دعوة لتجديد الخطاب الديني من خلال التجديد في أساليب الدعوة الإسلامية

TT

في إطار الجهود التي يبذلها المجلس الأعلى للشؤون الاسلامية في القاهرة للنهوض بالدعوة الى الله بالحكمة والموعظة الحسنة، اصدرت لجنة التأليف والنشر بالمجلس اخيرا دراسة في كتاب بعنوان تجديد الخطاب الديني للدكتور سالم محمود عبدالجليل الاستاذ في جامعة الأزهر، الذي أكد ان التجديد في الخطاب الديني ليس المقصود به تغيير معالم الدين، فالاسلام هو الدين الذي كتب الله عز وجل له البقاء وارتضاه للبشرية جمعاء من لدن آدم الى أن تقوم الساعة وتمامه وكماله صفتان لازمتان له لقول الله تعالى: اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الاسلام دينا .

وأوضح ان الدعوة الى التجديد ليست موجهة الى الاسلام الذي هو دين الله تعالى إنما هي دعوة الى أصحاب العقول وبالذات الدعاة ـ الذين يدعون الى الدين ـ الى مراجعة أنفسهم في مدى فهمهم لكتاب الله عز وجل واستمساكهم بشرع الله وترتيب الأولويات مما يجب عليهم فعله وما يجب أن يبدأوا به، وهذه المراجعة هي بمثابة إعادة ترتيب عقل الداعية الذي بدوره يجدد للأمة دينها ويبعث فيهم روح الاخلاص لله والعمل بسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، فالتجديد هو تجديد لأمر الدين ومكانته وسلطانه وليس تجديدا للدين نفسه، والمسلمون في حاجة الى هذا التجديد وللتجديد في كل ميدان، فمن رحمة الله بالمسلمين انه يبعث مجددا على رأس كل مائة سنة كما ورد في الحديث النبوي، عن أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ان الله يبعث الى هذه الأمة على رأس كل مائة سنة من يجدد لها دينها .

وتحت عنوان ضرورة التجديد في اسلوب الخطاب الديني يشير الدكتور سالم محمود عبدالجليل الى ان استمرار الداعية في مسجده أو في مكان دعوته يعتبر من أهم الأسباب لنجاح دعوته بشرط ان يجدد في خطابه وينوع في أسلوبه ويحسن اختيار موضوعه وإلا أصبح مملا.

وينصح الدكتور سالم محمود عبد الجليل بأن يلتزم الداعية التجديد دائما في خطابه، وهذا يقتضي منه القراءة المتواصلة ومراجعة أحداث المناسبة التي سيتحدث عنها، وان يحاول الربط والتحليل المنطقي السليم للاحداث الجارية وان يربط الماضي بالحاضر والحاضر بالمستقبل ثم ينتقل للحديث عن أنماط التجديد، ويؤكد ان التجديد ليس مطلوبا في الايمان كما يكون في الوضوء.

وفي القسم الثاني من الدراسة يتحدث الكاتب عن أساليب الدعوة، مؤكدا ان أنجح داعية على الاطلاق هو سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، فالله سبحانه وتعالى علمه من الأساليب الدعوية ما استطاع بها أن يشد انتباه السامعين وأمره سبحانه وتعالى باستعمال ثلاثة أساليب على وجه التحديد وان كانت في معانيها شاملة متجددة لكل عصر وجيل قال تعالى: ادع الى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن وأول هذه الاساليب: الحكمة، ثانيها الموعظة الحسنة، وثالثها الجدال بالتي هي احسن.

ويعقب الدكتور سالم محمود عبد الجليل ليس معنى هذا ان الاساليب محصورة في هذه الثلاثة بل هناك أساليب أخرى استعملها القرآن الكريم مثل القصة والمثل.

وتحت عنوان وسائل الدعوة يقسم الكاتب الوسائل التي بها يستطيع الداعية تبليغ دعوته للناس الى قسمين معنوية ومادية، وعن الوسائل المعنوية يوضح الكاتب انها تتمثل في الاخلاق الحميدة التي لا غنى للداعية عنها حتى يستجاب له ويقتدى به، ويضيف الدكتور سالم محمود عبد الجليل القصد بالوسائل المادية تلك الوسائل المحسوسة من الأقوال والحركات والأدوات.