قانون محكمة الأسرة الجديد يفجر جدلاً فقهياً وقانونياً حول عودة المحاكم الشرعية

TT

فجر قانون محكمة الأسرة الجديد الذي سيبدأ تطبيقه في اكتوبر (تشرين الاول) المقبل جدلاً فقهياً وقانونياً حول عودة المحاكم الشرعية التي تم إلغاؤها عام 1955، فقد ذهب فريق من العلماء الى أن إنشاء محاكم خاصة بالأسرة للنظر في مسائل الزواج والطلاق والميراث والنفقة والحضانة وغيرها من أحكام شؤون الأسرة يعد خطوة على طريق عودة المحاكم الشرعية التي كانت موجودة من قبل وكانت تختص بحل مشاكل الأسرة خاصة وأن القائمين عليها قضاة متخصصون.

بينما يرى فريق آخر ان إنشاء محكمة للأسرة يعد تطويراً في أنظمة القضاء في مسائل الأحوال الشخصية لسرعة الفصل في المنازعات التي تنشأ في محيط الأسرة وليس معناه عودة المحاكم الشرعية التي ألقيت بموجب القانون 462 لسنة 1955 لان وجود هذه المحاكم يستتبع وجود متخصصين في القضاء الشرعي سواء كانوا من أعضاء النيابة أو القضاة للبت في المنازعات بين الزوجين بينما لا يطبق ذلك قانون محكمة الأسرة الجديد.

وتضمن قانون محكمة الأسرة الجديد 11 مادة تدور حول اختصاص محكمة الأسرة بالنظر في دعاوى الطلاق وما يرتبط بها من طلبات نفقة الزوجة والأبناء ومؤخر الصداق وحضانة الأبناء الصغار وتفعيل دور النيابة في الصلح بين الزوجين.

وقال الدكتور عبد العزيز فرج موسى استاذ الفقه المقارن في كلية الشريعة والقانون ان إنشاء محكمة للأسرة تختص بالنظر في جميع المنازعات التي تثار بين الزوجين يعتبر عودة للمحاكم الشرعية في صورة مصغرة. وأضاف ان إنشاء هذه المحكمة يتطلب وجود قضاة متخصصين للبت في مثل هذه المنازعات لان هذا سوف يساعد على سرعة البت في هذه القضايا ويختصر من اجراءات التقاضي كما هو في الوضع الحالي، بالاضافة لذلك فإن قانون محكمة الأسرة الجديد يتضمن نصوصا تؤدي الى تيسير اجراءات التقاضي بما يؤدي الى التيسير على الناس وتحقيق مصالحهم في الاستقرار الأسري كما كان معمولا به في قانون المحاكم الشرعية التي كانت تختص بالنظر في قضايا الأحوال الشخصية وتطبق عليها الشريعة الاسلامية.

ومن جانبه يرى الشيخ يوسف البدري عضو المجلس الأعلى للشؤون الاسلامية في القاهرة ان انشاء محاكم للأسرة في مصر يعد رد اعتبار للمحاكم الشرعية والقضاء الشرعي حيث استدرك واضعو القوانين ما ضاع وسقط بسبب غياب هذا النوع المتخصص من المحاكم مطالبا، بأن تكون الخطوة التالية هي إعادة فتح معاهد للقضاء الشرعي لتخريج قضاة درسوا الفقه الاسلامي في منابعه الأصيلة دراسة متأنية ومتخصصة تناسب منصب القضاء بحيث يكون الفقه المقارن هو عماد هذه الدراسة لا في المذاهب السنية فحسب بل في المذاهب الشيعية ومذاهب الزيدية وغيرها من المذاهب.

وقال الدكتور عبدالعظيم المطعني الاستاذ في جامعة الأزهر ان محكمة الأسرة هي عودة لنظام القضاء الشرعي الذي كان معمولا به حتى قيام الثورة والذي كان ينظر في قضايا الأسرة كالميراث والنفقة والطلاق فهذه المحكمة عودة للنظام ولكن في شكل مدني. وأضاف ان وجود محاكم متخصصة رسالتها الأسرة وفض المنازعات الأسرية وعودة ما يشبه المحاكم الشرعية بما يتناسب مع ظروف المجتمع الآن ضرورة.

بينما يرى الدكتور اسامة السيد عبد السميع استاذ الفقه المقارن في كلية الشريعة والقانون بجامعة الأزهر ان المحاكم الشرعية في مصر قبل إلغائها بموجب القانون 462 لسنة 1955 كانت مختصة بالنظر في مسائل الأحوال الشخصية ويوجد معها القضاء العادي والقضاء الملي الخاص بغير المسلمين، ولكن المشرع ألغى المجالس الملية والقضاء الشرعي وأبقى على القضاء العادي في عام 1955، فكان إلغاء المحاكم الشرعية ضربة قاضية جعلت التقاضي يمر بمنحدر خطير مما تسبب في تضارب الأفكار وتباين القوانين.

وقال الدكتور عبد السميع ان محكمة الأسرة تعد تطويرا في أنظمة القضاء في مسائل الأحوال الشخصية حيث تؤدي الى سرعة الفصل في المنازعات التي تنشأ بين الزوجين، أما القاضي في محكمة الأسرة فهو يعمل من خلال مواد موجودة لا يستطيع أن يتحرك بعيدا عنها.

واشار الى ان أي أمر يتعلق بالشريعة لا بد وأن نعود فيه الى المختصين بالشريعة لأنهم هم أهل الاختصاص ولما تعارف عليه المسلمون في ما يتعلق بالحياة الزوجية ليكون القول الفصل للقاضي الشرعي.

أما الدكتورة فوزية عبد الستار استاذة القانون بجامعة القاهرة ومقررة اللجنة التشريعية بالمجلس القومي للمرأة فترى ان محكمة الأسرة فكرة نشأت لتحقيق أهداف سامية أهمها محاولة التوفيق بين الزوجين للحفاظ على الكيان الأسري من التفكك، واذا تعذر التوفيق فتنظر المحكمة في جميع الدعاوى الناشئة على هذا النزاع مما يؤدي الى تيسير اجراءات التقاضي وسرعة الفصل في النزاع بين المتقاضين بدلا من تشتيت القضايا بين عدة محاكم كما هو الوضع الآن حيث تتم اقامة دعوى التطليق أمام محكمة ودعوى النفقة أمام محكمة أخرى وهكذا.

وقالت ان من أهم مزايا المحكمة ان القضاة يحيطون بالمشكلة أساس النزاع من جميع جوانبها وبالتالي يكونون أقدر على سرعة الفصل فيها فيكون حكمهم أقرب لتحقيق العدالة.