علماء دين وقانونيون مصريون: حرمان الأرمل من معاش زوجته مخالف للشريعة الإسلامية

TT

أثارت التعديلات الأخيرة التي جرت لقانون التأمينات الاجتماعية، والتي تقضي بحرمان الزوج «الأرمل» من معاش زوجته بعد وفاتها إلا بشروط معقدة جداً كما يعطي الحق للأرملة في معاش زوجها المتوفى بالكامل وذلك خلافاً للدستور المصري الذي سوى بين جميع المواطنين في الحقوق والواجبات ومنها حق الرجل في معاش زوجته بعد الوفاة وكذلك الزوجة، ردود أفعال في الأوساط الدينية والقانونية من حيث شرعية حصول الرجل على حقه في معاش زوجته بعد وفاتها وعدم شرعيته. ويؤكد الدكتور نصر فريد واصل مفتي الديار المصرية أن الشريعة الاسلامية جاءت منظمة لجميع شؤون الحياة، ومنها انها تركت بعض الأشياء بين الناس والبلدان وذلك لم يرد فيه نص معين، ومن هذه الأشياء العلاقة بين الأفراد في المجتمع وبين الرجل وزوجته وبين المواطن والحاكم الذي يسن القوانين وينظم المجتمع والعمل فيه. فجعلت العلاقة بين الزوجين في حال الحياة أن تكون القوامة والإنفاق للرجل وذلك مقابل حق القوامة على المرأة لقوله تعالى : «الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض وبما أنفقوا من أموالهم». وكذلك نظم العلاقة في التركة بعد الممات وجعل علاقة الزوجة أحد أسباب الميراث، وهي العلاقة السببية، والميراث هو كل ما تركه الميت حق له يصبح بعد وفاته حقا لورثته، وعلى ذلك يعتبر ما تتركه الزوجة بعد وفاتها تركة تورث بما فيها المعاش والتأمينات الاجتماعية بحكم ان المال سبق ان دفع أمانة لدى التأمين والمعاشات ويرد للمستحقين بعد الوفاة وعلى ذلك، فاللزوج الحق فيه بحكم انه أحد الورثة لقوله تعالى «ولكم نصف ما ترك أزواجكم إن لم يكن لهن ولد فإن كان لهن ولد فلكم الربع مما تركن».

وأضاف ان هذا المال يعود على جميع ورثة الزوجة شأنه شأن جميع التركة ولا يصح أن يحرم منه الزوج لأن هذا لا يتفق مع الشريعة الاسلامية هذا إذا اعتبرت أن هذه المستحقات تركة من حق الزوجة ولا يقاس على أن حق الانفاق على الزوج لأن هذا قياس مع الفارق لأن الانفاق والقوامة مقابل حق الاحتباس وهذا في حال قيام العلاقة الزوجية أثناء الحياة وبموت الزوجة يعتبر قيمة أقساط التأمين والمعاشات مبلغاً مودعاً أمانة لدى التأمينات الاجتماعية ويرد في حال إنهاء العقد وهو سن التقاعد أو الوفاة، وفي الحالة الأخيرة يقسم على جميع المستحقين للميراث ومنهم الزوج لأنه صاحب فرض وهو الأحق لأن هذه الأقساط دفعت من العمل الذي اقتطعت الزوجة من حق زوجها في الاحتباس والخروج للعمل في الوقت الذي يعتبر جميعه ملكاً للزوج، هذا من الناحية الشرعية باعتبار أن هذا المبلغ تركة. أما إذا اعتبر أن هذا المبلغ اعانة وان المعاش والتأمينات الاجتماعية هذه من سلطة ولي الأمر للتكافل الاجتماعي ولينظم حياة الناس، فان حرمان الزوج منه يعتبر تفرقة بين الناس لأنه يفضل بعض الناس على بعضهم من دون سبب شرعي وذلك كما جاء به الدستور المصري في المادة 40 منه التي تنص على أن «المواطنين لدى القانون سواء، وهم متساوون في الحقوق والواجبات». وقال ان من هذه الحقوق حق الزوج في معاش زوجته ومستحقاتها بعد الوفاة، وهذه المساواة أيضاً في الشريعة الاسلامية التي جعلت الناس جميعهم سواسية كأسنان المشط لا فضل لأحد على أحد إلا بالتقوى والعمل الصالح. وعلى ذلك فان حق المساواة موجود بين الرجل وزوجته في العمل وفي الخصم الشهري من الراتب لصالح المعاشات والتأمينات الاجتماعية. فكما يخصم مبلغ من الراتب الشهري لصالح المعاشات والتأمينات من الزوج كذلك يخصم نفس المبلغ وبذات الضوابط من الزوجة، الأمر الذي تصل إليه في النهاية ان حرمان الزوج من معاش زوجته يعتبر تفرقة تنهى عنها الشريعة الاسلامية وتناقض مبدأ المساواة في الشريعة والدستور المصري.

وقال الدكتور عبد العزيز فرج محمد موسى، استاذ الفقه المقارن بكلية الشريعة والقانون في جامعة الأزهر في القاهرة، ان المعاش يعد من التركة التي يتركها الميت لورثته الشرعيين، موضحاً ان نظام المعاش نظام يخضع لقوانين الدولة والقوانين الوضعية ومن حق الزوج ان يرث معاش زوجته، نصفه إذا لم يكن له أولاد، وربعه إذا كان له أولاد وكذلك الزوجة ترث الربع أو الثمن. وأضاف من حق الزوج الحصول على حقه في ما تركته الزوجة سواء كان عقاراً أو معاشاً أو غير ذلك مما يورث.

ويؤكد المستشار رشاد عبده المحامي ان التركة هي كل ما يتركه الميت بعد موته من أموال وممتلكات، والمعاش الذي يحصل عليه الموظف يتم استقطاعه من راتبه الشهري، فاذا كان المعاش أساسه من مال مستقطع من الشخص الموظف ليصبح في النهاية مالاً مجمداً فبالتالي تسري عليه أحكام الميراث التي تتجلى في ثلاثة شروط هي تحقق حياة المورث بعد موت المورث، ثانياً تحقق موت المورث، ثالثاً العلم بمقتضى الارث، فإذا تحققت هذه الشروط يصير الزوج وريثاً شرعياً لزوجته في معاشها الذي هو جزء من تركتها، حسب الدستور المصري في مادته الثانية التي تنص على أن الاسلام دين ودولة، والشريعة الاسلامية مصدر للتشريع.