم يعتبر من الأنظمة التجارية القديمة في السعودية وهدف لحل بعض المنازعات التجارية. تلجأ الشركات الاجنبية الى التحكيم الأجنبي لفض نزاعاتها مع المستثمر الخليجي. وأن هذه الشركات لا تحبذ الدخول في مغبة التشريعات الوطنية للدول الاخرى واجراءاتها القضائية، لأن ذلك يحتاج معرفتها بالقوانين المحلية اختيار التحكيم التجاري بدلاً عن القضاء.

يوضح الدكتور محمد بن عبد العزيز الجرباء المستشار القانوني بهيئة الخبراء بمجلس الوزراء وعضو هيئة التدريس بقسم القانون بجامعة الملك سعود وأحد المختصين في التحكيم التجاري السعودي ومحكم ان اختيار التحكيم التجاري هو النموذج الأفضل والأسرع لفض المنازعات التجارية، فمن حيث الأصل العام تلجأ الشركات الأجنبية أو المحلية الى التحكيم التجاري لفض منازعاتها التجارية رغبة في انهاء هذا النزاع بسرعة وسرية لكون الحياة التجارية تتطلب هذين الأمرين. هذا بالاضافة الى ان الشركات الاجنبية لا تحبذ الدخول في مغبة التشريعات الوطنية للدول الاخرى واجراءاتها القضائية، فذلك يحتاج معرفتها بالقوانين المحلية واختيار محامين وطنيين للترافع أمامها، لذلك تجد هذه الشركات أن الخيار الأمثل لها هو اشتراط التحكيم لفض المنازعات التي تنشأ بينها، ويزيد على ذلك المحامي الدكتور إبراهيم بن عيسى العيسى عضو مجلس ادارة مركز التحكيم التجاري لدول مجلس التعاون الخليجي ان حاجة الأعمال التجارية للسيولة النقدية سبب للجوء الى التحكيم لسرعته في فض المنازعات بالاضافة الى الاستعانة بالخبراء في الجوانب الفنية مما يساعد على فض المنازعات التجارية بكفاءة وقدرة فائقة.

* اختيار مراكز التحكيم الدولية بدلاً من المحلية

* وأشار الدكتور محمد الجرباء الى ان الشركات تحرص على اختيار مراكز تحكيم دولية لها بعدها الزمني وقواعدها القانونية الثابتة واضطلاعها بفض قضايا عديدة عن طريق التحكيم مثل الغرفة التجارية في باريس ICC ومحكمة التحكيم الدولي في لندن LCIA وقد نشأت محاكم دولية مثل مركز التحكيم الاقليمي في القاهرة وكذلك مركز التحكيم التجاري في البحرين، وفي هذا الاطار اوضح الدكتور العيسى أن الطرف الضعيف في العلاقة القانونية مع الشركات الاجنبية هو المستثمر الخليجي بصفة خاصة فهو ضعيف عند التفاوض مع هذه الشركات فيقبل بما تمليه عليه في اختيار التحكيم الاجنبي كـ ICCبباريس أو محكمة لندن للتحكيم الدولي وغيرهما من المنظمات والهيئات العالمية والإقليمية المعنية بالتحكيم التجاري.

وأكد الدكتور العيسى إن بعض التجار ورجال الأعمال العرب وبالذات الخليجيين ينساقون وراء هذه الدعوات بقناعة دون استشارة ذوي الاختصاص في القانون إذ إن الشركات الأجنبية عندما تدعو الى التحكيم الاجنبي فإنها تلجأ الى وسائل متعددة في الإقناع والتسبيب من ذلك القول بأن الدول النامية أو دول العالم الثالث لم تصل أنظمتها القانونية الى درجة من التقدم والنضج الذي يجعلها صالحة للتطبيق على أنماط متطورة من المعاملات التجارية الحديثة وهو نوع من التهرب من التطبيق لقوانين هذه الدول ومحاولة تطبيق القوانين الاجنبية عن طريق التحكيم في المنظمات والهيئات الاجنبية، فضلاً عن القول بعدم الثقة في القضاء الداخلي للدولة، وبعض التجار العرب بحكم أن مستشاريهم الذين يمثلونهم في هذه المفاوضات اجانب فإنهم يقبلون بعروض هذه الشركات والمؤسسات الاجنبية.

* البديل عن الأجنبي

* وأوضح الدكتور العيسى انه تم ايجاد وسيلة للتحكيم الاقليمي بإنشاء المركز التجاري لدول مجلس التعاون الخليجي ومقره دولة البحرين وذلك في ديسمبر (كانون الأول) عام 1993 ليكون هذا المركز البديل والخيار الأمثل للتحكيم بدلاً عن التحكيم الأجنبي، وهذا المركز في مستوى التحكيم الدولي الذي تتحدث عنه الشركات الاجنبية اذ ان قوائم المحكمين والخبراء في المركز من جنسيات مختلفة واختصاصات متنوعة، بل إن لاطراف النزاع الحرية في اختيار هيئة التحكيم من غير قوائم المركز وتحديد القانون الواجب التطبيق في التحكيم واختيار اللغة التي تسير عليها الاجراءات اثناء نظر الدعوى. بل إن هناك توجها لدعم جهود مركز التحكيم التجاري الخليجي لوضع لوائح اجرائية مكملة لاجراءات التحكيم بالمركز لمساعدة الأنواع المتعددة من القطاعات في اللجوء الى التحكيم بالمركز مثل قطاع البنوك (المصارف) والتأمين والإنشاءات والقطاع البحري والتجارة الالكترونية وتوفير كل ما يلزم لذلك من تسهيلات.

* جدوى نظام التحكيم السعودي

* وحول جدوى نظام التحكيم السعودي أوضح المحامي الدكتور محمود بن عبد الكريم الخطيب أن نظام التحكيم السعودي غير مجد في الوقت الراهن نظراً لطول الاجراءات فحكم المحكمين في جميع انظمة التحكيم يعتبر منهيا للنزاع ولكن في السعودية يحق للطرف الذي صدر الحكم في غير صالحه ان يستأنف حكم المحكمين امام الجهة المختصة اصلاً بنظر المنازعة مما يعني ان مرحلة التقاضي تعددت كما يحق للجهة المختصة بنظر المنازعة ان تعيد الحكم للمحكمين للنظر فيه مرة اخرى أو أن تقوم نفس الجهة المختصة بنظر الدعوى من جديد وهذا في رأيي يتعارض مع ماهية التحكيم في العالم التي تقتضي السرعة والسرية، كما أشار الى ذلك الدكتور محمد الجرباء.

وقال الخطيب إن هذا الأمر يجعل الشركات الاجنبية التي تعمل في السعودية والتي تتعاقد مع رجال الأعمال في السعودية تلجأ الى التحكيم الاجنبي والسبب في ذلك هو تعدد مراحل التقاضي. كما ان تكلفة اجور المحكمين في السعودية مبالغ فيها وتعد مرتفعة لذا يتعين من جهة نظر الخطيب انشاء هيئة خاصة بالتحكيم واعتماد المحكمين في وزارة العدل السعودية ويكون من ضمن اعمالها تحديد اجور المحكمين واصدار قائمة بأسماء المحكمين المعتمدين.

ولرفع مستوى التحكيم في السعودية، يؤكد الجرباء أنه من الأهمية الرقي بوضع التحكيم التجاري في السعودية، وذلك من حيث تطوير قوانين التحكيم وايجاد مراكز تحكيمية مؤسسية لتكسب ثقة المستثمر الأجنبي والشركات المحلية والأجنبية لتلجأ اليها لفض منازعاتها التجارية وهو أمر مهم على الجهات المعنية الاهتمام به.