علماء متخصصون في علوم القرآن يطالبون بالتصدي لمحاولات كتابة المصحف بالخط الإملائي

TT

طالب علماء الازهر والمتخصصون في علوم القرآن بالتصدي للدعاوى التي تهدف الى تشويه وتحريف المصحف واعادة كتابته بالخط الاملائي الحديث بدلا من الرسم العثماني المكتوب به المصحف في عهد سيدنا عثمان بن عفان رضي الله عنه. والذين يروجون الان لكتابة المصحف بالخط الاملائي يحتجون بأن في هذا الاقتراح تيسيرا على الناس لقراءة القرآن الكريم وحفظه، وان الرسم العثماني المكتوب به المصحف الآن هو عمل بشري لا صله له بالوحي لان الله تعالى انزل القرآن الفاظا مسموعة ولم ينزله كلمات مطبوعة فان إعادة كتابته بالخط الاملائي لا تمس قدسية الوحي.

وقال الدكتور عبده زايد الاستاذ في كلية اللغة العربية في جامعة الازهر بالقاهرة هناك فرق بين امرين: كتابة المصحف واخراجه وكتابة آيات القرآن في صحيفة أو مجلة. وأضاف ان الكتابة التي تكتب في المصحف تأخذ شكل الرسم العثماني لانه اخذ به على مستوى العالم الاسلامي فهو يتعلق بالصورة المأمونة والشكل الصحيح الدقيق الذي يعي مقاصد الكتاب العزيز وعلى اساسه تتعرفه الاجيال جيلا بعد جيل، ولا سيما انه اصبح أمرا توقيفيا تتوفر الامة على الحفاظ عليه منذ كتب المصحف في عهد الخليفة الراشد عثمان بن عفان رضي الله عنه الى الآن سدا للذرائع ودفعا لما يترتب على تطوير الرسم من خلال الافهام ووقوع التغيير أو التحريف. وأشار الى انه لو طبع المصحف بالخط الاملائي ستصبح لدينا مصاحف مختلفة الامر الذي يثير الشكوك والظنون فليس هناك حاجة لتغيير كتابة المصحف بالخط الاملائي لان الفائدة التي تترتب على هذا لا تتناسب مع المخاطر المترتبة.

وقال الدكتور زايد: لا ارى ان الرسم الاملائي ملائما خاصة انه يتعرض للتعديل والتبديل والذين يقرأون المخطوطات سيعرفون ذلك. وأضاف ان الله سبحانه وتعالى ييسر لكتابه من يحفظه من المسلمين وغير المسلمين مصداقا لقوله تعالى «إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون». فقد اصبحت التكنولوجيا الحديثة التي ابتكرها غير المسلمين تخدم كتابه عز وجل بعد ان تضاءلت مهمة الكتاتيب فقام البديل مثل اجهزة الكومبيوتر.

وقال الدكتور عبد العظيم المطعني استاذ الدراسات العليا في جامعة الازهر ان الدعوة الى إعادة كتابة المصحف الشريف بالخط الاملائي الحديث إنما تهدف في النهاية الى اخراج المصحف من ثوبه الذي عرف به منذ صدر الاسلام، فمن المعروف ان المصحف الشريف كتب بالرسم العثماني في خلافة سيدنا عثمان بن عفان رضي الله عنه حين كثرت المصاحف وتباينت وكثر الاختلاف في نطق الآيات خاصة في القراءات.

واجمع اصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم على توحيد رسم المصحف ونطق آياته كما انزله الله تعالى على خاتم رسله صلى الله عليه وسلم واستبعاد ما عداه من المصاحف غير الموثوق بها وقد تم ذلك في ستة مصاحف معتمدة ارسل الخليفة منها خمس نسخ موحدة الى الاقطار الاسلامية في عهده واحتفظ بالنسخة السادسة وهي المسماة بالمصحف الإمام. وكان هذا التوحيد اجل عمل قامت به الامة في خلافته وهو أصل كل المصاحف. كما كان هذا العمل الجليل انجازا لوعد الله تعالى بحفظ كتابه في قوله تعالى «إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون».

وأكد الدكتور المطعني ان الرسم العثماني ليس بدعة ابتدعها سيدنا عثمان بن عفان رضي الله عنه أو كاتبو المصحف في عهده لأن القرآن الكريم كان مكتوبا مفرقا في حياة النبي صلى الله عليه وسلم والذين كتبوه في عهده نقلوه من مصادر كما كتب في حياة النبي صلى الله عليه وسلم. اذن، فالرسم العثماني ليس عملا بشريا محضا كما يدعي مروجو هذه الدعوة الباطلة. ايضا ليس كل ما في القرآن الكريم مخالفا للخط الاملائي الحديث بل هي كلمات مهما كثرت فلا تخرج الرسم العثماني من دائرة الخط المعروف عند جميع الناس. فالقرآن لا بد من سماعه من حفظة متقنين مجودين عارفين لمخارج وآداب الحلاوة، وبقاء الرسم العثماني ضروري لتلقي القرآن سماعا، والسماع هو اقوى طرق التحمل والأداء.

وقال الدكتور عبد الرحمن العدوي عضو مجمع البحوث الاسلامية في الازهر ان المسلمين في سائر الاقطار الاسلامية تلقفوا المصاحف العثمانية كما يتلقف الظمآى الماء، وبالتالي فان الالتزام بالرسم العثماني مظهر من مظاهر وحدة المسلمين على كتاب ربهم وتمسكهم ومبالغتهم في الحفاظ على القرآن الكريم شكلا وموضوعا، صورة وبناء. واضاف ان بقاء الرسم العثماني من اكبر العوامل التي تدفع المسلمين الى تلقي كتاب الله بالتلقين من أفواه القراء.

وأشار الدكتور العدوي الى لجنة المصاحف التابعة لمجمع البحوث الاسلامية تتكون من العلماء الحافظين لكتاب الله تعالى المتمكنين في الدراسات المتصلة بالقراءات والوقوف ورؤوس الآيات والرسم العثماني، الذي هو رسم المصحف المتواتر منذ نسخه في عهد سيدنا عثمان عندما وزعه على الامصار الاسلامية. وهذه اللجنة لا تعطي تصريحا بطبع المصحف الا بعد التأكد من البروفات عدة مرات والاطمئنان على كل حرف بل على كل نقطة أو شكل فوق الحروف. وأكد على ان القرآن الكريم له من القداسة في نفوس المسلمين جميعا ما يستوجب العناية الفائقة في تلاوته وحفظه وطباعته وعدم تغيير رسمه العثماني واعتبار ذلك من الفرائض التي يجب على كل المسلمين اداؤها.