وزير الشؤون الإسلامية السعودي: استبعاد عدد كبير من الأئمة والمؤذنين لتقصيرهم في أداء أعمالهم

آل الشيخ: الخطبة ليست قناة إخبارية والخطيب ليس مذيعا أو صحافيا

TT

نجح برنامج العناية بالمساجد الذي أطلقته وزارة الشؤون الإسلامية والاوقاف والدعوة والارشاد السعودي، بمبادرة من وزيرها الشيخ صالح بن عبد العزيز آل الشيخ، في اسهام فاعلي الخير والعديد من الجهات الخيرية المختلفة بمبلغ 150 مليون ريال لخدمة بيوت الله في كل من الرياض والمدينة المنورة، مما شجع الوزارة على تمديد مدة البرنامج لمدة سنة كاملة، بخلاف ما هو مقرر بهدف إيصال فعاليات البرنامج إلى جميع مناطق السعودية.

وخلال رعاية الوزير آل الشيخ الذي يرأس اللجنة العليا لبرنامج العناية بالمساجد ومنسوبيها لاجتماع رؤساء اللجان المركزية للبرنامج ومديري فروع الوزارة فقد تم متابعة أعمال وإنجازات فروع الوزارة وكافة قطاعاتها المختلفة في مناطق السعودية ومحافظاتها ومراكزها تحقيقاً للغايات والأهداف المرسومة للبرنامج الذي يتركز عمله على بناء المساجد وصيانتها وترميمها والعناية بالأئمة والخطباء والمؤذنين، وخدم المساجد، وكذلك دراسة واقع الحال وإعادة تقييمه.

وقد وجه الوزير آل الشيخ، شكره للجميع على ما تحقق من هذا البرنامج سواء من مديري الفروع وعبر اللجان المركزية والفرعية في مختلف مناطق السعودية، منوها معاليه بجهود فاعلي الخير وتفاعلهم للبرنامج، حيث بلغ مجموع التبرعات التي وصلت الوزارة من التبرعات في منطقة الرياض ثمانين مليون ريال، كما بلغت التبرعات التي وصلت الوزارة من فاعلي الخير في منطقة المدينة المنورة سبعة وخمسين مليون ريال، خصصت للقيام بأعمال الصيانة والترميم وإعادة البناء للعديد من المساجد والجوامع بمنطقتي الرياض والمدينة المنورة بخلاف ما خصصته الوزارة لذلك، مهيباً معاليه ـ في ذات الوقت ـ ببقية فروع الوزارة الحذو حذو فرع الوزارة في منطقة الرياض، وفرع الوزارة في منطقة المدينة المنورة بتفعيل أعمالهم وإنشاء اللجان الخاصة لجمع التبرعات.

وأعلن وزير الشؤون الإسلامية خلال الاجتماع أنه نتيجة للتفاعل الكبير الذي لمسته الوزارة من المواطنين بتشجعيها في أعمالها المنوطة بها من خلال برنامج العناية بالمساجد ومنسوبيها، فقد تمت الموافقة على تمديد مدة البرنامج لمدة سنة كاملة بخلاف ما هو مقرر له، لتتمكن الوزارة من إيصال فعاليات البرنامج إلى جميع أطراف مناطق السعودية من دون استثناء.

ولفت رئيس اللجنة العليا لبرنامج العناية بالمساجد ومنسوبيها، النظر إلى أنه نتيجة لهذا الإقبال الكبير من المواطنين في الإسهام في فعاليات هذا البرنامج، فقد قلّت الشكاوى التي ترد الوزارة بشأن حصول بعض القصور في أداء بعض المساجد والجوامع، مطالباً معاليه بأهمية وضع خطة عمل لتنفيذ برنامج العناية بالمساجد ومنسوبيها ومضاعفة إبراز الجهود الخيّرة لما تحقق في وسائل الإعلام.

وطالب الوزير آل الشيخ خلال الاجتماع المجتمعين بتكثيف الفرق الميدانية لمتابعة أحوال المساجد عن قرب، ومعالجة الأمور أولاً بأول بالتعاون مع فاعلي الخير والمؤسسات الخيرية التي تبدي رغبتها بالإسهام في هذا الشأن، حاثاً مديري فروع الوزارة على زيادة متابعة أعمال البرنامج ميدانياً، كما شكر رؤساء وأعضاء اللجان المركزية للبرنامج ومديري عموم فروع الوزارة على ما تحقق من إنجازات في هذه المدة الوجيزة التي فاتت على البرنامج، وأثنى على الجميع لما تحقق من إنجازات كبيرة من حيث الإمامة والأذان ومراقبتهم وإعادة التقييم، وكذلك أعمال الصيانة والترميم وإعادة الإنشاء، مشيراً إلى أن ذلك ما كان ليتحقق لولا توفيق الله سبحانه وتعالى ثم بالتعاون الجماعي في هذا الصدد.

واستعرض وزير الشؤون الإسلامية التقرير المرفوع له من اللجنة المركزية الفنية والمالية للعناية بالمساجد ومنسوبيها لإنجازاتها خلال الستة أشهر الماضية، منذ انطلاق البرنامج وحتى الآن، الذي أبان أن إجمالي المبالغ المرتبط بها والمحجوزة لفروع وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والارشاد في مختلف مناطق السعودية، بلغت سبعة وخمسين مليوناً وأربعمائة وتسعة وتسعين ألف ريال، لتنفيذ مائة وواحد وعشرين مشروعاً لبناء وإعادة إعمار وصيانة عدد من المساجد والجوامع في مختلف مناطق السعودية.

* توثيق الصلة مع الأئمة

* بعد ذلك ناقش الوزير والمجتمعون المعوقات التي اعترضت فعاليات برنامج العناية بالمساجد ومنسوبيها من جميع النواحي، ووجه بضرورة إيجاد الحلول الناجعة لها لتجنبها بهدف تسهيل عمل المعنيين في البرنامج ليتم تحقيق الأهداف والغايات المرجوة في سرعة وسهولة من دون أدنى تأخير وتعطيل.

وقال آل الشيخ، إن البرنامج حقق نسبة أكبر مما كنا قدرناها له في فترة الأشهر الستة الماضية، حيث قامت اللجان الشرعية الفرعية بزيارة المساجد، وتقييم الأداء بالنسبة للأئمة والمؤذنين والخطباء، كما قامت اللجان الفنية بالوقوف على أوضاع المساجد من النواحي الإنشائية والهندسية.

وحول البرنامج وأهدافه وإنجازاته، قال: إن البرنامج هدف إلى توثيق الصلة بالأئمة والمؤذنين، وتوثيق الصلة بالناس، كما حقق ثقة الناس بهذا البرنامج وأهدافه المباركة، حيث لاحظوا أن هناك كثيراً من المساجد هدمت وأعيد إنشاؤها، كما رمّمت مساجد أخرى، مؤكداً على أهمية التفاعل بين الناس والوزارة في ما يخدم بيوت الله.

ولفت النظر إلى أن من ثمار هذا البرنامج زيادة حرص الأئمة والخطباء والمؤذنين على الالتزام بواجباتهم المناطة بهم، خاصة في ظل تواصل زيارة اللجان الشرعية لهذه المساجد، ومتابعة منسوبيها وأدائهم في ما يخدم بيوت الله ورسالتها الإسلامية، وجموع المصلين، موضحاً أن عدداً كبيراً جداً من الأئمة والمؤذنين استبعدوا في مختلف مناطق السعودية، وهناك عدد كبير منهم عندما أحسوا بالأمر وعدم تفرغهم للمسجد قدموا استقالاتهم، ومنهم من طويت قيودهم بموجب النظام.

وأضاف: إن البرنامج حقق مصلحة كبيرة في أن المؤذنين والأئمة الذين تدنى مستواهم ألحقوا بدورات تأهيلية، لمن لم يحسن القراءة يتعلم القرآن، ومن لم يحسن الأذان يتعلم الأذان، كذلك الإمام الذي عنده نقص في فهم فقه الصلاة يلحق بدورات يشرف عليها عدد من العلماء، وطلبة العلم والاساتذة، لتفهيمه كيف يكون فقهه في صلاته وفي دعائه وفي إمامة الناس.

وعبر عن رضاه مما تم إنجازه من البرنامج في المدة الماضية، رافعاً بهذه المناسبة شكره باسمه وباسم منسوبي الوزارة كافة، لمقام خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز آل سعود، وسمو ولي عهده الأمين، وسمو النائب الثاني ـ حفظهم الله، على دعمهم لهذا البرنامج وموافقتهم عليه.

كما وجه شكره لجميع من تعاون مع الوزارة في هذا البرنامج من أصحاب الفضيلة المشايخ في اللجان الشرعية وطلبة العلم في اللجان الميدانية لمراقبة المساجد، كذلك الشكر لكل المتعاونين معنا من المهندسين والفنيين المتطوعين وغير المتطوعين بهذا البرنامج، متقدما ـ في ذات الوقت ـ بوافر الشكر والدعاء لكل من أنفق في سبيل بناء المساجد وترميمها وإنشائها.

ورداً على سؤال حول وظائف الأئمة والخطباء وأن أغلبهم من المتعاونين، ولماذا لا يوظف خريجو كليات الشريعة على هذه الوظائف بشكل رسمي، قال الوزير آل الشيخ: إنه لا يوجد متعاونون إلا ما ندر، وأن كل من هو إمام ومؤذن يأخذ مكافأة على إمامته أو أذانه، فهو ليس متعاوناً بمعنى أنه متبرع بذلك، إنما هو يأخذ أجره أو يأخذ مكافأته، أما مسألة التفرغ، فالتفرغ خلاف هدي النبي صلى الله عليه وسلم وهدي الصحابة رضوان الله عليهم، وعمل أئمة الإسلام، فليس من شرط الخطيب أن يتفرغ للخطابة، وليس من شرط الإمام أن يتفرغ للإمامة، وقد يكون عنده وقت كبير لا يدري بماذا يشغله، لكن وجود بعض الخطباء وبعض الأئمة يتفرغون في بعض المناطق وبعض الأحياء للحاجة إلى ذلك، هذا مبدأ لا بأس به، لكن تعميم الفكرة بشكل عام بتفرغهم هذا غير متاح، خاصة أن لدينا أكثر من خمسة وثمانين ألف وظيفة وهذا غير ممكن بتاتاً.

ورداً على سؤال حول خطب الجمعة وآلية متابعة الخطباء، وهل هناك توجيهات معينة لهم عند إلقاء الخطبة، قال الوزير: إن الصلة دائمة بخطباء الجمعة في أدائهم لأعمالهم، وتوجيه الخطباء بما ينبغي أن يطرحوه في خطبهم سواء كان الاتصال عبر لقاءات مفتوحة نعملها مع الخطباء، أو كان عبر مواصلة الاتصالات الشخصية، أو عبر رسائل تأتيهم، فواجب الخطباء معروف، لكن الواقع، أحياناً، المرير الذي تمر به الأمة يحمل بعض الخطباء على أن يعالج الموضوعات بمعالجة غير مكتملة الجوانب شرعاً.

وفي هذا الصدد، أوصى الوزير الخطباء والأئمة أن يزدادوا من العلم الشرعي، وأن يزدادوا بأخذ العلم من أهله من المتحققين به، ومن الراسخين في العلم، وأن يستشيروا أهل العلم الكبار في ما يطرقونه من موضوعات في الخطبة، مبيناً أن الخطبة ليست مجالاً للاجتهادات الفردية.. حاثاً معاليه الخطباء على الالتزام بما هو متفق عليه من الكتاب والسنة، وأن يوجهوا الناس بما جاء في النصوص، أما المسائل الاجتهادية التي ينفرد بها الخطيب، فليس له الحق في أن يعطي اجتهاداته الفردية لمسجد لا يخصه، فالمسجد هذا لعامة المسلمين، والمسلمون يرغبون بأداء الخطبة أن تكون تعرفهم بما أوجب الله جل وعلا عليهم في الكتاب والسنة، وبما جاء في النصوص، فالخطيب مطالب بأن يجعل خطبته في ما اتفق عليه من فقه الكتاب والسنة، بمعنى بما لا يدخل في اجتهاداته الشخصية، إنما يذكر أقوال أهل العلم ويذكر أقوال المفسرين، ويذكر ما يقرب الناس إلى ربهم بما جاء في النصوص.

واضاف قائلا: أما الاجتهادات الفردية والرؤى الخاصة ببعض الخطباء هذه ليس له الحق في أن ينقلها إلى المصلين، لأنها خارجة عما جاء في النصوص، أما لو كانت في فقه النص ولو كانت في المسائل الواقعة حالياً، أو ما يمس حاجة في الناس في أي مجال فهذا صحيح، إذا كانت في فقه النص، أما إذا كانت تقارير إخبارية وسياسية فهذا ليس صحيحاً، فالخطبة تنزّه عن أن تكون إذاعة، أو أن تكون قناة، أو أن يكون الخطيب مذيعاً أو صحافياً، ولهذا أعجبني قول بعض طلبة العلم من الخطباء المتميزين، قال «أنا أخطب بما يُراد شرعاً لا بما يطلبه المستمعون»، فالناس كونهم يتوقعون من الخطيب أن يأتي بشيء وهو ليس بمطلوب شرعاً، فالخطيب ليس شخصاً لما يطلب الناس، إنما لتوجيه الناس بما ينفعهم، وهذا الذي ينفعهم هو ما جاء في النصوص وعليه قواعد الشرع، ونص عليه أئمة الإسلام، والخطباء ـ ولله الحمد ـ تفهموا هذا الأمر، وعندهم وعي بذلك، لكن يوجد من يحتاج إلى مواصلة بيننا وبينه أكثر وأكثر لإيضاح الحقائق الشرعية.